الإثنين 2025/6/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.41 مئويـة
نيوز بار
نافذة من المهجر مزاج التواصل الاجتماعي
نافذة من المهجر مزاج التواصل الاجتماعي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

 

 

مواقع التواصل الاجتماعي تأخذ منّا جميعاً وقتاً ليس قليلاً في التصفّح والمتابعة والتسلية والبحث عن أشياء تتوافق مع اهتماماتنا , وهذا الأمر صار طبيعيّاً في حياة كلّ منّا , حتى أصبح الانترنت والفيسبوك تحديداً مصدراً أساسيّاً من مصادر معلوماتنا وتعرّفنا على آخر الأخبار بكلّ تنوعاتها ومجالاتها , بل أصبحت الكثير من مفردات تعاملنا في حياتنا اليوميّة مستمدة من قاموس هذه المواقع , وأذكر على ذلك مثالاً طريفاً ربّما يختصر الكثير مما أريد الحديث به , وهو أن إحدى قريباتي , أرسلت لي رابطاً الكترونيّاً يتضمّن علاجات لبعض الأمراض , وهي علاجات مبتكرة تنطوي على طرح إعلانيّ للترويج لمنتجات جهة معيّنة , تحاول كسب زبائنها ومتابعيها من خلال بثّ هذه الإعلانات التي توحي لمتابعيها أن فيها حلولاً سحريّة ومعالجات فذّة لأمراض عجز الطبّ التقليديّ عن علاجها , طبعاً يقترن ترويج الإعلان برسائل شكر وتأييد من عدد من الذين جرّبوا المنتج وحقق لهم ما يريدون وشفيت كلّ أمراضهم , وعند تأمّل هؤلاء الشاكرين والمؤيدين بتعليقاتهم , نكتشف أن المروّج الإعلاني ذاته هو الذي جنّد هذه الصفحات للتعليق على المنشور ودعم مصداقيّته , كي يقتنع المتلقّي بما معروض أمامه في الإعلان !

أما قريبتي , وبعد أن كتبتُ لها وجهة نظري حول هذه المنشورات , وما شابهها من إعلانات ترويج بعيدة عن الواقع ولا يمكن أن يتحقق فعلاً ما روّجت له بالإعلان التجاري الذي يبثّ ....

وهكذا مع الكثير , ليس من المنتجات حسب , وإنما دخل بثّ المعلومات المضللة إلى قضايا تخصّ حوادث التاريخ والمعلومات الخاصّة بالشخصيّات والقضايا الراهنة , وكلّ هذا يرتبط بمهارات صناعة المحتوى ووضع الصور والأفلام وطريقة منتجتها وعرضها ...

فوضى مواقع التواصل الاجتماعي , التي لا تخلو من فوائد حين تكون بعيدة عن الخداع والتضليل والادعاء , هذه الفوضى صنعت مجتمعاً كاملاً , يتداول الترند في حالات مشتركة , ويصدّق كذبة تصديقاً جماعيّاً لتغدو أمراً مسلّماً به أو حقيقة راسخة , بينما هي غير ذلك ...

إن الخطورة تكمن في قلب الحقائق , وخصوصاً من الجيوش الالكترونيّة التي ترفع من تريد رفعه ,  وتسقط من تريد إسقاطه , والأدهى في ذلك تزوير الوثائق وقلب فحوى الأحداث , ليغدو القاتل مظلوماً والقتيل ظالماً في عمليّة ترويج متقنة في قذارتها ...

لذلك من المهم جدّاً أن لا نتأثّر سريعاً بما يبثّ لنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي , وأن لا ننفعل عاطفيّاً بشكل سريع لمواقف مصنوعة كي تقنعنا بما نشاهده من عرض صوري أو فيديوي , لأن صنّاع المحتوى يريدون الوصول إلى غايات لا تبدو واضحة بشكل كامل أمامنا , لكنها تصل بنا إلى نتيجة ربّما هي خلاف الحقيقة , كما يحدث من بثّ سموم حقيرة في قضيّة ضحايا أهلنا الأبرياء في غزة , ومحاولات التشويش والتشويه أيضاً , ذلك الذي يجمّل وجه القاتل ويبرر أفعاله , ويجعل من الشهيد ظالماً , بطرق ووسائل مختلفة في العرض الإعلامي ..

لقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي , وخصوصاً بعد هيمنة الذكاء الاصطناعي دوراً خطيراً وحسّاساً في حياتنا , حتى أن البعض وجد ضالته في كل أمر يريد الخوض فيه والتعامل معه , فالأمر متاح ولا يستدعي جهداً أو طاقة أو حيرة . فبمجرّد طلب ما يريد الباحث عن ضالته , سيجد ما يملأ هذا الطلب !!

أكتب هذا العمود وأنا أراجع في ذهني حالات وتصوّرات وظواهر , ليس فقط على مستوى الإعلانات التجارية المروّجة , أو نشاط الذكاء الاصطناعي , بل أبعد من ذلك , حيث انعكس الأمر على قناعاتنا وربّما سيخلل ثوابتنا , بعد أن صار شبه إدمان يقتل أوقاتنا ويأخذنا لمناطق تشوّه معالم ذاكرتنا ....

أدعو هنا لتفعيل الوعي في التلقّي وعدم قبول الأشياء إلا بقناعات تبنى على الرويّة والتمحيص والتأمّل , قبل القبول والقناعة التامّة , والحديث يطول حول هذا الأمر لأنه متشعّب وحسّاس , ومعقّد أيضاً .

المشـاهدات 196   تاريخ الإضافـة 31/05/2025   رقم المحتوى 63492
أضف تقييـم