عادل الميالي

   شمس السعدي تشكيلية عراقية مجتهدة ومثابرة, عاشقة للفن والجمال منذ صغرها, تنتمي أعمالها الفنية إلى المدرسة السريالية التعبيرية, تميزت بمهارتها الأدائية بحيث أثارت لوحاتها الكثير من الجدل والتأمل بصناعة فنها .

    جسدت السعدي في أعمالها المرأة العراقية بطريقة الفن السريالي, حيث تظهر لنا بعيون واسعة, معتمدة على تقديم الأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة ومتوقعة لإثارة الدهشة لدى المتلقي, عبر تفاعل عقلها الفني بما يحمله من صور مستنبطة من الواقع, ومن ثم توظيف خيالها لتقديمها بلغة فلسفية ونفسية, معبرة بذلك عما يدور ويؤثر في وجدانها وإيصالها إلى المتلقي بمهارة فنية عبر سكبها في فضاء اللوحة .

   الفنانة شمس السعدي حاصلة على شهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة, شاركت بالعديد من المعارض الفنية داخل العراق وخارجه, وحصلت على العديد من الشهادات التقديرية والدروع والميداليات .

-متى رأيت الفن يشكل هاجسا لك ؟

  منذ طفولتي وأنا اعشق الرسم , فهو يمنحني الحب والهدوء والحلم والسكينة وعشقي للألوان, وهو بحد ذاته يشكل هاجس حقيقي وأزلي للفنان, فعالم الرسم علم مليء بالذوق والفن الرفيع والحس المرهف والعطاء المتجدد .

                        المرجعيات الفنية

-ما هي المرجعيات التي ساهمت في بلورة تكوينك الفني ؟

   إذا كان المقصود بالمرجعيات المدارس والاتجاهات الفنية, فأنا بدأت بالواقعية من خلال تخطيطاتي بقلم الفحم, ومن ثم انطلقت تعاقباً ببقية المدارس الفنية .

-لديك مؤهل أكاديمي في مجال الرسم , فهل وظفت ذلك لصالح تجربتك الفنية ؟

   نعم لقد واظبت على تنمية وصقل موهبتي منذ نعومة أظافري ولغاية الآن, ووظفت ذلك من خلال مشاركاتي العديدة بمعارض خارج وداخل القطر وصولاً للعالمية .

                            التجربة الفنية

-تجربة الفنية , هل هي على وتيرة واحدة أم مرت بمراحل متعددة ؟

  المرحلة الفنية دائماً متغيرة ومراحلها متعددة جداً بدءا بخطوات الإعداد وصولاً إلى النتيجة النهائية للعمل الفني .

-لوحاتك , ضمن أي اتجاه فني تضعينها ؟

   أسلوبي الفني ينتمي إلى المدرسة السريالية التعبيرية, أما الواني فتنتمي إلى المدرسة الوحشية وتتميز بنقائها .

-هل لك طقوس خاصة أثناء الرسم ؟

   أميل إلى سماع الموسيقى الهادئة مع فنجان قهوة وغرفة مرسمي, وعندما يحين الوقت للرسم أرسم، فأينما وجدت الفكرة يبدأ الإبداع, فالفكرة هي العامل المسيطر على روح الفنان والتي يسعى على تفريغها على سطح اللوحة الفنية .

                          الخطاب البصري

-ما الخطاب البصري الذي تودين الإفصاح عنه ؟

   أسعى من خلال خطابي البصري إلى كسر القيود وإيصال الفكرة كما هي بدون رتوش لكي أنال رضى نفسي ورضا المتلقي, وان يستمتع المتلقي بجمال الخطوط المتشكلة والتي تنتهي بكمال حلم اللوحة السريالية التعبيرية .

-هل ترسمين بناءا على تخطيط مسبق أم تستسلمين لعفويتك ؟

   أضع سكيج تخطيطي لها مسبقاً, وفي أحياناً أخرى استسلم لعفويتي, ودائما ما تكون الجرأة هي الغالبة في معظم أعمالي, مع مقدار الحرية التي يمتلكها الفنان والتي تسهم في حسم الأمر .

-حضور المرأة يبدو واضحا في أعمالك , فهل هي عنوان لوحاتك ؟

   نعم المرأة هي البطل المحوري في أعمالي, كونها تتمتع بصفات الجمال والرقة والأنوثة, وتناولتها بالرسم في مواقف شتى ومتعددة باختلاف تعبيراتها وحركاتها التي تمثل واقع الحياة , كذلك جسدتها في إنسانية تحمل مناجاَة مع النفس بحيث اظهر بخطوطي ما في داخل المرآة من مشاعر مرهفة أوصلها إلى المتلقي, وفي نفس الوقت لوحتي لا تخلو من العنصر الذكوري بحيث أظهره ولو بشكل رمزي .

                          مخزون الذاكرة

-في رسوماتك , هل تعتمدين على مخزون الذاكرة ؟

   نعم ذاكرتي هي مخزون أفكاري المكنونة , فهي التكوين الموفق لخلق اللوحة الفنية .

-ألوانك مشعة وزاهية , فما الذي يبوح به اللون لديك ؟

   ألواني حالمة بفلسفة الخيال, بإشراقات بهية لروح أنثوية, هي كتاب مقدس عن عشاق الحياة, فاللون يلون مشاعر الإنسان  ويفيض بها, فهو لغة تتحدث عن المشاعر والحزن والفرح والفراغ, فالواني تمتزج لتعطي شيئا في كل حين, لذلك فالألوان عالم من السحر والجمال, وبدونها  يبدو العالم باهتاً , فهي تعني الحياة .

                             الحراك اللوني

-ما الآلية التي تتحرك فيها ألوانك , أي هل هي خاضعة للمزاج الفني أم لضرورات اللوحة ؟

   اللون هو عشقي وملاذي وعالمي الأبدي, فهو أكثر مكونات اللوحة إثارة في الرسم, وخلق حالة مزاجية والتعبير عن المشاعر وإثارة المشاهد, لذلك  ألواني كالألحان تسمو بالروح وتغذي الأعصاب وتريح الإحساس .

-هناك مسحة من الحزن والألم بادية في بعض لوحاتك , فما قولك ؟

   ليس جميعها .. هي وجوه تعبيرية سريالية , فهناك امرأة تبحث بعينها ما تحمله لها الحياة, وهناك وجه امرأة يعبر عن كوامن النفس الداخلية في ملامحها تجد العيون التي تكاد تنطق بالحياة, وبعض الوجوه غير قابلة للانكسار والخذلان, وهناك الكبرياء, والبعض قد تجد البعد واللهفة والحب ..الخ .

                          التراث والمعاصرة

-هل أنت مع التوجه إلى الموروث برؤى وتصورات جديدة ومعاصرة ؟

   أنا مع تطور المدارس الفنية بمختلف اتجاهاتها .

-هل تسعين إلى تجاوز المحلية إلى آفاق العالمية ؟

   نعم لقد سعيت جاهدة إلى العالمية ولله الحمد حققت هدفي من خلال عرض لوحاتي بكاليري في فرنسا, وبعض أعمالي اقتنيت في أمريكا وألمانيا وايطاليا .

-هل الحداثة أعطت الفنان حرية الإبداع ؟

   نعم الحداثة أعطت الفنان الحرية إلا أن البعض يسئ فهم الحداثة كما يسئ فهم الحرية, ونسى واجبه تجاه مجتمعه وبيئته ودخل العبث في اللوحة, فبعض الفنانين اتجهوا إلى الحداثة هروباً من أساليب وقواعد الفن , فالحداثة هي علم أو خطوط ومواضيع مدروسة تغطيها الألوان بشكل موزون ومقصود ومنطلقة نحو حرية الإبداع .