الأحد 2024/5/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
أرخص حب
أرخص حب
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

يكتبها : محمد فيض خالد

اعتدلت في وقفتها تمسك بالفرشاة، تُمررها من فَوقِ خُصلاتِ شعرها الكستنائي المُرسل فوقَ كتفيها المُكتنزين كابنةِ العشرين ،في حَسرةٍ ولوع تشخص ببصرها ، تمُصمص شفتيها في استعبارٍ وفَقد ، تتَحسّس بيدٍ مُرتعشٍة وجهها الغَارقُ في شُحُوبهِ ،تُحرِّكُ سَبابتها فوقَ خُطوط ٍسُود مُهتزة ، نَحتت طَريقا في قَسوةٍ فوَقَ وجنتيها ،ألقت عنها الفُرشاة في ضَجرٍ ،لكنَّها عاودت في استسلامٍ تَتفرّس تفاصيل جسدها ، تتَحسّس لحمه المتُرهل في انزعاجٍ ،تَحرَّكت ناحيةِ النَّافذةِ وهي تتَرنَّح ، وكَأنَّها تُطالع كتاب الفضاء المُسَّجى في رَماديتهِ الخانقة.

تزوجت " سميحة " من " حسن مرعي" بعدَ قصِة حُبٍّ بدأت من طرفهِ ، وانتهت بزواجهما ،صغيرة تَعلَّقت به ، انجذبت لعطفه ، وذاقت من قَلبهِ شهدَ الأيام ،وفي المقابل أكَبرَ فيها عِفتا وطهارة ذيلها ، كانت حديث المجالس ،وفاكهة الجِنان التي يتحاكى عن حُسنها القُصَّاص، تطوف فتنتها في جُموحٍ بَخيالِ كل فتى يُقِّدرُ الجَمال ويَعرف مقدار الملاحة ، حَباها الخالقُ جسدا آيته قد اكتملت ، صُبّت في قَالبٍ طري لين ،سَمهري خمري تستطيبه الأعين وتشتهيه الأنُفس ،وعينان غلفتهما أهدابٌ مُزججَّة بكُحلٍ يُسكر العقول ،وضحكة تَتفلّت في ونَسٍ يَصهرُ افئدة أعتى الرجال ، مئات تمنوها زوجة وخليلة ولكنها استعصمت.

اسقطها قدرها في عصمِة " حسن " موظف الجمعية الزراعية ، ارتضته على عيَنٍ ، اتصل بأواصرِ صَداقٍة بأخيها ،ورغم مرضه المُبكِّر ، وشكواه المُزمنة التي نغصت حياتهما ، لكنَّها تفَانت في حُبِّه ،عَاشت تُمنَّي نفسها بحياةٍ هانئة ، زوجة وأمّا وحبيبة يضمها عُشٌ هادئ، انسلخت الأيام لتتفاقم عِلته ، وتَنتكسُ صحته ، عندها فقط شعرت بالقَلقِ ، وحَامت من حولها الهواجس الثِّقال ،خَاصةً وهي ترى أحلام الأمس تتبخر من يدها ،التهم الموت رجلها ،لتغَيم الدنيا في عينيها ،تُراقبُ في رَوعٍ شمعةَ جمالها تنَصهرُ عبثا، تُلقي بها في جُزرِ النسيان ،كانت كبقيةِ النساء تتنازعها رغبات ،ففي كُلِّ يَوم ٍتحس بالحرمانِ يتفجَّرُ ليحرقها ،فهذا العنفوان لابُدّ وأن يجد مصَرفا.

في هاتهِ الأثناء ظَهرَ صديقٌ للمرحوم ، داوم على زيارتها ، تَعلَّل بالصغارِ ، لكَّنه في الحقيقة يُقاومُ انجذابا نحوها ،استسلم في الأخيرِ لترياق الُحبّ ،وجدت فيه صَفيا كتوما، تعاطيا سويا صُنوف الهيام ، بعدما ألقت بنفسها في بحارهِ، تعَرض عليه المُتعةَ ، وهو في أشدِّ الحَاجة لتلبية نداء الشيطان ،داوما على إثمهما لا يفيقان منه حتى يعودا فيه، ورغم استسلامها له لكن رغبته فيها قد ذبلت ، أصبحت في نظرهِ رخيصة مبتذلة ما أسهلها ،لم يخل لقاءهما من توبيخٍ وربما مدّ يده بالإهانةِ ،حَتىّ كانَ يَوما لم يطرق بابها ،تعبت في السُّؤال عنه ، لم يقطع أحدٌ برأي ، مرَّت أيامٌ طويلة مليئة بالكآبةِ ،تُؤمّل في رُجوعهِ ،لكنَّه هجرها للأبدِ ،وهَا هي تنتظر منذ سنواتٍ أمام مرآتها عَلَّه يعود.

المشـاهدات 147   تاريخ الإضافـة 20/04/2024   رقم المحتوى 44023
أضف تقييـم