الإثنين 2025/6/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 42.95 مئويـة
نيوز بار
على ورق الورد الأغنية العراقية ...وعاشوراء
على ورق الورد الأغنية العراقية ...وعاشوراء
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منذر عبد الحر
النـص :

 

 

 

 

      في حوار مهم وصريح ومثير أجراه الشاعر والاعلامي حسن عبد الحميد لحساب قناة الرشيد  الفضائية مع الناقد الموسيقي الراحل عادل الهاشمي , وربما كان هذا الحوار هو آخر الحوارات التلفازية مع الفقيد , أعطى  بالأغنية العراقية رأيا  في غاية الأهمية والإثارة , كما أنه يدعو للتعمق فيه وتأمله ودراسته بأناة , والرأي هو  أن الأغنية العراقية  وفي كل مراحل نضجها وتألقها عبارة عن استنطاق وتنويع فكرة العزاء الحسيني وتجسيد الحزن والشجن المستوحى من واقعة الطف وعاشوراء والوجع الانساني الكبير الذي تركته هذه المصيبة في نفوس وضمائر العراقيين وهم يتعاطون ملامح هذه الحادثة الأليمة التي لم يشهد التاريخ مثل قسوتها , وهي التي وقعت على آل بيت الرسول عليهم السلام حيث حفر الحزن أخاديد على أرض التاريخ تستعاد بكل قوة في محرم الحرام من كل عام .

 

      ان استذكار واقعة الطف , وتأثيرها الخفي الكامن في اللاوعي على الأغنية بعمومها , جعل من الأغنية العراقية ذات نمط خاص ونكهة ميّزتها عن الغناء العربي , وجعلت من أحزانها علامة فارقة , ومن وجعها حضورا لافتا للنظر , وقد كتبت في ذلك دراسات متعددة , وطرحت روى مختلفة تحدثت عن أسرار الوجع والحزن والأسى في الغناء العراقي .

 

      إن ثقافة الفجيعة وإحيائها , وتذكّر المواجع الانسانية والدروس والعبر المستقاة من واقعة كربلاء وتفاصيل حكاية استشهاد سيد الشهداء الحسين عليه السلام , تحيي في نفوسنا إحساسا وجدانيا مفعما بالانتماء للرؤى الانسانية العميقة , وترقق القلوب , وتنهض بالضمير الجمعي مشيرة للباطل مشخصة إياه , معلية صوت الحق الذي جسده "انتصار الدم على السيف" في المعادلة التي لا يفهم بعدها غير المؤمنين بمنهج أهل بيت الرسول عليهم السلام , الذين لم يهادنوا ولم يستسلموا للباطل رغم ضراوة الظروف وصعوبة الموقف ليقول الحسين عليه السلام بكامل الشموخ "هيهات منا الذلة " فتصبح صرخة الحق هذا هذا منهجا وسبيلا ودليلا , يفصح عن أنين يصدح عاليا , وهذا الأنين تجسده المواجع بإيقاع في غاية الحساسية وهو يحاكي الألم ويشدو نشيجا مؤثرا يبكي الحجر الأصم , فيؤثر في النفوس التي تسعى وراء الحق , وتبكي بشجى يشبه الهديل في عبرته .

 

      إن الأغنية العراقيّة , تأثرت وهي تنسج موسيقاها من عمق الفجيعة , فصارت أنينا مموسقا , وبكاء منغما , وهديلا يبوح شجن الأرض وأحزان الناس , كخطاب ينتمي بعمق لأجواء عاشوراء وينهل منها مجسات تأثيره في الواقع الراسخ في الذاكرة حزنا ودماء وعطشا حسينيا أزليا تربع على أعماق الوجدان فتشبعت به فصول حياتنا , ليدخل في أوردة الثقافة فيبزغ من لاوعينا ليتجلى قصائد وأغنيات يحار المتلقي – غير العراقي – بسحر حزنها وصدقه العميق الذي يعطي للحزن دفقا إبداعيا خالصا وخالدا أيضا .

 

      لذلك , أقول يستحق الرأي الذي أطلقه الناقد الموسيقي الراحل عادل الهاشمي في غنائنا العراقي , التأمل والبحث والدراسة والاغناء العلمي له , لأن أحزاننا المقدسة ترتبط بانتمائنا لكربلاء ومصيبتها والفصول الدامية من واقعة استشهاد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ودمه الطاهر الذي مازال حارا في ضمائرنا وقلوبنا وعقولنا وأحزاننا اليومية .

المشـاهدات 32   تاريخ الإضافـة 30/06/2025   رقم المحتوى 64413
أضف تقييـم