الجمعة 2025/6/6 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 25.95 مئويـة
نيوز بار
بنات في قبضة الشاشة... وسائل التواصل تعيد تشكيل وعي المراهقات
بنات في قبضة الشاشة... وسائل التواصل تعيد تشكيل وعي المراهقات
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب سيف الحمداني
النـص :

 

 

إعلامي وصحفي

 

في العقد الأخير، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي من وسيلة ترفيهية إلى عنصر مركزي في تشكيل الوعي الجمعي، لا سيما لدى الفئات العمرية الأصغر. لكن التأثير الأكثر حساسية وخطورة يظهر في حياة المراهقات، حيث يتداخل التشكّل النفسي والوجداني مع رسائل يومية تُبث عبر الشاشات، تصنع مقاييس للجمال، وتحدد معايير القبول، وتُغذي شعورًا دائمًا بالمقارنة والنقص.دراسات ميدانية نُشرت حديثًا تكشف أن الفتيات بين سن 12 و17 عامًا في الدول الغربية، يقضين ما معدله ست ساعات يوميًا على الهواتف الذكية، أغلبها على منصات مثل إنستغرام وتيك توك وسناب شات. ووفق دراسة فنلندية، فإن هذا النمط من الاستخدام يرتبط بارتفاع نسب القلق والاكتئاب، حيث أظهرت النتائج أن 37% من المراهقات اللواتي يستخدمن السوشيال ميديا بشكل يومي، يعانين من أعراض قلق حاد، بينما أبدت 17% منهن علامات واضحة على الإدمان الرقمي.المحتوى المرئي الموجّه للمراهقات بات يؤثر في صورة الجسد لديهن، ويصنع شعورًا دائمًا بعدم الرضا. الباحثة أماندا رافول من كلية هارفارد للصحة العامة تؤكد أن الفتيات يتعرضن يوميًا لمعايير جمال غير واقعية، مما يؤدي إلى تشوه في الصورة الذاتية، واضطرابات أكل، وميول اكتئابية صامتة.ولا تقتصر التأثيرات على ذلك. فالتنمر الإلكتروني بات خطرًا لا يُستهان به، يلاحق المراهقات في كل منشور أو تعليق، ما يضاعف من الأذى النفسي ويقلل من شعورهن بالأمان الرقمي. دراسة بريطانية واسعة النطاق وجدت أن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل يقترن باضطرابات نوم حادة، وانخفاض في النشاط الجسدي، وتدهور نفسي عام، كانت آثاره أكثر وضوحًا لدى الفتيات مقارنة بالفتيان.اللافت أن الفتيات يتأثرن بهذه الوسائل في عمر مبكر نسبيًا، إذ تبدأ التغيرات النفسية المرتبطة بالسوشيال ميديا لديهن ما بين 11 و13 عامًا، في حين يتأخر هذا التأثير لدى الذكور. وقد أكدت دراسة منشورة في مجلة Nature Communications هذا التفاوت، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى فهم أعمق للفروقات النفسية في التفاعل مع التقنية.إننا لا نقف أمام "أزمة أجهزة"، بل أمام تحوّل ثقافي واجتماعي هائل، يفرض علينا مراجعة مفاهيم التربية، وتطوير مناهج الوعي الرقمي في المدارس، ودعم الصحة النفسية للمراهقات عبر منصات دعم آمنة، ومحتوى متوازن.وسائل التواصل، كما تؤكد التجربة، ليست شرًّا خالصًا، لكنها كالسيف، تُمسك من حدّه إن غاب الوعي، وتُهذّب إن حُسن استخدامها. وبين هذا وذاك، تتكوّن اليوم شخصية فتاةٍ... ستغدو غدًا امرأة، ومسؤولة، وصانعة رأي.

المشـاهدات 121   تاريخ الإضافـة 03/06/2025   رقم المحتوى 63674
أضف تقييـم