السبت 2024/5/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 35.95 مئويـة
قصة قصيرة لمعان
قصة قصيرة لمعان
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

علي حداد

 

الكلمة

حين يفقد الانسان لمعانه وبريقه..

يصبح مثل فأر عجوز لاتأبه به ..

حتى القطط السائبة                                                 

الاهداء :  الى

الشاعر الجميل والصديق  الذي لم اتفق معه مرة فوزي كريم هو وصادق الصائغ والى الرائع والنقي فهد الاسدي  والى  لؤي رضا عبد الحسين..    والى كل من اضفى على حياتي شيء من المعنى

كان شارع غازي يقف < على تك رجل > مستنفرا بكل مايحمله على ظهره من صغار ورجال ونساء وبائعين متجولين..حين تمشي لمعان او ..حين تقف تحت مظلة باص مصلحة نقل الركاب كانت تضىء الشارع بأبتسامتها الخفيفة وشعرها المنثور على كتفيها كأنه يعلن عن ثوره لايعرف احدا متى ستنفجر ..وانا اقف امام باب دكان والدي و ارقبها عن كثب كانت تشعر بان قلبي يتلوى وهي تدوس عليه بحذاءها وكعبها المدبب ينغرز في بطينه الايمن و شريانه الابهر كنت احسها تعرف بلوعتي وحسراتي وأهاتي وحين اصطحب الراديو الترانسستر معي الى سطح البيت وانا اسمع لميعة توفيق وام كلثوم ..كلهم يغنون لي وللمعان  فجأة احسست بيد ابي وهي تضرب على كتفي بسخريه وازدراء

- ها عباس  <انت بليه شي اثول انوب وكعت ويه لمعان شراح يطلع هالزمال من هلطينه>

كانت تسترق النظر الى وكانت حين تصعد الى الباص رقم 18/1 كانت تجلس في الطابق الثاني  ثم تلتفت الي وتطيل النظر  ..الى تمثال من رخام  بعينين أدميتين  الى ان يختفي الباص عن الانظار ..كنت الوحيد الذي كان يضع الجرائد تحت ابطه ..وكنت اعتني بملابسي واضع الدهون على شعري واصبغ حذائي عند توفيق الكردي وهو من افضل

صباغي الاحذيه في العالم كما يقول عنه جواد باتا.. ذات يوم  وهويصبغ لي قال وهو يضحك ضحكته المبتورة العجيبه

-  < كاكه عباس والله صاحبتك تخبل >

كل الاولاد والنساء والرجال عرف ان لمعان صاحبتي ..وذات صباح مشرق كان فراش عيادة الدكتور بدر ينظر الى بنظرته البلهاء وهو يهز برأسه قائلا

- < جا غير صاحبتك مشت ..من انهجم  بيتهه شلون لشه شايله ..عود  احنه مكيفين ماخذينه  نسوان     تكول  عبالك شرطة..والله العظيم شرطة>

فكرت في ساعة غضب ان أعض ابي من لوزتيه لكن حين غادرني الغضب عدلت عن تلك الفكرة اذ بأمكانه نشر الخبر بألاشارات ..كنت استيقظ في السادسه صباحا لآخذ حماما واتناول افطاري وارتدي ملابسي المكويه التي قمت بترتيبها منذ البارحة فموعد لمعان السابعه والنصف ..لمعان التي يعرفها الجميع حتى سلمان سائق باص مصلحه نقل الركاب والجابي سليم الوسخ ...كان سلمان ينتظرها حتى لو تأخرت كأنها عروس لاتتم الزفه الابحضورها ..الرجال لم يكونوا يتذمرون من الانتظار بل كانوا متلهفين لعطرها ومشيتها واسنانها وهي تكشف عن ابتسامه تضيء صباحهم ..لكن النساء أه منهن

- < لايتحرك ولايتزحزح ابو كرون  إله تجي المستوره ..موت الشالك سلمان ..يابه اذا مكتلهه لصبريه  واخليهه اجر اذنك ياسلمان ..اني فلا بت ابويه>

- منو سلمان

- غيرهذا السايق البومة!!!

استدعوني الى الخدمة العسكريه وجدت نفسي في عالم غريب  وخشن ليس فيه من رقة لمعان ولامشية لمعان  ولا ابتسامه لمعان فقد كنا نمشي مشيه وحوش ونصرخ طوال الوقت وندخل السجن ونتمرغ في الطين ونسهر الليل حاملين بنادقنا الثقيله و..قف سر الليل ..تقدم قف.. خفت على نفسي فليس من المعقول ان  عباس كينك كونك يحب لمعان..  وابتسامتها الخفيفة ..ذات مساء نقل الى وحدتنا جواد باتا الذي كان مصعوقا وهو يرى نفسه بعيدا عن أحذيته ودكانه واصحابه ومعارفه وعالمه

- <عباس صاحبتك صارت محظيه. سياره مرسيدس مظلله تأخذها ومرسيدس تأتي بها اخر الليل تنزل وهي تترنح رأيتها بأم عيني!!   عباس واذا اردت التأكد أسال صالح الجرخجي وتحولت ابتسامتها الى  ضحكه مثل  عاهرة مصريه أسأل صالح الجرخجي خوب هو واحد يخاف الله وميكذب الله وكيلك محمد كفيلك شفتهه بعيني  ومحد كلي>

كان الليل  بلا نجوم .. لم ير جواد باتا الدموع وهي تتللأ في عيني..ابنه الشارع غازي كيف ألتهمها الاعراب ..رايت سيارة المرسيدس في الليل.. وفي  الصباح في السابعة والنصف لم يعد سلمان ينتظرها ولا سليم الوسخ. اشرت لسيارة تاكسي واستقرت في المقعد الخلفي.. فجأة وقع نظرها على.. بدت مرتبكه كأني امسكت بها

بالجرم المشهود..غطت وجهها والتفتت الي وانا اشيعها بنظراتي الخائبه المتسائله .. ثم..سافرت حيث بلاد الله لظرف خاص سأحدثكم عنه في قصة اخرى وحين عدت بعد سنوات أيقظني ابي في الساعة السادسة صباحا كان يهزني برفق ويمشي  على  أطراف أصابعه   برفق   ايضا ويهمس لي برفق عجيب

-   < كوم عباس كوم شوف صاحبتك >

تركته يخرج من غرفتي ونهضت مسرعا ودخلت الحمام وتناولت افطاري وارتديت اجمل ملابسي بربطة عنق ورديه راحت امي  تبخرني وتردد شيئا عن الحاسدين ..كنت اهرب من عشقها لسنين ..لكنها بقت لمعان حياتي وبريقها وانا المع حذائي على يد كاكة توفيق الذي ضحك ضحكته المبتورة وهو يقول

-  < كاكه  عباس صاحبتك لتشوفهه احسن..اكلك احسلك لتشوفهه>

خلت ان هذا الكون قد اعتراه جنون او  صار  مثل حكايات جدتي فأبي اولا وكاكة توفيق ..وهادي الجايجي حاول ان يكلمني وهميان الحمال والمصور ابو راسين ونعمة ابو المعلاك وابو جورج < ابو العرك والكحاب > ايه يا ابي هل بقى احد في دربونة  العانة وشارع  غازي لم تخبره بقصة حبي

رأيت امرأة  بدينه مترهله تنتظر باص المصلحة ..وكانت تنظر الى بدهشه واستغراب لم اعر لها اهتماما الى ان لكزني توفيق الكردي قائلا

- < عرفت هاي السمينه  منو كاكه عباس هاي السمينة صاحبتك >

فصعقت بآمرأة سمينه لا تشبه لمعان ولا تشبه مشية لمعان ولا   تشبه ابتسامه لمعان  ولا وجهها يشبه وجه لمعان ..رحت أتأملها بدهشه مصعوقا اقف كتمثال ابله ..ماذا فعل الاعراب بلمعاني ..حتى سلمان   حين توقف متذمرا رأيت اطنان من اللحم وهي تجر نفسها جرا وسليم الوسخ وهو يمد اليها يده ليساعدها على الصعود . وحين حطت بكوم

 

المشـاهدات 89   تاريخ الإضافـة 01/05/2024   رقم المحتوى 44793
أضف تقييـم