
![]() |
رشيدة الشانك شعرية التشتت , تماسك الدلالة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : الجزء الاول اسماعيل ابراهيم عبد ان المتابعة الاجرائية للشعرية الخاصة بقصائد الشاعرة (رشيدة الشانك) تتطلب أدوات قراءة مدربة وقادرة على التلقي المماهي لهذه الشعرية من طرفين ؛ التقني الجمالي , والمعرفي الاجتماعي. وقبل بدء المتابعة القرائية أود التنبيه الى ان تقسيم القصائد على هيئة وحدات المقاطع هو من عملي تسهيلاً لتوضيح العمل . بينما القصائد ذاتها ستظل محافظة على شكل التدوين الأصل إلّا قليلاً من التحسين الطباعي. أود القول أيضاً ان ما من جو متشابه تماماً بين قصيدة وأُخرى . ولي وجهة نظر عامة في أعمال الشاعرة (رشيدة الشانك) , هي ان أعمالها تحوي من الاتقان الذاتي والتقنية المتماسكة ما يجعلها تصلح لتأليف كتاب نقدي غني رصين , يقارب رصانة أعمالها . ولضيق مساحة كتابنا الحالي سنكتفي بمتابعة ثلاث قصائد فقط للفت نظر المتابعين الى خطورة جهد الشاعرة (رشيدة الشانك) , كونها ترقى الى طليعة المجددين والمجددات العرب في الشعر العربي المعاصر. لنتابع على وفق التدرج الآتي : أولاً : لمن تخبئ حزنك الصغير( ) لنقرأ : {[لمن تخبئ حزنك الصغير أنا امرأة تُفسد أناقة الحب، تبتسم للعجز.. ترقص حين تتعب.. ترمي برتقالتها المُرّة لتعوي جائعة كضحايا الغياب..] ـ المقطع الأول *** [لا دهشة تأتي بطائري قلبي حطب ونصف فواكهي تزأر أقترب تشتعل أبتعد تشتعل أكثر.. كلما "اكتفيت" غرقت أكثر .. أكثر] ـ المقطع الثاني *** [لا هدنة بيني وبين عواصفي لا سلام يأتي حتى تنضج صغيري تعجن طين امرأة وحيدة تشتهيك تملأ فراغات خراب بين جمرتيها فلا أحد أكبر من عناق، أو خارج حدود اشتعال]} ـ المقطع الثالث أ ـ المقطع الأول في هذا المقطع مبدآن للفعل الشعري هما ؛ الطرافة والمخاتلة اللغوية (مكر اللغة). وعند الشاعرة نتلمس الأبعاد الجمالية والدلالية لقيمة الطرافة والمخاتلة متمثلتين على النحو الآتي : 1ـ لمن تخبئ حزنك الصغير / بمقابلة طريفة حد النقض مع / أنا امرأة تُفسد أناقة الحب . لنتساءل : من يخبئ الحزن ؟ لِمَ هو حزن صغير؟. من السؤالين نستنتج اجابة تقول : الحبيبة هي الحزينة , وحزنها فاض بها كما لو ان الحبيب حزين أيضاً . وبتأويل أرحب نتوصل الى : ان الحبيب ليس فرداً وليس حزيناً , وما من فعل حقيقي لتبديد هذا الحزن , الكبير وليس الصغير , لأنه حزن بديل باحت به الشاعرة عوضاً عن الآخرين. والأقرب للفهم الأخير : ان الحزن يشمل البلاد أو العالم كله . ومن طريف هذا ؛ ان محور الحزن امرأة لها مشكلة الأزل الإنساني , متمثلة بفعل لا انساني بطبقتين هما ؛ الـ (أنا) الملومة دون ذنب , و(الأناقة) المخربة بتاريخ الانوثة , دون عبث انثوي . يا لحيرة الفهم وطرافة المعلومة اللغوية المشيدتين للمتن في العبارتين. 2 ـ تبتسم للعجز.. / تقابل/ ترقص حين تتعب.. في العبارتين مخاتلة لغوية مهمة , مستقطبة لأمرين هما ؛ الابتسام والرقص , اللذان لا يستقيمان مع ظرفي ؛ العجز والتعب. مما يعني أن الحزن الكبير للأوطان والعالم بأسره لن يعبأ بابتسامة عجز متفردة في يأسها او راقصة على تعبها وتعبه. هذا يؤكد ظاهرة لغوية نادرة الاستعمال , هي ؛ قول كلام المتن بمعنى مخبأ نقيضاً للمعنى الظاهري. وهو ما يتماشى مع الطرح العالمي (الآن) للفكر الثقافي المحتفي باللايقين لأي شيء!. 3 ـ ترمي برتقالتها المُرّة لتعوي / تقابل/ جائعة كضحايا الغياب.. في العبارتين المتقابلتين نوع متقابل من التضليل على المعنى البعيد , سأحيله الى قوى التأويل الآتية : ـ البرتقال له صفات صدر المرأة من حيث الجمال ولذة اللمس والمس , كذا الحال مع الشكل الكروي للثديين. وفي هذا إشادة بليونة العواطف ولطف التعامل بين الأنثى بالمعنى المطلق , والرجل بالمعنى المطلق. لكن المفارقة تقع عند لفظتي (المُرّة + لتعوي) , فهما صراخان عن احتجاج وجوع عاطفي والتذاذ محرم (مر) , فضلاً عن تشظيات أُخرى يمكن ان يتجه إليها التخيل . ينكسر هذا التصور كله عند الاتجاه بالمعنى نحو واقعية مناسبة للقول الصريح . أقصد التعامل مع القول دونما تأويلات بعيدة , لذا سيكون الاتجاه المنطقي للفهم هو (ان المرأة الأُنثى , كل أنثى , تتحطم باضطهاد لذتها , وتحريم عاطفتها , وتسميم ظرفها الشخصي والعام , وبتسمم ظرف المرأة الانساني يتسمم العالم حتى لو انه أراد قضم البرتقالة المرة بالاغتصاب. ـ نلاحظ ان التشتت للمعنى يصب في تنوع متعة القراءة. ـ اما عبارة التقابل , العبارة الند , فهي استيفاء وتبرير للعواء والمرارة , كونهما خلاصة للغياب الذي يحكم الفضاء الإنساني وجداً وضميراً , محلياً وعالمياً. ب ـ المقطع الثاني يتجه هذا المقطع صوب ثيمة تثوير النكوص الأخير (المرارة والعواء) , تجعلهما الشاعرة (رشيدة الشانك) قوة اصرار للكائن البشري , تستخف بفهمه لّلذة , كونها اشباعاً همجياً للعاطفة . ثم ان الشاعرة تروي للفرد كيفية ما تراه من تحرر لذيذ , عبر تحول برتقال الاناث كلهن ـ مختصرات بالشاعرة الأصل , أُمهاتنا , من حواء ـ الى عالم متمنى من الدهشة القرينة بالطيران . والمقطع كله يحيل الى معكوس لفظه , إذ القلب حقاً طائر للدهشة الإنسانية العظمى , وهو الدرب الذي يسلكه أي خراب يصعد بنعمة الانوثة الى مرتبة ترويض زئير الأسد (وحشية اللذة) بنصفها الأُنثوي . المقطع الثاني من القصيدة ـ كمثال ـ نراه يطابق فرائض تأويلنا اعلاه. لنقرأه بتأنَ فقد نتأكد من صحة فهمنا التي سبق ان قدمناها آنفاً , لنقرأ. [لا دهشة تأتي بطائري قلبي حطب ونصف فواكهي تزأر أقترب تشتعل أبتعد تشتعل أكثر.. كلما "اكتفيت" غرقت أكثر .. أكثر] ـ المقطع الثاني ج ـ المقطع الثالث في المقطع الآتي (مكر لغوي) ثيمي وقيمي يُبنى على الآتي : 1ــ (لا هدنة بيني وبين عواصفي) / القيمة = الهدنة . الثيمة = العواصف . المكر اللغوي يؤشره (لا سلام يأتي) + (حتى تنضج صغيري). 2ــ (ـ صغيري ـ تعجن طين امرأة وحيدة تشتهيك) / القيمة = صُغار الحبيب. الثيمة = الاشتهاء . المكر اللغوي تصنعه عجينة طين المرأة. 4ــ ( ـ صغيري ـ تملأ فراغات خراب بين جمرتيها)/ القيمة = صُغار الحبيب. الثيمة = الجمرات . المكر اللغوي تخلقه فراغات الخراب. 5ــ (لا أحد أكبر من عناق ، أو خارج حدود اشتعال) / القيمة = عظمة العناق. الثيمة = لا حدود الاشتعال . المكر اللغوي تُخرِجُهُ قوى الخروج على مأثور الاضطهاد بأنواعه. * يُرى ان جزئيات القصيدة جميعها تتضافر معاً لخلق قضية كبرى اسمها تسمم العالم بكراهية حق الجسد الانثوي. |
المشـاهدات 701 تاريخ الإضافـة 26/11/2023 رقم المحتوى 34094 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |