الثلاثاء 2024/4/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
حين يرقص الهنداوي تحت المطر دراسة نقدية
حين يرقص الهنداوي تحت المطر دراسة نقدية
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 يوسف عبود جويعد

المجموعة القصصية ( الرقص تحت المطر) للقاص فوزي هادي الهنداوي، نتابع فيها أسلوب فني جديد، في فن صناعة القصة القصيرة، كوننا سنكون مع رؤية فنية تعتمد على توظيف الادوات والتقنيات والعناصر، التي تعمل على بناء المبنى السردي، بشكل يعطي للقارئ مساحة كبيرة من االوضوح داخل متن، وذلك نتيجة استخدام القاص الى لغة سردية سهلة وغير معقدة من أجل ايصال الخطاب المبتغاة دون تلك التعقيدات، أو الدخول في الشيئات والمرويات والمرئيات، وتلك التفاصيل التي نجدها في النصوص القصصية والتي يعتمدها القاص كأسلوب فني لصياغة النص، حتى بدت لنا تلك الاحداث تلقائية تسير وفق حركة السرد المطلوبة، كون القاص جعل تلك اللغة غاية وليس وسيلة، من أجل القيام بمهامه الفنية، التي يريد منها توظيف عناصر جديدة، قد تكون أكثر أهمية في الاسهام بخلق نص قصصي حديث، مثل أسلوب كسر أفق التوقع، وكذلك توظيفه للبيئة المحلية التي تمنحنا صدق الاحداث، وتعزز وجود المكان في النص بشكل يأتي متلائماً ومنسجماً كسياق فني لاتمام عملية بناء النص، كما أن القاص وظف نمط الواقعية العجائبية والواقعية السحرية كأسلوب متخذ لتدوين تلك االنصوص، وكذلك نجد عملية التشويق والترقب والمتعة والمتابعة، وهي عناصر ضرورية لزج القارئ لمتابعة الاحداث، دون الشعور بالملل، أو الاحساس بعدم الجدوى، كما نجد في تلك النصوص عملية التكثيف والاختزال المطلوبة والتي تأتي ضرورة من ضرورات صناعة القصة القصيرة والتي هي بحد ذاتها فن التكثيف الصعب، كما اعتمد القاص على رسم صورة خيالية لاضفاء طابع الجمال واعطاء القارئ مساحة واسعة من التأويل وشده وسحبه من أجل أن يرافق الحركة السردية منذ نشأتها ثم مرورنا بعملية التعريف والحبكة والتأزم والانفراج، وهكذا يكون القاص قد استخدم هذه اللغة البسيطة والسهلة من أجل تمرير عناصر اخرى في العملية وتلك اللغة تشبه الى حد بعيد السهل الممتنع، واود الاشارة هنا الى أن القاص وظف خبرته العلمية كونه يحمل شهادة الدكتوراه في فلسفة آداب في الاتصال اللغوي، ضمن مبنى تلك النصوص القصصية السردية، إذ نجد في القصة القصيرة " يوم توقفت التاتا أمام التمثال"  مدى أهمية الكلمة وتأثيرها وخاصة اذا انطلقت في غير زمانها ومكانها وخوف الآخر منها، في ظروف ملبدة بالقلق والخوف من أثر تلك الكلمة على من تفوه بها، اذ تقف التاتا أما تمثال للرئيس المخلوع صدام حسين، في وقت صدور قرار رئاسي يفضي بقطع لسان كل من يشتم ( الرئيس) أو احد أركان نظامه أو الاساءة إليهم بالكلام، (ص12) فقد جرت عمليات قطع الألسن لأشخاص في مناطق عدة وأمام أنظار الناس ما اثار الهلع خاصة في مناطق الجنوب(ص 13 )، وعندما توقفت التاتا أمام التمثال، صرخ الرجل العجوز بفطرته ومعرفته أن التمثال يعني (صنم)

- هذا صنم ؟

وتحاول الزوجة اسكاته خوفاً عليه وعلى الركاب، الا أن هذا العجوز يصر على أن ( هذا صنم صدام حسين) ، وتزداد الزوجة قلقاً وخوفاً عليه وعلى الركاب، الا أن اصرار الزوج جعل الزوجة تغير مكانها مبتعدة عنه، حتى لا يخوض بهذا الحديث، وبعد فترة من التوقف أمام  التمثال وقلق وخوف انطلقت التاتا، تصاحبها زغرودة من الزوجة التي احست انها تجاوزت الازمة.

وهكذا نجد تلك الخبرة العلمية التي اكتسبها القاص قد وظفت بشكل متقن في هذا النص لأننا سنجد تفاصيل عميقة وواعية عن تأثير الكلمة واهميتها ضمن متن النص.

وننتقل في القصة القصيرة " خرزة زرقاء" الى عالم الخرز المليء بالعجائبية والغرائبية، واهتمام الناس بها وبشكل أخص في المناطق الريفية، التي تستخدم فيها تلك الخرز بشكل اكثر، فهناك خرزة للمحبة ، وهناك خرزة للجلب الحبيب، وهناك خرزة لرزق، وهناك خرزة لجلب الحظ، وهناك خرزة للنجاة من المهالك، وهكذا فأن ريم الساحرة الغجرية تهدي لحبيبها حسام " خرزة زرقاء" وهي تعمل لسحب المرأة الى الرجل بمجرد ملامسته لها، وتجري تجربة مع امرأة خمسينية لترى مفعول هذه الخرزة فتقع تلك المرأة العجوز  بحب حسام وتندفع نحوه من اجل اطفاء نار شهوتها، الا ان حسام يحاول الابتعاد منها لاعناً تلك الخرزة السحرية ومن صنعها.

أما القصة القصيرة "أسمي حموّر" فأنها تحيلنا على الاسم وتأثير على حامله، وسوء اختيار الاسم للمولود، قد يؤثر عليه طوال حياته، وهكذا نجد ان حموّر أو جمهوري، يعيش حالة من الكئابة والحزن بسبب اسمه، ويحاول اقناع امه وافراد اسرته من أجل تغير اسمه، وتهتدي الام الى خدعة تقنع فيها افراد الاسرة بتغيير اسمه من جمهوري الى فوزي.

ونجد في القصة القصيرة " مكابدات الأعمى كطوف" حكاية الاعمى كطوف وهو يحضر حفل زفاف شقيق بطل هذا النص، وحب البطل لماجدة ومحاولة اغوائها لتقع في شباك حبه، الا  أن كطوف يحب ابنة عمه ماجدة، وهكذا نعيش صراع للحصول على حب ماجدة، التي  اختلت مع كطوف في غرفة في الطابق  العلوي ليمارسا الجنس بشكل مثير وبتفاصيل دقيقة اتقن القاص بنقلها للحد الذي يعدل فيه بطل هذا النص من ازعاج ماجدة او التنافس مع كطوف من اجلها.

ضمت هذه المجموعة عشر قصص، تناولت ابعاد فنية وفلسفية وثقافية واجتماعية،مهمة، بأسلوب فيه الكثير من الحداثة.

من اصدارات دار عشتار للنشر والصحافة والانتاج الاعلامي –بغداد – الكرادة لعام 2024

                      

المشـاهدات 110   تاريخ الإضافـة 17/04/2024   رقم المحتوى 43871
أضف تقييـم