الخميس 2024/4/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
في الهواء الطلق
في الهواء الطلق
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي عزيز السيد جاسم
النـص :

إخفاقات التنظيمات المستقلة

إطلاق الاسئلة والبحث عن اجاباتها والتفكير فيها ومناقشتها سواء داخل ذهنية الفرد او داخل جماعة واحدة يبعث انطلاقات اوسع افقاً ومجالات ارحب للتعمق في التفكير ومطاردة الملحوظات والنبش عن حيثياتها وكيفياتها.حتى الاختلاف في وجهات النظر بشأن قضية او موضوع ما او بشأن الاجابات عن بعض الاسئلة او في اوجه تحليل مسار او مسيرة معينة فسيكون منبعاً لاشعاعات جديدة تنمي التجربة وتغنيها سواء على صعيط الفرد ام الجماعة.

ان النقاشات السياسية والتخصصية بين الافراد والجماعة الواحدة والجماعات المتعددة لا تأتي ثمارها ولا تنعكس مضامينها الايجابية على الواقع التنفيذي اذا لم تكن ضمن سياقات جارية متبعة تأخذ طريقها الى التطبيق ومن هنا تكمن اهمية التنظيم في جميع مفاصل الحياة ، لكن ما يجري على الصعيد السياسي وتحديدا نشاط بعض الافراد والقوى التي تريد لنفسها خط منهج مستقل ضمن العملية السياسية سواء من داخل قبة البرلمان والحكومة ام من خارجها ، انها لم تقف بعد على اسباب عدم تكوينها لقوة قادرة على تحريك الرأي العام بالشكل الذي يتناسب مع حجم المشكلات الوطنية وانعكاساتها على المجتمع العراقي.

وبالرغم من ان الكثير من المؤشرات توحي بوجود نفور شعبي ازاء ما يشهده البلد من تراجع في الخدمات العامة ونقوصات حادة في توفير الحياة الطبيعية لشعب يمتلك بلده خيرات وفيرة عانت من الاهمال والهدر ، الا ان تلك القوى ـ المستقلة منها ام غير المستقلة ـ لم تستطع الالتفاف حول ارادة الجماهير بشكل يجتذبها للوقوف مع رؤى وتطلعات تلك القوى الداعية الى الاصلاح الحقيقي والتصويب البناء.

ان اسباب هذا الاخفاق يقع بالدرجة الاولى والاساس على القوى المستقلة نفسها ، اذ ان من بينها من يرفض مبدأ التحزب لعدم التوسع في معنى هذا المفهوم حيث ان العديد من الناشطين يرفضون الانتماء الحزبي ويرون فيه نقيضاً لما خرجوا من اجله من اصلاح وتلبية لمطالب الجماهير الشعبية الغاضبة والثائرة ضد الظلم والتفاوت الطبقي وفقدان فرص العيش الكريم والحقوق التي يفترض ان توزع بعدالة بين الناس.

ان مفهوم التحزب رغم ما تختزله الذاكرة الشعبية من عدم ارتياح له لما ارتبط به من تنكر الاشخاص او الجماعات لمبادئهم وقيمهم واخلاقياتهم الوطنية والانسانية التي كانوا عليها (قبل التحزب) وبين ما اصبحوا عليه بعد التحزب او الدخول في اتون السلطة والمال والجاه ، لم يعد نافعاً في ظل الظروف والمتغيرات السياسية التي غيرت طبيعة المعادلات السياسية في البلد ، حيث ان مفهوم الاستقلال واهميته التي ارتبطت بالضرورة بعدم الانتماء للحزب القائد الدكتاتوري الاوحد في حقبة زمنية مظلمة ، وعندما كانت الاستقلالية الحزبية مفازة او مزية نسبية ، لم تعد الآن كذلك ، اي ان الظروف الحالية ومتغيراتها تفرض على القوى المستقلة الدخول في تنظيمات مبنية على وفق اسس وطنية سليمة وواضحة بعيدة عن الاهداف المتشعبة والدهاليز.

ان القوى الوطنية المشتركة او غير المشتركة في العملية السياسية عليها اعادة ترتيب اولوياتها وتحديد اهدافها وتبيان خططها وادوات تنفيذها بشكل مدروس ، واولى اللبنات المعنية بتنفيذ ونجاح رؤية هذه القوى تبنى على اساس التنظيم الذي يعد الحزب او التيار او اي مسمى اخر هو المنطلق الصائب لتحقيق المطامح حيث ان الوضع السياسي الراهن مبني على تعددية الاحزاب (لا احاديتها) التي من خلالها يدار البلد عبر سلطاته التشريعية والتنفيذية ومن دون الدخول من الباب التشريعي والتنفيذي والاسهام بالتغيير من الداخل يصبح من العسير تحقيق طموحات وتطلعات الشعب الذي يفترض كسبه لتأييد هذه القوى الناشئة بعد التأكد من سلامة منطلقاتها وطروحاتها.

لكن من المهم ايضاً الحديث عن طبيعة هذا الحزب او التيار او الكتلة ....الخ وكيفية تكوينها وتشكيلها ومن هم قادتها و كيفية بناء هيكلها التنظيمي ومعرفة تطلعاتها على مستوى الافراد القادة لنعرف الى اي مدى يمكن الحديث عن تشكيل احزاب مستقلة عن بقية الاحزاب وغير مخترقة من قبلها!

 

المشـاهدات 164   تاريخ الإضافـة 28/03/2023   رقم المحتوى 17587
أضف تقييـم