السبت 2024/5/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
اسئلة الذات وكينونة المكان في ديوان عدنان الصائغ/سماء في خوذة
اسئلة الذات وكينونة المكان في ديوان عدنان الصائغ/سماء في خوذة
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

قراءة ومتابعة/رزاق مسلم الدجيلي

مرة أخرى نقف على ديوان عدنان الصائغ سماء في خوذة الصادر في بغداد عام ١٩٨٨ واعيد طباعته ثانية في السويد مطلع هذا العام ٢٠٢٤،وهي وقفة أدبية لها حضورها الزمني بعد مرور أكثر من( ٣٥) عام، وربَّ سائل يسأل لماذا العودة إلى هذا الديوان، ولماذا اعيد طبعه مرة ثانية واسئلة أخرى تجوب الذاكرة وتستفز مكامن الذات وهي اسئلة  شتى في رحاب التاريخ والقصيدة والكلمة، اولاً ان هذا الديوان هو استنفار للواقع والبعد الزمكاني والدخول في أسئلة متشابكة  مع الذات في فترة عصيبة مرَّ بها العراق. وثانيا  ان ديوان استاذنا الصائغ  هذا هو بمثابة كينونة لاتنتهي على مر التاريخ ولو اعيدت طباعته أكثر من مرة لان الواقع العراقي يحتاج إلى أكثر من قراءة في تاريخه وصيرورته وبعده المحفز في عمق الزمن، ناهيك عن البعد الدلالي والمعنى اللغوي في الديوان والتي تأخذ حيزا كبيرا   في الذات العراقية  التي مازالت تتجلبب بالمعاناة، والحزن،  والألم، والانتظار، لما هو أكثر امانا واستقرارا في تاريخنا المعاصر، فالانثروبولجيا الإنسانية هي كفاح واجتهاد من أجل البقا ء والتحفيز إلى ماهو افضل في سلوك الإنسان وتوفير  مايحتاجه لبناء الذات الإنسانية، وبناء تطلعاتها في كل مناحي الحياة، فالادب واحد من مقومات تلك الذات بكل مافيه من الآثار الطبيعية، والنفسية، والثقافية، والاجتماعية، عدنان الصائغ هو قصيدة الماضي الذي اخذ كل شيء من ذاكرتنا والحاضر الذي يئن في عمق تلك الذاكرة، والمستقبل الذي مازلنا ننظر اليه لعله ينسينا مافات من أوجاعنا واحلامنا واشجاننا وحاضرنا المؤلم، فاسئلة الذات لاتختلف اطلاقا مع اختلاف الأماكن والازمنة وابعدها الممشوجة بالواقع، (سماء في خوذة) انثرو بولوجيا

متكاملة تدخل في عمق النصوص والقصائد الذي يجمعها الديوان بين صفحاته  ومنها مفتتح أولي، سماء في خوذة، بريد القنابل، بائعة التذاكر، زعل، شقة رقم (١)،جائع، نساء، لا اسم للحرب، وغيرها من القصائد، التي تركها لنا الشاعر مستقرة في وجدان وذاكرة المجتمع العراقي بكل اطيافه ويقول في قصيدة آخر المحطات-أول الجنون/

-هي..؟

-لا....

في الطريق المؤدي لموتي الاخير

انكسرت على حافة النافذة

فتشظيت فوق المقاعد

لملمني نادل البار وهو يلوك أغانيه- والفضلاتِ

تلوك المدينة بعضي

وبعضي توزع في الثكناتِ

(السنين شظايا

ولحمي عراء..)

ماالذي صنعت فيك هذي المدينة، أين ستمضي بهذا الخرابِ الذي هو انت.

(تتكيءُ الآن فوق الاريكة..ساهمة

ربما هي تصغي لنبض العصافير فوق الغصونِ

ربما ستُقلّبني المجلات..

أو ربّما...)

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وهاهو شاعرنا يُذكّرنا بكل دقائق الزمن فوق جلودنا بقصيدته( سماء في خوذة) والذي جعل فيها اسئلته المُسّتفزة وكأن هذه القصيدة هي حاضرة حتى في واقعنا الذي نعيشه الآن وبكل تفاصيله ففيها كلمات، الرصاصة، العراء، الخناق، الطفولة، الذكريات، الأمنيات لنقرأ منها/

ارتبكتُ امام الرصاصةِ

كنّا معاً

في العراء المسجّى على وجهه

خائفين من الموت ِ

جمعت عُمريَ في جعبتي..

ثم قسمته ُ.

بين طفلي.. ومكتبتي

والخنادق

(للطفولةِ، يُتمي..

ولامرآتي، الشعر، والفقر.،

للحرب ِ هذا النزيف الطويلُ....

للذكريات.. الرماد)

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ومن قصيدة بريد القنابل نقرأ هذا الحب الشفيف الذي يُلوّح به الصائغ دائما ً في قصائده ليقول/

أنت لو تفهمين إذن

كيف يربكني خجلي

حين تفضح وجهي مرايا النساء

كيف يكسرني زعلُ الأصدقاء

فأجمع كل نثاري

وأختار زاوية للحنين

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ومن قصيدة (زعل) نقرأ

في البدءِ،

سيفترق الكرسيّان، قليلاً

ويجفُّ العشب ُ النامي  فوق أصابعنا المتشابكة الأحلام

في البدء... ستذبلُ أزهار الاشياء

في البدءِ...

سنبكي في صمت

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وفي قصيدة صورة مرتبكة والتي حددها بمقطعين نطالع منها المقطع (١) ليقول

في الحديقةْ

ستجلسُ - كل مساء-

وفي كفِها

زهرة من حنين

تقطعُ أوراقها..

دمعة،

دمعة،

أو ملل

حينما تنتهي

سنلملم أوراق خيبتها

ونغادر باب الحديقة..

لاطيف.. لازهرة ... لاأمل

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وفي قصيدة عميقة المعنى يقول الصائغ بكل ثورته المشبوبة /

الفتى اللاهي الذي قد تذكرينْ

صار أبْ

وله طفلانِ او ذنبانِ، آهٍ وديونُ..

ووظيفةْ..

سرقتْ منه أراجيح الحنين

وأغاني الدربِ

والامطار

والوجد الدفينْ

الفتى.. آه.. الفتى

لو تعلمين

مالذي صنعتْ فيه مداراتُ الليالي

واحتراقاتك

والحلم الضَنِينْ

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وفي قصيدة (إلى شاعر برجوازي) يستفزنا مرة أخرى وهو يحمل فوق اكتافه  حزن الزمن والقصيدة والوطن ليقول/

أوصلتني القصيدة للفقر

هل أوصلتكَ القصيدة.. للفقْر؟

هل أسلمتكَ إلى حارسِ السجنِ

أو للتشرد

أو للجنون؟

كنا معأ نستفزُّ الازقّةَ

دشداشتين مشاكستين

وقلبين دون حذاء

وحُلماً  صغيراً

بديوان حبٍّ..

وكسَرةِ بيتْ

فكيف افترقنا إذن...

في دروب القصيدة..؟

......................................

وهكذا تأخذنا قصائد الديوان إلى مرافيء الزمر، ونبحث معها عن خبايا الحب، والآه، والألم، فقصائد الصائغ كانت ومازالت غضّةً نعيشها في كل وقت وستكون لنا وقفة أخرى مع قصائد (سماء في خوذة) ونبحر مع كلمات استاذنا الصائغ بكل ماللذكريات من معنى

المشـاهدات 66   تاريخ الإضافـة 03/05/2024   رقم المحتوى 44996
أضف تقييـم