الأربعاء 2025/4/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 37.95 مئويـة
نيوز بار
امرأة لا تعرف الافول
امرأة لا تعرف الافول
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

انوار الخزرجي

يوم ماطر ، أصوات حبات المطر على الشباك اخذها الى عالم اخر  ، بدات  الذكريات تعصف عصف الرياح ...سنين العمر مرت كفرس يعدو مسرعا ليعانق خط النهاية...الستون   ...مشارف النهاية ...رجعت بها الذاكرة لتقتفي ما حل بهذا الجسد المنهك....على أعتاب العشرة الاولى من عمرها كانت تغادر الطفولة الى مراهقة ملؤها الطموح...بين ضجيج أعمال البيت وحلم التفوق ورغبة القيادة ، كان وقتها موزعا بين المدرسة والعمل المجتمعي الذي انخرطت فيه مبكرا واعمال البيت....لا شيء يدعى وقت فراغ ..فالطموح كبير . التهمت كتب الأدب والفلسفة والعلم ..بنت عقلها واتخذت موقعها الريادي مع من يكبرنها بكثير.

على أعتاب العشرة الثانية .... تجاوزت صدمة عدم تحقيق حلمها في دخول كلية الهندسة ، واختيارها العلوم بديلا عن ذلك ، وبدأت تضع خطوات واثقة في طريق التفوق . .التعويض ليس صعبا على ذوي الهمم ...والدكتوراه تجبر الكسر وتضعك في القمة من جديد...

على أعتاب العشرة الثالثة.. متزوجة منذ فترة ليست بالطويلة وام لطفلين .. شقت طريقا جديدا ..تدريسية  في إحدى الجامعات.

تزامن ذلك مع سني الحصار...كانت دراستها للماجستير وزواجها ، وولادة طفليها في اتون الحصار الظالم، عشر سنوات او اكثر من القحط ، بدأت معها وهي طالبة ماجستير، ثم اما لطفلين وتدريسية براتب بسيط تحاول ان تعظم مدخولاتها بالعمل الإضافي، ليمتد عملها ستة أيام في الاسبوع من الصباح الى بعد الغروب.

دؤوبة كما اعتادت منذ نشأتها، يبدأ يومها قبل السادسة فجرا، تجهيز الصغيرين للذهاب الى الحضانة، ثم تجهيز المحاضرات والانتظام في تدريسها منذ الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء.   

على أعتاب العشرة الرابعة... باتت الدكتوراه قريبة ، وان أوان القطاف...لكن القطاف يأتي بعد تعب طويل للفلاح، و هكذا كان حالها...تعب سنوات الدكتوراه وهي على مشارف الأربعين مع استمرار القحط واستمرار الحصار ..تدريسية واما وطالبة،خمس سنوات من الكفاح والسفر المستمر الذي كان في بعض الأحيان يمتد على طول الاسبوع...ليأتي الاحتلال ، ثم الطائفية والتي زادت معاناتها بالفقد للكثير من الاحبة ولتستمر معاناتها مع استمرار المفخخات والجثث الممزقة والنيران التي تعترض طريقها في رحلة صراع مع الحدث لإثبات الذات وتحقيقها ...   سعيا للقطاف .هذا القطاف الذي كان ثرا ، أعطى لها دورا قياديا وعلميا ومجتمعيا...اصبحت ممن يشار إليهم بالبنان في مؤسستها الاكاديمية، وايقونة للطالبات يقتفين أثرها، وملهمة لطلبتها.  

على أعتاب العشرة الخامسة...وجدت في الأدب حلمها في الخلود ...فتزاوج عندها العلم والأدب، ليفتحا لها بابا جديدا للشموخ..

على أعتاب العشرة السادسة تشارف اليوم... عنفوان يتجدد ، زهرة عمر ترفض الذبول. .فاكسير الخلود يقوى رغم ضعف البدن، روحها الشابة تهوى الحياة ، طموحاتها التي لم تتحقق بعد  لا تزال تناديها ، تحثها على السعي ...فتراها تصارع الزمن لتترك اثرا بعد الرحيل..

هل تراها ستصل للعشرة السابعة....ام سيحين قبل ذلك الرحيل؟!

ابتسمت مع نفسها ...مالك ؟ تفائلي ...

فتخيلت نفسها على أعتاب العشرة التاسعة  ، على عكازة، محاطة باحفاد اولادها تروي لهم قصة امراة عبرت الحصار وكابدت مرارة الفتنة الطائفية وظلمات اصحاب القرار لتكون صفحة في تاريخ بلد اسمه العراق!!!

 

المشـاهدات 473   تاريخ الإضافـة 31/08/2024   رقم المحتوى 52458
أضف تقييـم