الأحد 2025/7/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 30.95 مئويـة
نيوز بار
الواقعية في قصص نعمة رشيد الشريفي المجموعة القصصية على امتداد البصر
الواقعية في قصص نعمة رشيد الشريفي المجموعة القصصية على امتداد البصر
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

حيدر حاشوش العقابي

المتابع لقصص الاديب نعمة رشيد يلاحظ اقترابه من لحظة الواقع في اعماله القصصية ,اذ لا يغادر هذه المنطقة بالذات ,وهو بالتأكيد يعكس انتمائه للحالة الشعورية التي يعيشها ومدى تأثيرها المبطن في الفعل التراكمي الادبي ,هذا الإنشاد والتقرب للواقع ولد حالة غرائبية بما حصل من تدوين حقيقي لمزايا الواقع والارث الذي سيقدمه للقارئ ,حين يدرك ان التجارب يجب ان تكون درسا اخلاقيا قبل ان تكون قراءة ادبية ممتعة ,لقد قرأت للأديب العشرات من القصص ,واكتملت عندي فكرة اجدها هي محور كتابة الموضوع ,لماذا يكتب هذه القاص بهذه الصيغة .,ولم يستخدم الخيال  في برمجة قصصه لتكون وعيا كميا ,تراكميا ...

اعرف ان الخيال لا يضيف شيئا سوى المتعة في القراءة ,كما يحصل حين نقرا روايات عديدة سوى كانت عالمية او محلية ,تمتزج فيها المخيلة بشكل كامل حتى تنتج عملا فنيا ,ولكن هل هذه الحالة ممكن ان تعالج شرخا موجودا موجعا في المجتمعات مثلا ,  ان الكتابةَ هي وعي كامل ورسالة اخلاقية قبل ان تكون رسالة فنية ,فلهذا اختار نعمة رشيد النوع الاول من الكتابة ,واقصد الواقعية ليمثل قاعدة للانطلاق في محاولة تحليل المجتمع وابطال المعوقات التي تطاله بعض الاحيان ,مرورا بما وصلت  اليه احداث القصص بشكل جميل ورائع لتكون درسا اخلاقيا قبل ان تكون درسا ادبيا وفنيا ,اكثر من عشرين قصة قصيرة ,وهي المجموعة التي سميت على امتداد البصر ,وهي ما خوذة من جملة وضعها القاص في متن القص ,كل القصص التي عمد على نشرها الكاتب كانت واقعية خالصة ,بدأ عطر امي الى نهاية المجموعة ,ان فنية القصص كانت ضمن سياق ثابت ,وترتيبها كان مقصودا من قبل الكاتب اذ اراد للقارئ ان يكون مشدودا بفعل القراءة ,ففي قصة عطر امي يدشن الكاتب عمله في ترجمة الالم والمأساة حين يفقد الولد ابويه في لحظة ما ,ويكون وحيدا في عالم غامض مليء بالخبث والسخف والانسحاق ,لتجد الروح الانسانية حاضرة في نهاية المطاف ,اذ ليس باستطاعتنا ان نغادرها قطعا ,حتى في وقت متأخر لأنها مزروعة فينا كأعمارنا , حين يترجم الكاتب حالة الصراع بين الفقر والغنى وبين النقاء والخبث ,من خلال قصة الطالب الذي فقد ابويه ,ليكون عاطل عن الفعل التقويمي والدراسي ,ويكون مشدودا فقط في وحدته والمها ,لتتابعه معلمته في بادئ الامر وتكون ساخطة عليه في الوهلة الاولى ,وبعد ان تتعرف على حسن سلوكه  من خلال اضبارته المدرسية وتتابع التحولات في حياته ,تجدها تتحول من الانسان الناقم على شخص بسبب اهماله وعدم متابعة دروسه وحرصه ,الى انسان يقدم النصح والنصيحة ,وتلتزم اخلاقيا بمعاملته ثانية ,حين تدرك ان سلوك هذا الطالب هو نتيجة لصراعه مع الحياة بفقد من كان له خيمة  وملجئ في حياته ,ان قيمة النص القصصي يستوعب الكثير الكثير ولكن الكاتب حرص ان لا يفقد قيمته بملاحقة الخيال ودون استخدام الكلمات الرمزية ,بل استخدم السهل الممتنع بنقل الحكايات لنا بأسلوب استطاع ان يقنع القارئ بمتابعة وملاحقة نصوصه الاخرى ,هنا في هذه القصة يأتي دور الانسانية الحقيقية ,باحتضان المعلمة هذا الطالب ,ليبادرها بتقديم هدية ثمينة ,او هي لا تقدر بثمن عطر الام ,في يوم المعلم ,يقول الكاتب ,

في اليوم التالي اقتربت من سمير بلطف وقالت له بحماس انت بطل ياسمير ,غدا سنكتب الواجب معا ,حاول سمير ان يقبل يدها ,لكن تصفيق زملائه منعه من ذلك ,ارتسمت على وجهه ابتسامة خجولة ,وفي عينيه الف دمعة ,انها دموع الفرح ,وهنا يخلق الدهشة, حين يقدم سمير قارورة عطل شبه منتهية ,وعقد فقد بعض حباته ,وضعت المعلمة بعض العطر على ملابسها ليقترب منها ويقول ,  ان رائحتك اليوم كرائحة امي ,لتترجم حالة من نقاء الانسانية ,ان اللغة التي استخدمها الكاتب هي اللغة المتداولة ,بأسلوب يعرف كيف يصل ,ووصل بقافلته بأمان , لينتج لنا عملا ادبيا واقعيا انسانيا ,ان حاضرة دروس وعبر عبر سلسلة القصص المنشورة في هذه المجموعة ,مثل لقاء صحفي ,حين تعامل ببنية الواقع من خلال لقاء صحفي مع رجل كبير السن ,حين يساله عن صحته  ,وهل يسال عنه ابناءه بعد هذا العمر ,ليكون الجواب  ,موجعا فقد زوجته ,وانقطع عنه الجميع يقول الكاتب

اكثر ما يؤلمني هو انني علمت ابنائي كل شيء, أفنيت  شبابي وشطرا من كهولتي لإسعادهم واسعاد ابنائهم ,وازواجهم اعطيتهم كل شيء ,الا يكونون ابناء لأبيهم ,وفي آخر الحديث يساله الصحفي هل انت راض عنهم ,ليجيبه بغصة ,وان رضيت انا ,فهل يرضى الله عنهم ,

مثلما قلت ان الكاتب في كل قصصه يحاول ان يترجم حالة الواقع المزرى الذي نعيشه ,هذا العبث وسخرية القدر ,عبر تراجيديا بثه الفني الذي وضع له قالب جاهز دون عوائق ,ودون ادخال قصصه في الخيال او استخدام القناع ,اي ما وراء القص  ,لتكون بمثابة  دروس حياتية ,ورغم قتامتها ,لكنها دروس مضيئة ,انه عالمه الخاص ,ومامرت به ماكينته الابداعية ,باستحضار الواقع بمتن القصص ,لقد رتب نعمة رشيد بضاعته بشكل انيق ,وعلى القارئ, ان يواصل التحليق في سماء قصصه ,ليجد الاضاءة في كل قصة ,

واخيرا اقول

لقد تركت قمر ابداعك وسط  ماء النهر وها انا اراه الآن مضيئا

المشـاهدات 24   تاريخ الإضافـة 20/07/2025   رقم المحتوى 64910
أضف تقييـم