
![]() |
على ورق الورد ظاهرة الجماعات الفنية ...ضعف أم قوّة منذر عبد الحر |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : شاعت في الآونة الأخيرة ظاهرة الگروبات الفنيّة , وقد اتضحت هذه الظاهرة بشكل ملفت للنظر في الأعمال الدرامية العراقية , وهي ظاهرة ليست جديدة في عالم الدراما والسينما العربية , ولعل "گروب"الفنان عادل إمام صار معروفا للمتابع والمشاهد والمعني بالفن أيضا , فهو معه في كل أفلامه الأخيرة , وكأن السيناريو المكتوب قد فصّل على مقاسات هذه الجماعة دون غيرها .
إن فكرة الجماعات الفنية قد ظهرت منذ انطلاق التجارب الفنية والأدبية المختلفة عن التجربة التقليدية السائدة في حينها , وكانت أوربا الحاضنة المبكرة لهذه الجماعات والتجارب التي نستشهد منها بالسوريالية ثم التكعيبية والدادائية وصولا إلى الحداثة التي ظهرت بعدها متغيرات هامة وجوهرية , وقد أصدرت هذه الجماعات بيانات ورؤى تنظيرية حول ماجاءت به وحول نظرتها للسائد من الفن , وأسباب خروجها عن قالبه , وهكذا شهد العالم انتشار هذه التجارب وتعرفت أجيالنا على طبيعة هذه الجماعات وأفكارها واهتمت بها اهتماما اسثنائيا , بل أن الأجيال المواكبة لهذه التجمعات شكلت أصواتا موحدة , لتؤسس جماعات أدبية وفنية أصدرت بيانات وقدمت نصوصا ولوحات ٍ وتجارب وتواصلت هذه الجماعات من أربعينيات القرن الماضي أو ربما قبلها وحتى التسعينيات .
أما في الدراما والسينما العالمية فقد كانت للتجمعات رؤية مختلفة , وربما غلبت عليها الثنائيات أو " الدويتو"كما اصطلح عليه الآن , وهذه الثنائيات اشتهرت وصارت لها منجزات معروفة , وكذلك الثلاثيات , التي اشتهر فيها في السينما المصرية ومسرحها طثلاثي أضواء المسرح" الذين شاركوا في أعمال درامية ومسرحية كثلاثي له ذات الحضور وتكاد تكون أدوارهم موحدة , أما ثنيائيات السينما المصرية فتكاد لا تحصى لكثرتها وتنوعها , فيما عرفت الدراما العراقية ثنائيات متنوعة لعل أبرزها "الحجي راضي وعبوسي " في مسلسل تحت موسى الحلاق , وهناك ثنائيات هنا وهناك تبعت هذا الثنائي الناجح الذي مازال وهج عطائه متألقا في الذاكرة العراقية حتى هذه الساعة .
أما العصر الراهن فقد شهد تجمعات من نوع خاص ,. وهذه التجمعات تشكل وحدة عمل متكاملة , لا تسمح لأحد اختراقها , وهي منغلقة على مشروعاتها التي تنتجها مجتمعة , ولعل حسنة هذه التجمعات أنها تنطوي على تفاهم كبير بين أفرادها , أما مساوئها – والتي يراها المعنيون بأمر الدراما – أنها منغلقة ولا تسمح للآخرين الدخول في إطارها ومنافستها على أدوار العمل الدرامي الذي قد يتطلب تواجد فنان بإمكانات لا تتوفر في هذه الجماعة , عندها يقحم الدور على ممثل غير مؤهل لأدائه وبالتالي يفقد العمل جانبا مهما من جوانب نجاحه .
إن الگروبات أو الجماعات الفنية ضمن المشهد الفني الواحد , وبالذات في العراق عندنا , قد لا تعطي النتائج المتمناة للعمل , فهناك طاقات وقدرات قد لا تضمها مجموعة "س" لكنها تحتاجها , ولا تستعين بها لأنها خارج هذه المجموعة , وبالتالي فأن الطاقة التي تحتاجها تنتضم مع المجموعة "ص" التي لا تتعامل معها المجموعة "س " , وهذا الأمر سيشكل عائقا ابداعيا وخللا سيبدو واضحا في العمل الذي تقدمه المجموعة التي اعتمدت على أفرادها فقط .
نتمنى على الجماعات الفنية في وسطنا الفني والثقافي أن تتعاضد فكريا وأن تضع آفاقا مشتركة لا تنغلق فيها على الجماعات الأخرى , أو على الوسط بعمومه , كي لا تكون أطر هذه التجمعات أطرا وأسوارا تحجب عنها القدرات والطاقات الأخرى , وأن يتطابق عملها التنفيذي مع الرؤى النظرية , ولكن ليس بالأدوات المحددة ضمن المجموعة , فالنجاح في وضع الأسس الفكرية والخرائط الصحيحة لأي مشروع , وسيكون التنفيذ أكثر نجاحا وتألقا حين تشمل آفاقه المشهد الفني والثقافي برمته . |
المشـاهدات 220 تاريخ الإضافـة 23/06/2024 رقم المحتوى 48146 |