القوى السياسية التقليدية ما زالت بعيدة  عن إدراك المتغيرات التي حدثت في المشهد السياسي من جهة وبقناعات الناخب العراقي من جهة ثانية بعد أن اسهمت التراكمات في الفشل بزعزعة الثقة بالمنظومة السياسية وما يرشح منها من أداء او تشريعات ، لأن ذلك سيفسر لصالح محاولاتها تأبيد وجودها والاستحواذ على المواقع المتقدمة للبقاء في السلطة.

وها هي تعود لتضرب بكل الدعوات لتطوير القوانين الانتخابية بما يصب لحساب المشاركة الشعبية الواسعة وتحقيق تمثيل برلماني لجميع الشرائح والقوى الناشئة والمستقلين لضمان توفير تمكين ديمقراطي يؤدي الى الاستقرار السياسي وعدم حدوث اهتزازات او ازمات لاحقة تعصف بالعملية السياسية ، كما يحدث كل مرة عندما تتجاهل القوى التقليدية مطالب الجمهور ودعواته للاصلاح وتمضي من خلال استغلال السلطة المتاحة لها لفرض ارادتها على التشريعات وان جاءت بالضد من طموحات العراقيين ، لتحاول هذه القوى استنساخ وتمرير نظام سانت ليغو في قانون الانتخابات المزمع تشريعه وهي تدرك جيداً ان هناك رفضاً شعبياً كبيراً لما يحتوي عليه هذا النظام من تهميش واقصاء لعدد كبير من المرشحين المستقلين ، فضلاً عن الاخلال بميزان التمثيل الانتخابي اعتماداً على رأس القائمة الذي سيوزع ما يحصل عليه من اصوات كهبات لمن معه حتى وان لم يستحق الفوز فيما يقف القاسم الانتخابي والعقبة الانتخابية حائلاً امام من سيحصلون على آلاف الأصوات لكنهم لن يفوزوا ، فيما كان للدوائر المتعددة الفضل في اتساع رقعة التمثيل للمستقلين وللاحزاب الناشئة وان لم تكن كبيرة جداً لكنها اسهمت بحدوث بعض التوازن مع القوى الكبيرة حتى وصل الحال بهذه القوى للجوء لكتلة المستقلين عندما وصل الانسداد السياسي إلى مستوى عالٍ من الخطورة وطرح خيارهم حلاً بديلاً لما هو موجود.

عدم الرضا والرفض الشعبيين وتظاهرات الامس هو عنوان لمرحلة جديدة ، فاذا ما اصرت القوى السياسية على تمرير القانون بحسب هواها وتجاهل الارادة الشعبية فهذا يعني اننا ذاهبون الى عزوف عن المشاركة الانتخابية وقطيعة جراء الاحباط الذي سيصيب الناخبين وعدم قناعتهم بما ستنتجه وستعاد ذات المشكلات والازمات القديمة ولن نحصل على الاستقرار المنشود.