الثلاثاء 2024/4/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 24.95 مئويـة
تحولات السرد نصوص القاص خالد مهدي الشمري
تحولات السرد نصوص القاص خالد مهدي الشمري
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

____________________________________________________ جاسم عاصي

أن تقرأ مجموعتين قصصيتين في آن واحد،يعني أنك وفّرت لقراءتك مجالاً للمقارنة من جهة،والوقوف على محمول التحول النقدي من جهة أُخرى.وهذا ما حصل لقراءتي لمجموعتين بتقارب زمني للقاص(خالد مهدي الشمري) هما(أنا الظِل/شجرة الرمان) الأُولى احتوت على قصص قصيرة ذات محتوى واسع نسبياً في المعالجة.والثانية تنتمي إلى قصص ونصوص قصص قصيرة جداً،وقد اُستلت من مجاميع سابقة،حضت بترجمة إلى اللغة الانكَليزية للأُستاذ (عبد الكريم صالح البيضاني).

ما نعنيه بالتحول في كتابة النص هو الدأب في المراجعة للمكتوب والمحرَر عبر المراجعة للوقوف على الصياغات السردية  ودفع الرغبة  في الاغتناء.وهذا بسبب التجاوب مع المعرفي موضوعياً وفنياً.كذلك في محاولة لإشباع اللغة القصصية بالبلاغة على صعيد صياغة المعنى.أجد في النصوص مجتمعة عين التحول في الاستجابة للمتغير الخاص والعام.بمعنى أن القاص يراعي المتغيّر في الواقع والواقع المعرفي العام والمتخصص،والذي يدفع إلى احداث الموازنة بين الكتابة والمتغيّر.

صياغات(أنا الظل)/

من خلال  فترة ليست طويلة نسبياً،استطاع القاص أن يبلور مجموعة مشاهد ذات نبرات مشبعة  بالتحليل شملت البنية(حدث،شخصية)عاكساً البنية النفسية للنموذج دون إحداث نبرة التهويل والمبالغة،ثم الاهتمام بالبنية الفنية،كذلك تواصل السارد مع أجواء ونماذج  نصوصه باتزان وعمق خضعا كما ذكرنا إلى التحليل المعتمد على فهم  وتشريح  لوقع الفعل وردوده على الشخصية،لأن الكتابة في هذا الشأن لا تعني تسجيل ما تراه العين فقط للفعل،وإنما ما ينطوي عليه الفعل من دلالة.أي أن الفعل في القصة يحتمل الكثير من التخريجات النقدية،ويُسفر عن مرامي مختبئة في نظام السرد فالسارد يُراقب ويجمع ما يحصل على المستوى الانفعالي للشخصية،ثم تتم  من بعد ذلك المعالَجة،باعتبار أن الحدث والشخصية عنصران ضاغطان على البنية الاستقرائية للكاتب.فالكتابة مزيج متآلف بين بنى متقاطعة أو مقتربة من بعض،لكنها في نهاية الأمر تسجيل للانطباع المعتمد على التصورات المنهجية سواء في الكتابة  أو الفكر الداعم لعملية انتاج النص.لذا عمل القاص على إحداث موازنة بين كل متعلقات النص. فقصص(أنا الظِل) تحث الخطى لتتواصل مع المتغيّر في نظام السرد،كذلك في تعميق دلالات المعانى.لعبت الذاكرة دوراً  في استعادة المشاهد لمقارنتها مع ما يحصل في الواقع،فهو استذكار للتنبيه وتشكيل الموقف.فالمقارنة هنا تعمل على  تصفية الرؤى وتركيز وجهة النظر.فقصة (أنا الظِل) عكست فعالية الذاكرة المحتشدة بالصور والمشاهد،وتأثير مثل هذه المفردات على طبيعة تحول وجهة النظر وتركيزها على هموم أغلبها تنتمي إلى أخلاقية إجتماعية.هذه المفردات أعانت السارد على تصفية أجواء المشاهد. كما في قصة(رسالة متأخرة).كما شكلّل باستثناء مع طبيعة النموذج الاجتماعي وموقفه الوجودي، كما في قصة(الخرساء).فالقاص انتبه إلى الاسثناء في ما يُشاهد ويعيش. فالشخصية تطلق عبارته كانطباع(أغلقت الباب وراحت ترقص فرخة؛ يا لسعادتي وفرحتي ونحن ننتظر عودته في اليوم التالي)،بعدها حدثت المعجزة :

{ــ سيدتي إنك تتكلمين!                                                           

  ــ نعم...أنا أتكلم.}

ولكي يشكل قفلة فنية وموضوعية للمشهد اسارسل(انتبهت إلى يده تمسك يدها، سحبتها بخجل وعم الهدوء المكان).

وكذلك فعل في قصة(الأخرس)،حيث يأتي سردياً على الاستثناء الجاري.في ما يُقدّم في قصة (قرية الغجر)تماسكاً سردياً استثنائيا عبر التماسك الشديد بين البنيتين الفنية والموضوعية.

فضاء النص القصير جداً/ 

منذ قصص الحكيم الآشوري(إحيقار) وقصصه القصيرة جداً على لسان الحيوان،ونحن في تواصل مع النص المحكوم بجملة مواصفات وبنى.تواصلت من جهود(ناتالي ساروت)في الكتابة واستمرارها على أقلام عراقية وعربية منهم(محمدعيتاني، زكريا ثامر،محمود شقير،خالد حبيب الراوي،إبراهيم أحمد،هيثم بردى،جمال نوري)والقائمة تطول.لكننا نأتي على المتغيرات(التحولات) التي تحققت في الكتابة  في ما يخص اللغة والتركيز والكثافة والاختزال،فالكتاب اعتمدوا على تجربتهم في الكتابة،مضاف إليها الحس الشعري الذي تمّيّز من خلال نصوصهم،مثلهم مثل تجارب الشعر الذي تدرج في الصياغات من العمودي إلى شعر التفعيلة وقصيدة النثر،ثم شعر الهايكو.وهذا يسحبنا إلى النظرة المؤكدة على خضوع القصاصين إلى المتغيّر في كل حقول الوجود. لذا نجد في قصص(الشمري)انتمائها إلى ما كتبه (أحيقار) بالرغم من اختلاف عوالمهما.فقد حصل أن حاز نصه على مستلزمات الجنس القصصي من اختزال وكثافة واستثناء الخاتمة المؤثرة.فنصه في قياسات ما كُتب ينحاز ويصطف مع نصوص الحكيم كما ذكرنا عبر موصفات السعة النسبية والخاتمة، فإذا كان (احيقار) يهدف إلى نشر الحكمة،فان (الشمري)يستهدف نقد الواقع بمفرداته المؤثرة والمحققة سلباً في الواقع.ونرى أن هذا الدأب سيقود الكاتب إلى فعل بلورة الاتجاه كما وجدناه عند كل الكتاب المذكورين في الاستهلال، باتجاه تحقيق الهوية السردية.

المشـاهدات 58   تاريخ الإضافـة 28/02/2024   رقم المحتوى 40703
أضف تقييـم