النـص : لا تريد اغلب القوى السياسية ان تفرض دولة المؤسسات سيادتها على جميع المفاصل ويكون القانون السلطة العليا التي يذعن اليها الجميع صغاراً وكباراً ، مسؤولاً او موظفاً صغيراً ، لأنها تعتقد أن وجودها على رأس السلطة وواجهاتها يمنحها حصانة مطلقة من المساءلة والعقاب فهي برأيها تمتلك القرار والتأثير وتقدر ان تكون بمنأى عن انفاذ القانون.
هذه القناعات أضرت بعملية بناء الدولة العراقية الحديثة وعطلت أداء مؤسساتها الرقابية بل واستغلت سطوتها لمنع مساءلة المجرمين والفاسدين تحت تأثير المحسوبية والعلاقات ، حتى صار ذلك ديدن الكثيرين وصار السكوت أو القبول على خرق القانون مسألة طبيعية مع عدم قدرة المؤسسات القضائية اداء واجبها امام حجم الضغوط التي تتعرض لها ، كما ذكر لنا القاضي فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في لقاء سابق مع عدد من الاعلاميين والصحفيين ، والتي شدد فيها على مقاومة هذه الضغوط وعدم الانصياع إليها ، لكن ذلك لا يمنع وجود استثناءات لبعض المنسوبين لهذه المؤسسة المهمة من الذين خانوا الأمانة كما كان مصير أحد القضاة الذي باع دينه بدنياه مما تسبب بفصله من قبل مجلس القضاء الأعلى بعد التثبت من عدم أمانته وعدم تحليه بالأخلاق التي يجب أن يكون عليها رجل القضاء وامثال هؤلاء يسيء لهذه المؤسسة العريقة ، وهو دليل على أنه من الممكن أن نجد قضاة لا يستحقون هذا الشرف الكبير ، وهؤلاء أشد ضرراً على سمعة قضائنا العادل والمستقل ، وهم من يراهن عليهم الفاسدون في الخلاص من القصاص ، فيما يقف في الجانب الآخر قضاة شجعان وشرفاء لا يمكن الا ان نرفع لهم القبعة تحية واحتراماً والأمثلة كثيرة ومتنوعة.
لقد خاب فأل الواهمين الذين اعتقدوا ان القضاء لن يستطيع اتخاذ قرارات جريئة وصائبة بل ان خطوة المحكمة الاتحادية بالأمس وضعت الجميع امام حقيقة باتوا يعونها وهي ان لا أحد يفلت من عدالة القضاء ، وان القضاء العراقي اليوم هو الأقوى والاشجع واصبح يزداد قوة يوماً بعد يوم ليقول للجميع انكم سواسية أمام القانون.
|