
![]() |
من ابن الخطيب إلى واسط.. الدولة لا تتعلم |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
في مدينة الكوت مركز محافظة واسط لم يكن فجر الخميس فيها عاديا بل كان رمادا ثقيلاً ودمعا لا ينضب وصوتا مختنقا وسط دخان اشتعل في مبنى "هايبر ماركت الكورنيش" فأحرق أكثر من جدران وأرفف لقد التهم أرواحا بريئة أطفالا وعوائل بأكملها لم تغادر الحمامات قبل أن تختنق وتفنى داخلها في مشهد لا يشبه سوى المآسي الكبرى التي تتوارثها الشعوب وتبقى ندوبها في الذاكرة الجمعية للأجيال.ستون شهيدا أو يزيد غالبيتهم من المدنيين البسطاء وأمهات احتضن أبناءهن حتى الرمق الأخير وعوائل أُبيدت بكل أفرادها وأجساد تفحمت وأسماء فقدت في قوائم الطب العدلي وبين هذا الحزن الخانق يخرج من يحاول تسييس الفاجعة ليجر الحريق من جدران المبنى إلى منصات الخطاب ويتحدث بلغة المكاسب والخسائر وكأن أرواح الضحايا أرقام قابلة للتفاوض.لو نظرنا الى أصل الواقع نجد ان المأساة أكبر من مجرد حريق إنها فضيحة تجسد عجز الدولة عن حماية أبنائها في لحظة طارئة وتترك علامات وجع لا تمحى على جبين الحكومة المحلية والمركزية فالفاجعة ليست الأولى بل سبقتها كوارث مشابهة في مستشفى ابن الخطيب، وانهيار مبنى المختبر الوطني في بغداد، ثم مأساة عرس الحمدانية وبينما سارعت الحكومة العراقية في الأشهر الماضية إلى إرسال سيارات إطفاء حديثة إلى دول أخرى للمساعدة في إخماد حرائقها تركت محافظات العراق تواجه نيرانها بأدوات متهالكة وعربات بلا ماء ولا سرعة ولا قدرة.ففي واسط لم ترصد في السماء طائرة واحدة لإخماد الحريق وكأن العراق لا يملك طائرات لهذا النوع من الكوارث بلد يصدر النفط ويملك ميزانيات ضخمة؛ لكنه يقف عاجزاً أمام حريق في مركز تجاري بسيط مثل هذا وبحسب شهود العيان فان فرق الطوارئ وصلت بعد 6 دقائق من الحريق لكنها وقفت عاجزة بعد ان تطور الحادث الى نيران مستعرة فلم تكن هناك خطة إنقاذ تليق بحجم الكارثة والغريب ان الحادث بدء من الساعة الثامنة مساءً الى الساعة الرابعة فجراً دون ان يتسرب الى الاعلام علماً انه في قلب المدينة التي تعج بالناس مما يتولد لدى المتابع ان هناك امر مريب مراد به التستر على هذه الفاجعة وحجمها المأساوي.وأكثر من ذلك تغيب الرقابة وتضيع معايير السلامة وتمنح التراخيص بلا متابعة أو تفتيش ثم تبدأ كل جهة تبرر، فكيف يفتتح مبنى تجاري من خمسة طوابق من دون علم الجهات المختصة ومنظومة إخلاء محكمة، ومن دون إنذار مبكر، ومن دون فريق طوارئ داخلي مدرب؟ ومن أجاز فتح أبوابه للناس وهو لا يملك سوى الموت طريقاً للخروج؟.فلا ترقصوا على جراح واسط ولا تنظروا إلى الحريق من نوافذ السياسة بل من نوافذ الشهداء الذين رحلوا دون أن يعرفوا لماذا لم تصلهم النجدة ولماذا لم يجدوا باباً للهروب ولماذا ماتوا في الحمامات والزوايا المظلمة وقد جاءوا لشراء مستلزمات منزلية.وفي الختام ان الوجع لا يزال حارقا والجثامين ما زالت تشيع والعدالة لم تصل بعد وكل صمت هو خيانة وفساد. |
المشـاهدات 29 تاريخ الإضافـة 20/07/2025 رقم المحتوى 64901 |