الثلاثاء 2024/4/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
فيلم لال سينغ تشادها" نسخة بوليوودية علمانية لفيلم فورست غامب
فيلم لال سينغ تشادها" نسخة بوليوودية علمانية لفيلم فورست غامب
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

جمال الدين بوزيان

كان فيلم "لال سينغ تشادها" للمخرج "أدفايت تشاندان"، ضحية مقارنة ظالمة وغير عادلة مع الفيلم الأصلي الأمريكي "فورست غامب"، الذي لعب بطولته توم هانكس، حتى قبل أن يبدأ عرض الفيلم في 11 أغسطس 2022، بدأت المقارنة بين الفيملين والبطلين، وبين هوليوود وبوليوود في بعض الأحيان، ونوعية الأفلام وجودتها بين هذه وتلك.

لذلك، أحد أسباب فشل الفيلم هو هذه المقارنة المبكرة جداً، التي بدأت مع انتشار خبر إنجاز الفيلم، واستمرت مع الحملة الترويجية التي سبقت العرض، ورافقت التريلر الرسمي للفيلم الذي عرض بعض المشاهد واللقطات السريعة، مما أدى لظهور أحكام مسبقة متسرعة وغير منصفة للفيلم، وأنا شخصياً وقعت في هذا الفخ، حيث كانت بعض مشاهد التريلر تركز على تعابير وجه "عامر خان"، والتي بدت كأنها مبالغة منه وتكراراً لدور الغبي أو الشخص المتأخر ذهنيا، خاصة وأنه قام بتمثيل هذه الشخصية في أفلام سابقة، مثل "دووم3" و 3 Idiots، حيث أجمعت بعض الآراء في السوشيل ميديا العربية، على أن أداء عامر خان للشخصية كان "أوفــر" بالمصطلح الإنجليزي المنتشر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن، بعد متابعة الفيلم، أصبحت لديّ نظرة مختلفة لدرجة كبيرة، وأكثر وضوحاً وإنصافاً للفيلم ولبطله، حيث كانت تعابير الوجه المبالغ فيها، وحركات وتفاصيل الشخصية الغبية المتأخرة ذهنياً واجتماعياً، ليست بذلك السوء الذي كنا نتصوره من خلال المشاهد الترويجية، بل في الغالب كانت متناسقة مع القصة وأحداثها، ربما استخدام عامر خان المتكرر لتحريك رأسه وتعابير عينيه لإقناع المشاهد بالشخصية الغبية، هو من جعله يبدو غير موفق في الدور مقارنةً بـ توم هانكس، الذي أدى الشخصية بطريقة مختلفة.

ما انتقده الكثيرون أيضاً في هذا الفيلم، هو اقتباس المشاهد واللقطات حرفيا وبكل تفاصيلها من الفيلم الأصلي، من البداية لغاية نهاية الفيلم، ولكن رغم ذلك، الشكل العام للفيلم هندي، والبيئة والشخصيات هندية بإمتياز، كما أن النسخة الهندية كانت أكثر حزناً ودراميةً، ومتخمةً بالمشاعر والعواطف، وهو أمر متوقع في الغالب من بوليوود لما تقوم بإنتاج نسخ عن أفلام أجنبية، حيث تعمل على أن تنصهر القصة الأصلية في البيئة الهندية وتوابلها السينمائية، لدرجة أنه أحياناً تبدو أنها قصة هندية وغير مقتبسة أبداً.

الممثلة "كارينا كابور"، كانت موفقة في دورها، كبطلة مساعدة، لم يكن لدورها مساحة كبيرة مقارنةً بالبطل المطلق للفيلم "عامر خان"، لكن دور كارينا مؤثر ومحوري في القصة، ومثله أيضاً الدور الثانوي للممثل الجنوبي "ناغا شايطانيا" في شخصية الجندي رفيق الكفاح الذي قتل في حرب كارغيل، والممثلة "مونا سينغ" في دور والدة البطل.

تدور أحداث الفيلم عبر مراحل تاريخية حقيقية مرت بها الهند سياسياً واجتماعياً، لعل أهمها، والتي كانت أيضا سببا في فشل الفيلم: حادثة اغتيال رئيسة وزراء الهند "أنديرا غاندي" سنة 1984، واندلاع أعمال الشغب والعنف ضد طائفة السيخ بسبب اتهامهم بتدبير عملية الاغتيال، تنفيذ قرار هدم مسجد البابري سنة 1992، بحجة أنه كان مشيداً على أرض هندوسية مقدسة، وما تبعه من أعمال احتجاج وشغب في الشارع الهندي من طرف المسلمين، حرب كارغيل سنة 1999 بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير، وهي الأحداث التي تم توظيفها لشيطنة دولة باكستان والحركات الإسلامية فيها، المتهمة حسب قصة الفيلم بغسل أدمغة الشباب بالأفكار الدينية المتطرفة، وكأن المشكل بين الهند وباكستان هو الجماعات الإسلامية المتطرفة، وليس مشكلاً تاريخياً قديماً حول تبعية إقليم كشمير المتنازع عليه منذ 1947 لغاية اليوم.

بإستثناء هذا التوظيف السلبي للصراع الهندي الباكستاني في الفيلم، بقية الأحداث التاريخية التي تم عرضها في الفيلم، يبدو أنها لم تعجب الأغلبية الهندوسية، المتهمة بمحاولة تطهير عرقي ضد السيخ بعد اغتيال أنديرا غاندي، والمتهمة أيضاً بهدم مسجد البابري، مما استفز الأقلية المسلمة للقيام بأعمال الشغب والتسبب في الفوضى خلال تلك الفترة.

لذلك، أرى أن أهم سبب لفشل الفيلم، ليس فقط تقليده التام للفيلم الأمريكي الأصلي، ومواجهته لمقارنة مباشرة غير منصفة معه، وإنما السبب الأكثر تأثيراً حسب رأيي، هو عدم رضا الأغلبية الهندوسية على ما ورد في هذا العمل، فكان الفيلم ضحية علمانيته، ومحاولته عرض الحقائق التاريخية الداخلية بدون مجاملة أي طائفة أو الميل اتجاهها، فحقق إيرادات لا تتجاوز 130 كرور وبميزانية تقدر بـ 180 كرور.

المشـاهدات 781   تاريخ الإضافـة 20/03/2024   رقم المحتوى 42227
أضف تقييـم