الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 27.95 مئويـة
الصدر.... الذي عرفته
الصدر.... الذي عرفته
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علاء الخطيب
النـص :

كان الانتماء للصدر يعني الموت، و الانتساب لمدرسته يعني أنك تصدر عليك وعلى عائلتك حكماً بالاعدام, ومع كل هذا كان البعض  مستعداً للتضحية، إنهم فتية ٌ آمنوا بالصدر،  لأنه أول من كان مستعداً ان يضحيِّ من  أجل وطنه و قيَّمه، فكان أدنى من مريديه معيشةً وأكثرهم بساطةً, لم يكن الإنتساب للصدر يمنحهم المناصب ولا  الجاه و المال،  بل على العكس من ذلك.

كان الشباب يتسابقون للمنية دون قائدهم ، وكم رأيت بأم عيني وانا شاب بمقتبل العمر شباباً يقفون أمام داره في النجف ورجال الأمن يحيطون ببيته،  ومريدوه يهتفون بأسمه في زمن تخلى فيه الاخ والصديق ، وخشيَّ البعض ان يمر على باب داره.

 وقد شهدت حادثة بنفسي سأرويها للتاريخ .

كان هناك خبازاً  مجاوراً لبيت الشهيد آلصدر اسمه " ياسين الجزائري "  كان رجلاً شهماً غيوراً  شجاعاً ، وكان رجال الامن يجلسون على حائط المخبز والى جانب باب بيت الصدر ، كان ياسين يتألم ، لكنه لا يستطيع الكلام ، وفي الوقت ذاته كان يتمنى ان تسنح له  فرصة للانتقام من رجال الامن المراقبين لمنزل الشهيد، وذات يوم مرت فتاتان من المنطقة ، فقاما رجال الامن بالتحرش بالفتانين ، حينها انتفض ياسين ووجد ان الفرصة قد جائت له ، فخرج لهم وكان قوي البنية ، فنهال عليك بالضرب ونقلوا على اثرها للمستشفى وكانت حالة احدهم خطيرة ، فالقي القبض على ياسين واعدم رحمه الله . لم يكن انتفاضة" ياسين " للفتاتين فقط وانما كانت ذريعة، وقد روى لي اخوه بانه كان يقول قبل اعتقاله " السيد محاصر ونحن ننظر " يعني ليس من المعقول ان نبقى صامتين ازاء الظلم ، رغم ان ياسين لم يكن من اتباع السيد الشهيد ، ولكنه تأثر بموقفه ازاء الوطن .

وتزداد الأيام قتامةً وحلكةً ويستوحش الكثيرون طريق الحق  ويقل سالكوه ، إلا ثلة قليلة ممن  آمنوا بقيم الرجل ومبادئه، لم تدفعهم المصلحة الشخصية،  بل كانوا يحملون رسالةً وقضيةً ،  وما دام الانسان يحمل قضيته هماً،  فلا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه,وهل هناك قضية أعظم من الانسان  والوطن.

كان الرجل يحلم بعراق ينعم به الجميع بالمساوات والحرية وكان يعتقد بأن وطنه يحتاج الى فدائيين وقرابين، فكان هو أول تلك القرابين. لم يفكر بمصلحته الشخصية حينما عرض عليه صدام بأن يجعله المرجع الشيعي الأول ويمنحه ما يشاء من المال والجاه،  فكان جوابه «لو كان إصبعي بعثياً لقطعت» ، لم يطلب منه النظام سوى الظهور مجرد الطهور ، لمدة ربع ساعة في التلفزيون الرسمي دون أن يمدح أو يذم  لكنه رفض. 

فضل ان يسكن مقبرةً ، رغم العروض السخية التي قدمت له بشراء سكن يليق بشخصيةِ مرجعٍ دينيٍ كبير .

 سار على خطى ديوجين الفيلسوف اليوناني  الذي عاش في برميل رافضاً العالم من اجل سعادة الآخرين ، عرض عليه الإسكندر  المقدوني ان يحقق له ما يطلب

فقال : أطلب منك شيئاً واحداً

    إنك الآن تقف أمامي وتحجب عني أشعة الشمس..

لذا لا تحرمني من الشيء الوحيد الذي لا تستطيع منحي إياه...

لا تحجب شمسي بظلك!

فَهمَ الصدر وديوجين العالم بطريقة مختلفة  وفهما  السعادة هي الوضوح والنزاهة لذا رفضا ارتداء ثوب الذل والعار، كم هو الفارق بينهم وبين اتباعهم ؟ .                                      

بقيَّ يردد ويسمعنا قوله " يا أبناء وطنَ آبائي وأجدادي,  ياأخي وولدي الشيعي وياأخي وولدي السني أنا معك مادمت أنت مع الإسلام" . و الإسلام عند الشهيد الصدر يعني السلام والإطمئنان والحرية ويعني الوطن يعني العراق.    

 لقد باح الرجل بحبه لأرضه وشعبه وقدم نفسه من أجل أبناء وطنه , ولعل خطابه الأخير هوالدليل الاوضح لحبه للعراق فيقول: يا أخوتي وأبنائي من أبناء الموصل والبصرة، من أبناء بغداد وكربلاء والنجف، من أبناء سامّراء والكاظميّة، من أبناء العمارة والكوت والسليمانيّة؟ من أبناء العراق في كل مكان، إني أعاهدكم بأني لكم جميعا، ومن أجلكم جميعا، وأنكم جميعا هدفي في الحاضر والمستقبل.

هذه هي أحلام الرجل بالامس أرادها أن تتحقق اليوم ، ولكن بين الأمس واليوم فارق ٌ كبير وزمن بعيد, فللأمس رجال ولليوم رجالٌ آخرين, فالعراق اليوم ليس كما هو بالامس.                        

وليست المعادلة هي ذاتها , فالصدر حاضر في الموت وغائبُ في الحياة هذه هي المعادلة الجديدة

المشـاهدات 112   تاريخ الإضافـة 07/04/2024   رقم المحتوى 43488
أضف تقييـم