السبت 2024/5/4 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 21.95 مئويـة
على ورق الورد مهارات الفن العراقي المصادرة !! منذر عبد الحر
على ورق الورد مهارات الفن العراقي المصادرة !! منذر عبد الحر
فن
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

        الفن العراقي في كل مجالاته متقدّم مبدع له نكهة خاصة , وهذا الأمر ليس انحيازا أو تعصبا , بل هو واقع حال مبنيّ على احصاءات ورؤى نقدية وبحوث ودراسات متعددة اظهرت القيمة الحقيقية للفنون العراقية , ولهذا صار الفنان العراقيّ علامة مضيئة وعلما واضحا أينما حلّ وارتحل , ولأننا – أقصد الوسط الثقافي والاعلامي -  أسرى العبارة الواخزة التي تقول " مطربة الحيّ لا تطرب " فقد جعلنا من الآخر أيّ آخر قادم من خارج الحدود متفوقا على أمهر الفنانين العراقيين , رغم اعتراف ذلك الآخر بضآلته أمام قدرات الفنان العراقي , إلا أن وسطنا ومؤسساتنا الرسمية جعلت من ذلك الآخر نجما وأحبطت فنانينا , بل جعلتهم في الدرك الأسفل من الحياة , ليلهثوا وراء الصغائر من أجل أن يعيشوا حسب , وبالتالي ذهبوا إلى ممارسات أساءت للبلاد أولا وللفن ثانيا وللمسيرة الشخصية للفنان ثالثا , فالفنان , التشكيلي بشكل خاص , حين يلجأ لتلبية رغبات تجار اللوحات التي لا تصغي للقيمة الفنية قدر إصغائها لمتطلبات السوق التجارية , وهي تحاكي لوحات المستشرقين ودهشتهم بالشرق , الأمر الذي يجعل رسامنا ناقلا لصورة بدل أن يقدم إبداعه الخاص , ذلك لتوفير لقمة عيشه في البلاد البديلة التي اختارها هربا من جحيم بلاده التي أذلته , وجعلته يتركها باحثا عن فرصة للعيش , ومن ثم لتقديم الابداع بعد أن يستقر معاشيا , وهكذا مع المطربين والممثلين والكفاءات بكل ألوانها ومجالات اشتغالاتها , لتصبح عوالم فنوننا وإبداعاتنا موزعة على العالم , لتعلّم وتبدع وتعطي أجمل ما لديها , وبأسماء أخرى , أو جنسيات مستحصلة من البلدان التي مكثوا فيها ليحققوا أملا جديدا في حيواتهم المرهفة المتطلعة للهدوء والاحترام الانساني والتعبير الابداعي الحر بكامل بهائه .

 

        إن الهجرة القاسية التي شهدها العراق أدّت إلى ولادة ثقافة الشتات , والتي بدأت بمحاكاة واقع الحاجة والعوز المرير , والتي ولّدت نتاجات ثقافية لا يمكن أن نربطها بالسيرة المضيئة لمعظم الأسماء التي حفرت منجزها بقوة على ساحة الابداع العراقي المتجدد , لأنها شهدت تناغما خاصا مع متطلبات الحياة وواقعها اليومي والرغيف الذي عجزت البلاد عن توفيره بالسبل الانسانية التي تكفل كرامة المبدع وهو يسير إلى هامش مرعب , يضعه أمام خيارات عسيرة تكللت بالهجرة , واختيار المركب الأصعب وصولا إلى مرفأ الاستقرار ولكن بعد تكبّد خسارات ومعاناة متلونة في فصولها .

 

        وبعد أن حصل التغيير , واستبشر الفنانون والمبدعون بشكل عام خيرا في النظام الجديد , تولّد الاحباط من جديد , وتجلّى الألم بأقسى معطياته , فالقادم منشغل بأمور أخرى , ربما يعتقد أزاءها بأن الثقافة لون من ألوان البطر , ولا حاجة لها في وقت يتطلب تحديات مختلفة , وواقع الحال أن الثقافة , لو عرف المعنيون عمقها ومدى تأثيرها – هي من أولويات المواجهة الحقيقية الجادة في البناء وفي تحقيق الاستقرار الانساني والاجتماعي الذي يعد استقرارا أساسيا في حياة البلدان , ومن خلاله , قد نعالج أمورا في غاية الحساسية , ولكن علينا أن نتعامل جميعا مع الجانب الثقافي والابداعي باهتمام خاص , وأن نعيد فنوننا وثقافاتنا وكفاءاتنا الراحلة , ونعيد لهم الثقة بالبلاد وإداراتها , ولكن متى ....وكيف ؟

المشـاهدات 75   تاريخ الإضافـة 18/03/2024   رقم المحتوى 42008
أضف تقييـم