النـص : تتباين الفئات العمرية في فهم القانون والاهمية لتشريعه الذي يكون مرهونا بالتطورات الحياتية والتحولات الحديثة التي تحيط بالفرد والمجتمع في كل نواحي الحياة مما ينتج عنه ضرورة لصيرورة قوانين جديدة ، ومن الواضح ان تقوم السلطة التشريعية في كل بلد بمهمة سّن هذه القوانين واللوائح والتشريعات التي تتفق وبيئة وطبيعة الافراد الذين يعيشون في حدود تلك الدولة ، فالقانون يقيم النظام في المجتمع وينظم سلوك الافراد ويبـّين شكل العلاقة مع الدولة لانه يعتمد على مجموعة القواعد الدستورية المنظمة لكل نواحي الحياة ،ولكن المُشرع يقف عند حدود معينه ولا يدخل أبواب المؤسسات والمديريات والقطاعات الحكومية والخاصة لضبط إيقاع العمل الداخلي فيها ، وانما ترك الامر الى المسؤولين عن العمل ومالكي المشاريع والمدراء المفوضين للشركات بوضع النظام الداخلي وما يتضمن من تعليمات ولوائح وارشادات تكون ملزمة لكل العاملين في مرافق العمل وجوانبه المختلفة ، ومع وجود كل ما ينظم العمل الداخلي برزت مشاكل وقصور وتردي في عمل المؤسسة أيا كان نوعها مما تسبب في تلكأ الإدارة و فشل في تحقيق العدالة الذي يؤدي الى سوء توزيع الثروات!! وبالتالي فشل المؤسسة في الوصول الى الغاية التي انشات من اجلها ! وقد تنبه احد مدراء المؤسسات الامريكية أواخر السبعينيات من القرن الماضي الى ضرورة إيجاد وسيلة للإصلاح تكون اكثر ملزمة وفاعلة لكل العاملين في المؤسسة اطلق عليها ( الحوكمة المؤسسية ) (Corporate Governance) تهتم ببيئة الاعمال والإدارة يكون فيها العنصر الجوهري هو ( الفصل بين السلطات ) لرسم خارطة طريق لكل من الرئيس والمرؤوس وبين الإدارة العليا والمديرين التنفيذيين وبين رئيس وأعضاء مجلس الإدارة ومدراء الأقسام ، على ان تتبنى جهة قطاعية معتمدة لصنف واحد من الاعمال مثلما هو البنك المركزي العراقي الراعي للمصارف وشركات الصرافة لمتابعة ذلك ، لذا اصبح تعريف الحوكمة المؤسسية جاهزا بانه مجموعة القواعد والإجراءات والعمليات والضوابط التي تهدف الى رقابة الإدارة بحيادية لتحقيق أهدافها السامية في تحّمل المسؤولية والمحاسبة والوعي والشفافية في الإفصاح الواضح والدقيق عن سياسات المؤسسة لضبط مقاييسها لتحقيق النجاح المستدام و تعزيز علاقتها مع أصحاب المصلحة .وبذلك اعتبرت الحوكمة قيمة أساسية تعزز علاقتها مع جميع أصحاب المنفعة المشتركة ، وبذلك اكتسبت أهمية متزايدة في تطبيقها خصوصا تحت ظل التحديات المالية و الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم من ضعف الالتزام المؤسسي بالتشريعات وتعارض المصالح داخل مجلس الإدارة وغياب الثقافة المؤسسية الداعمة للحوكمة عند تطبيقها بشكل مهني وفاعل مع نقص الكادر المؤهل للمراقبة والمتابعة بشكل صحيح دون إضافته للفساد الإداري وضعف الشفافية ، فعمدت الجهات الرقابية الراعية الى تفعيل لجان المراقبة والمتابعة على كل الأقسام يمثل في مجملها ثلاث عناصر مكونة من عضو مجلس الإدارة وعضو مراقب مع مدير القسم المعني ( مقرر اللجنة ) بحيث تُجمع هذه التقارير الفصلية وترسل الى الجهة القطاعية للاطلاع عليها وبدورها تقوم بتقييم عمل المؤسسة وابداء النصح واحيانا توجيه الإنذار والغرامة عند عدم الالتزام .ان الحوكمة المؤسسية استطاعت دعم الوحدات الرقابية في القطاعات المصرفية من ( مراقب الامتثال و إدارة المخاطر وغسل الأموال ) بشكل دقيق ومسؤول حتى جاءت النتائج إيجابية وذلك بخروج العراق من المنطقة السوداء وتحوله الى المنطقة الرمادية بعد كسبه عشر نقاط ضمن تصنيف منظمة الشفافية العالمية ، وهذا بحد ذاته يحسب إنجازا كبيرا يعود فضله الى تطبيق الحوكمة المؤسسية للعشر سنوات السابقة مما يعزز صعود تصنيفه الائتماني الى درجة اعلى ، كما تم تطبيق الحوكمة المؤسسية على جميع القطاعات الحكومية وبعض القطاعات الاهلية وقد أعطت نتائج ملموسة في خفض معدل الفساد والتقليل من هدر المال العام وان شاء الله يتعافى بلدنا من هذه الامراض اذ التزم بتطبيق الحوكمة المؤسسية بشكل صحيح وفاعل .
|