الجمعة 2025/5/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
نيوز بار
عن، وحول المهرجانات السينمائية ( 1 )
عن، وحول المهرجانات السينمائية ( 1 )
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

صلاح سرميني/باريس

هل تختار المهرجانات الأجنبية أفلاماً دون المستوى؟

هذا السؤال يتردد دائماً، والإجابة: هناك آلاف المهرجانات الأجنبية، المحلية، الإقليمية، والدولية، الصغيرة، الكبيرة، والمتوسطة، العامّة، والمُتخصّصة.

واختيار فيلم في أحدها ليس مقياساً على جودة الفيلم، أو ضعفه، هناك خطةٌ برمجيةٌ لكلّ مهرجانٍ، وآليات اختيار محددة.

هذا الفيلم الذي تمّ اختياره في مهرجان (أ) لا يُصلح لمهرجان (ب)، واختياره في مهرجان (أ) لا يخضع لمعيار الجودة، أو الرداءة.

مثلاً، إذا وصل فيلمٌ عربيٌّ إلى مهرجانٍ للمثلية الجنسية، سوف يحظى على اهتمام الإدارة، بغضّ النظر عن الجودة، والرداءة.

بالتأكيد، سوف ينتقي الأفلام الجيدة أولاً، ولكن هذا المهرجان المُتخصص يسعى إلى أهدافٍ أبعد من السينما، ومنها الترويج لأفلام المثلية الجنسية، وثقافتها، وتطبيع المتفرج معها.

بينما هذا الفيلم نفسه، سوف ترفضه معظم المهرجانات العربية بغضّ النظر عن جودته، أو رداءته، فقط لأنه يتناول موضوعاً حسّاساً.

مثالٌ آخر: فيلمٌ تجريبيٌّ من العراق، أو من السعودية (إن وُجد)، سوف تتهافت عليه المهرجانات الأجنبية المُتخصصة بالسينما التجريبية، بينما لن يقبله مهرجانٌ عربيٌّ واحد، وإذا شاهده أحدٌ من المُحيطين بالمخرج، رُبما يقول له: هذا ليس فيلماً.

من جهةٍ أخرى، قراءة الفيلم، أيّ فيلم، بالنسبة للمهرجانات الأجنبية، مختلفة تماماً عن قراءة المهرجانات العربية لنفس الفيلم.

عندما يصل الفيلم إلى مهرجانٍ متخصص بأفلام المدينة، سوف يتمّ مشاهدته، واختياره من هذه الزاوية تماماً.

بينما، المهرجانات العربية المُتخصّصة قليلةٌ جداً، وفي معظم الأحيان، يتمحور هذا التخصّص حول تيماتٍ عامّة جداً: أفلام المرأة، السينما الأفريقية، أفلام دول البحر المتوسط.

لا يوجد حتى الآن مهرجانات عربية تخصصية جداً: التجريبية، أفلام البحار، والمحيطات، أفلام الجزر، الأفلام البوليسية، الخيال العلمي...

 

***

 

بالتوازي، لا يوجد أيّ مقارنةٍ ما بين المناخ السينمائيّ في بلدٍ أجنبي، وآخر عربي، الأطفال، في البلدان المُتقدمة سينمائياً، ومنذ سنواتهم الأولى، يتعودون على الذهاب إلى صالات السينما، والأفلام جزءٌ من المواد التربوية، والتعليمية التي تقدمها لهم المدارس، وهي متوفرةٌ للصغار، والكبار في كلّ مكان.

وينشأ الطفل الأجنبيّ، ويكبر في أجواءٍ سينمائية كافية لأن تجعله يناقش "أجدع ناقد سينمائي أجنبيّ"، وقد تابعتُ عروضاً للأطفال، والصغار، واستمعتُ إلى مناقشاتهم للأفلام بعد العروض.

وهذا يعني، بأن الثقافة السينمائية مختلفة تماماً بين الأجنبي، والعربي، وعندما تفكر مجموعة أجنبية ما بتأسيس مهرجان سينمائي، فـ هم، وبحكم علاقتهم الوثيقة، والقريبة بكلّ ما يحدث في بلادهم، يعرفون ما معنى "تظاهرة"، أو "مهرجان"، ومتى يكون المهرجان محلياً، أو إقليمياً، أو أوروبياً، أو دولياً، ويختارون عن دراسةٍ، وتقييم تيمة المهرجان، وطبيعته .

هؤلاء الذين تشبّعوا بالأفلام، اكتسبوا إمكانية التذوّق العام للسينما، وبالتحديد، ما يتعلق بتيمة مهرجانهم، بالإضافة إلى أن الأفلام متوفرة لهم، بإمكانهم جلبها، أو استحضارها من أيّ مكانٍ في العالم بكبسة زرّ، فكيف يمكن التوّقع بأنهم يختارون أفلاماً رديئة، أو ضعيفة المستوى؟

وإن فعلوا ذلك مرةً واحدة، فسوف يتوقف مهرجانهم، لأن الجمهور الأوروبيّ ليس ساذجاً إلى هذا الحدّ كي يتقبّل مهرجاناً يقدم أفلاماً رديئة.

هذا التحليل ليس نظرياً، حيث تابعت، وأتابع عن قربٍ المهرجانات الأوروبية، والفرنسية بالتحديد، وفي كلّ مرة، أصاب بالصدمة، وأقول لنفسي :

ـ يااااه، بعد كلّ هذه المشاهدات الكثيرة، خلال سنوات إقامتي الطويلة في باريس، يبدو بأنني لا أعرف أيّ شيءٍ عن السينما، ومهما حاولت تجاوز هذا النقص، لن أتمكن من اللحاق بما وصلت إليه الثقافة السينمائية الأجنبية.

 

***

 

هناك بعض الإشارات التي تجعلك تُحدد أهمية مهرجان سينمائي بالمُقارنة مع غيره، ومنها على سبيل المثال: تاريخ المهرجان.

في عام 2017 احتفل مهرجان كان بدورته السبعين، وهذا يعني، بأنه مرّ عليه أجيالاً من الإداريين، والمُبرمجين، والمُستشارين، والموظفين، والسينمائيين، والإعلاميين، وكلّ العاملين في المجال السينمائي.

وهذا يعني أيضاً، بأن المهرجان اكتسب خبرةً كبيرةً في كلّ شيءٍ من الإدارة، وحتى التنظيم.

ومن هنا تتجسّد أهميته، ولا يمكن مقارنته أبداً مع مهرجانٍ عمره سنة، أو سنتين، أو عشر سنوات.

لكن، ودائماً هناك (لكن)...

مهرجان كان مهمٌ بالنسبة للسينما العالمية بشكلٍ عام، وإذا قارنته مع المهرجان الفرنسي الذي ينعقد في مدينة كليرمون فيران، ويهتمّ بالأفلام القصيرة، وعلى الرغم من عمره الأقل (نصف عمر مهرجان كان) إلاّ أن المتخصصين يعرفون بأنه أكثر أهميةً من مهرجان كان (بالنسبة للأفلام القصيرة تحديداً).

شخصياً، ولأسبابٍ متعددة، أفضّل متابعة مهرجان كليرمون فيران عن مهرجان كان

ونعود إلى (لكن بالتأكيد، الفيلم القصير الذي يتمّ اختياره في مهرجان كان سوف ينال حظوظه الكبرى من العرض، والشهرة أكثر من أيّ فيلم تمّ اختياره في كليرمون فيران.

والمُفارقة الطريفة، بأن أفلاماً يتمّ اختيارها في مهرجان كان، ولا يتمّ اختيارها في مهرجان كليرمون فيران

المشـاهدات 526   تاريخ الإضافـة 02/11/2023   رقم المحتوى 32380
أضف تقييـم