السبت 2025/7/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 33.95 مئويـة
نيوز بار
أبو العلاء المعري وثقافة المجتمع المدني
أبو العلاء المعري وثقافة المجتمع المدني
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

د.رحيم هادي الشمخي

 

 

دعا الفيلسوف الشاعر (أبو العلاء المعري) إلى احترام العقل وتمجيده كأداة معرفية حقيقية، رفعت الإنسان من مصاف الحيوان درجات، وجعل العقل هو أداة المعرفة للتوصل للحق والعدل والمساواة.

إيها الغر إن خصصت بعقلٍ

                  فاسألنه فكل عقل نبي

انتقد المعري بعض الظواهر المدانة التي جاءت بها المذاهب والتي دعت إلى تفكيك المجتمعات العربية والإسلامية مثل الزنج في البصرة والقرامطة في الاحساء، ودعا المعري إلى دولة المواطنة المتساوية، وامتد حسه الوطني من المحيط إلى الخليج العربي، أما رؤية المعري للطغاة والطغيان فهي تشبه رؤية أي ليبرالي شريف معاصر، كانوا في نظره أهون من بعوضة وأحقر من ذبابة، فقد أصبحوا في عصره كل همهم قطع السبيل على الضعيف، ومهاجمة النساء ولم يعفوا النساء من الهجوم، وطبعاً ذلك بمساعدة بعض رجال الدين المتخلفين عن الحداثة.

يسوسون الأمور بغير عقل

                  فينفذ أمرهم ويقال ساسة

أكد المعري ومن ومنظور اقتصادي بعيد المدى امتد إلى عصرنا هذا، ليس على الشعب أن يدفع الضرائب والمكوس ويتحمل فساد الحكّام.

وأرى ملوكاً لا تحوط رعية

                  فعلام تؤخذ جزية ومكوس

وبحسّه ا لحضاري السابق لعصره أن الملك أو الرئيس تجب طاعته إذا كان يحوط الرعاية بعنايته وينفق عليها ما دفعته في شكل مشاريع وتنمية وضمان اجتماعي، وقد دعا المعري إلى اشتراكية مبكرة أو توزيع عادل للثروة.

لو كان لي أو لغيري قيد أنملة

من البسيطة خلت الأمر مشتركا

أما المدلسون من بطانة الحكام من الذين يزينون لهم باطلهم من انتهازيين وإسلامويين باعوا دينهم بدنياهم، فقد أسهب المعري في وصفهم بأقذع الصفات إلى درجة وصمهم بالعهر.

كذب الذي سمى الملك قاهرا

نحن الأزلة والمليك القاهر

وكذلك يدعي طار من كلبه نجس

                  ويفقد في الأنام الطاهر

لم أرض رأي ولاة لقبوا

                  ملك بمقتدر وآخر قاهرا

لقد دعى المعري إلى ثورة يمكننا أن نعدّها ثورة ثقافية لتخلص الناس من أمثال هؤلاء ولكنه رمز لها بالطوفان.

والأرض للطوفان مشتاقة

                  لعلها من درن تغسل

هذا غيض من فيض بحر العلوم أبي العلاء المعري، إذا وزن بميزان مفكري العصر لرجحت كفة المعري، ولو جئنا بمثلهم مدداً، لو كان هذا الرجل المستبصر يعيش في زماننا لأضحى فارساً لا يشق له غبار في معركة حوار الحضارات أو صدامها.

المشـاهدات 75   تاريخ الإضافـة 23/07/2025   رقم المحتوى 65034
أضف تقييـم