النـص : لا عذر لأحد فيما حدث في الحمدانية من فاجعة حزينة ومؤلمة تعكس الاستهتار بأرواح العراقيين واستسهال اراقة دم الأبرياء جراء الاهمال والجشع والابتزاز والتراخي في أداء الدوائر والمؤسسات المعنية لواجباتها الوظيفية في تطبيق القانون والاحترازات المطلوبة.
ليست المسؤولية محصورة هنا بصاحب القاعة التي تفتقد لشروط الأمن والسلامة وشيدت لتكون سجناً او قفصاً كبيراً لم تراعَ فيه ابسط مستلزمات الأمان على مستوى الاستيعاب العددي او التحوط لأحداث الطوارئ ، فالمسؤولية هنا تضامنية تشاركية تبدأ منذ لحظة قبول المخطط الاولي لاجازة البناء سواء كان استثمارياً او مشروعاً فردياً وتلتحق به بقية الدوائر البلدية والخدمية والسياحية والدفاع المدني الذي يفترض أنها راجعت الموافقات الأولية وتأكدت من استيفاء البناء لكل الضوابط والاجراءات الكفيلة بمنع هكذا كوارث ، وهي ليست بعيدة عن مسلسل الحرائق المتعددة مثل مستشفى الخطيب ومول الليث بالكرادة الذي تحول الى فرن للاجساد البشرية وكارثة العبّارة الشهيرة وغيرها الكثير والتي لم تستطع ان تعيد الصحوة للضمائر الميتة من الذين يقدمون مصالحهم ومنافعهم على حساب أمن المواطن وحياته ، لقد كان من المفترض أن تأخذ الجهات المعنية العبرة من الحوادث السابقة وتتشدد في منحها الرخص والاجازات بل وتراقب التنفيذ وتحمل فرقها التفتيشية على إجراء الكشف المستمر للتأكد من وسائل السلامة والأمن لا أن تنتظر حتى تقع الكارثة ويفجع الناس بأحبتهم لكي تتحرك مشاعرهم بالاستنكار والمواساة.
فاجعة الحمدانية عنوان اخر لفشل مؤسسات الدولة بفرض قوانينها واجراءاتها لاسيما تلك التي تتعلق بأرواح المواطنين وسلامتهم ، فعندما تسمح تلك المؤسسات بالخطأ وتجيزه وتتغاضى عنه بأسباب المحاباة والمجاملات والواسطات والاتاوات والرشاوى والابتزاز بالتأكيد ستكون النتائج كارثية كهذه ، رحم الله الضحايا وتغمدهم بمغفرته وألهم ذويهم الصبر الجميل.
|