إنهم المتلونون! |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي |
النـص : المتلون هو من لا يثبت على حال، فهو يتغير على حسب المصالح والمنافع، لذا شبه بالحرباء التي تغير لونها حسب المحيط والمكان الذي توجد فيه، فالمتلونون لا يثبتون على موقف، ولا يقفون على مبدأ، ولا يستقرون على حال، ديدنهم الكذب، وميزتهم النفاق، ومعدنهم التزييف وقلب الحقائق، تحركهم المصالح الذاتية، وتسيرهم المنافع الشخصية، تتغير مواقفهم بين ساعة وأخرى لا بين ليلة وضحاها! هذا حال الكثير من الناس اليوم على الجانب السياسي والاعلامي والاجتماعي يغير موقفه على أساس المصالح والمنافع، فعلى الجانب السياسي تتغير الانتماءات الحزبية والولاءات حسب المصالح والمكاسب، فأعداء الأمس أصدقاء اليوم، وأصدقاء اليوم اعداء الغد، فالمواقف والآراء تتغير باستمرار، فلا مبدأ ولا قيم ولا ثوابت، بل مصالح ومنافع فحسب، وكذا الحال على الجانب الاعلامي تجد بعض الاعلاميين تتغير مواقفه وآراءه وتوجهاته الشخصية باستمرار بحسب موقف وتوجه القناة التي ينتقل إليها ويعمل فيها، فتراه يوماً في أقصى اليمين، ويوماً آخر في أقصى اليسار، تراه يوماً معارض للحكومة، وفي يوم آخر موالي! وعلى المستوى الاجتماعي تجد حتى من يطلق عليهم أنهم قادة المجتمع ونخبه من شيوخ عشائر وأساتذة وكفاءات ورجال دين تحرك الكثير منهم المنافع وتوجههم المصالح يميلون مع الريح حيث تميل، ويهتفون ويصفقون للغالب وللمنتصر، يقفون مع الجانب القوي، كلنا يعرف أمثال هؤلاء الذين شعارهم بالروح بالدم نفديك يا هو الجان! لذا حذر النبي عليه الصلاة والسلام من المداحين الذين يمدحون الشخص في وجهه لا خلفه، ويثنون عليه بما ليس فيه، وما أكثر هؤلاء الذين يمدحون ويثنون على كل من يصل إلى منصب، أو يترقى في مواقع المسؤولية قبل أن يباشر عمله، وقبل أن يروا منه عمل أو انجاز! لذا قال عليه الصلاة والسلام: "إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا في وجوههم التراب". والمداحون هم من اتخذوا المدح عادة، أو من مدح بباطل، أو ما يؤدي إلى باطل، فهؤلاء يمدحون بل يبالغون في تعظيم الآخرين بالكذب والباطل والزور حتى يصدق الممدوح نفسه ويرى أنه أهل لذلك المدح وجدير به. المتلونون مثل النباتات المتسلقة التي تحاول الصعود والوصول بأي طريقة، فالمتلون همه الوصول إلى مصالحه مهما كانت الوسيلة إلى ذلك، سواء بالكذب أو النفاق أو المداهنة أو ادعاء المحبة والود، المتلون منافق يظهر خلاف ما يبطن، ولا خير يرتجى ممن كان هذا شأنه وهذا حاله. رحم الله القائل: لا خير في ودِّ امرئ متلون إذا الريح مالت، مال حيث تميل.
|
المشـاهدات 37 تاريخ الإضافـة 07/09/2024 رقم المحتوى 52904 |