
![]() |
الشعر ومحمد سعيد شحاتة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
ناصر أبو عون الشعر هو الانفلات كسهم من قبضة القوس والقفز إلى في بحيرة اللامعقول، والمشي في بحر اللغة دون أن تبتل قدماك بخطيئة المباشرة، وعبور مفاوز البلاغة بلا حادٍ يغني ممسك بخطام ناقة المجاز، ولا وارد يدلي دلو التفاعيل في جُب الكلمات، ليصرخ يا موسيقاي: هذا شعر. هذا الوصف السرديّ المٍتقدم ربما يود الذين عرفوا الدكتور محمد سعيد شحاتة وخبروا إنتاجه شعرا ونقدا أن يكون مطابقا تمامًا لإبداعه. وليس ببعيد عن متابعيه أن يستشفوا في مداخلاته ونقاشاته الفكرية - حتى مع مخالفيه- كيف يكون الرجل رقراقًا وصافيًا؛ وإن كانت أفكاره خرجت من مراجل تغلي. وعندما تقرأ قصائد الدكتور محمد سعيد شحاتة بتروِّ الماتع المُمتع سيداخلك شعور صادق بأنها تتدفق على الورق من شلال يسّاقط من أعلى ينابيع الشعر، ثم يجري بين جداول وأخاديد النقد ليروي بذور الحياة في صحارى القصائد العطاش، ثم يتخلل متهاديا الشقوق والتجاعيد التي حفرتها أزمنة الوجع على جسد المعاني ليطفيء لهيب الوحدة، ويبدد غيوم الوحشة، ويملأ كؤوس العزلة بترياق الأمل. أما قصائد محمد سعيد شحاتة فأعتقد يقينًا انه قد أدخلها في قدور نقده، فانصهرت تحت نيران تنانير النظريات التي يشتغل عليها، وإني لأظنه يقسو على شيطان شعره فيصب القصائد في مصافٍ تجلو صداها، وينخلها في غرابيل ضيقة المسام ليعزل غريبها، ثم ينقلها إلى أجهزة الطرد الشعريّ داخل مفاعلات (شعرذرية) ليرفع درجة تخصيبها ونقاوتها. وفي الأخير أدعوكم إلى الجلوس على مائدة شعره وتتذوقوا قصيدة (امرأة الغيث): هي امرأة تتعانقُ والشمس والأمنيات مُطرَّزةٌ بالغمام على وجنتيها زهورُ الحياةِ وفي مقلتيها جنونٌ وبالحلم أضلاعُها مُثْقَلةْ وتغدو على عتبات القصيدة مرآة كلِّ الفصول وأغنية لنساء البنفسجِ طيَّبْنَ أصواتهنَّ بماء الحياة وأطلقن موجَ النسيم يمرُّ على عتبات الشتاء فيرتدُّ نايـًا موشَّحةً مقلتاه بخصب المنى وربيعًا تدثَّر بالزهراتِ يلامسُها الغيثُ تخضرُّ أرضُ النفوسِ الظِّماء * هي امرأة تتبختر بين يقين الرؤى وخيال الطفولةِ تنسجُ من أغنياتِ الطيورِ حنينَ عيونٍ لبيتٍ حوائطُهُ أقحوان وأسقفُهُ من غصونِ الزبرجدِ يرقدُ عند شواطئِ نهرِ الحياة ويروي وصايا العيونِ لموجِ السواحلِ حين يذوبُ الغروبُ بدمِّ الأحبَّةِ تحلو النذورُ وتلتبسُ النظرات وخفقُ جناحِ الزوارقِ يروي بأنَّ الرجال يجيئون صخرًا ويمضون موجًا من الأمنيات * هي امرأة تتنقلُ بين منازلِ قيسٍ وأبراجِ ليلى لها سُحُبُ الأغنياتِ المواطرُ فوق سفوحِ القلوبِ تضيءُ نفوسًا تشظَّتْ وأفئدةً في دروبِ الهجيرِ تلظَّتْ لها الطيفُ يسكنُ كلَّ الزوايا ويقتاتُ من سبحاتِ الخيالِ إلى ظمأِ الروحِ للنورِ فوق جبينِ الأحبَّةِ في فلواتِ الحنين خطوةً … خطوةً … تتسلَّلُ نحو القلوبِ الظِّماء وسيرتُها نسمةٌ مُرْسلةْ وأغنيةُ الغيثِ في مقلتيها وما بهت اللحنُ في شفتيها وخطَّتْ طيورُ الأماني قصائدَ عشقٍ على وجنتيْها وحين تعانقها الأضلعُ اليابساتُ وتحتضنُ الطيفَ كيما تفرَّ من المقصلةْ تفرُّ وتُخْلِفُ فيضًا من الأسئلةْ فلا هي تروي حنين القلوب ولا تعتقُ الروحَ كيما تعانق نورَ اليقين وتصغي لهمس النوارسِ حين يعانقُ أفئدةَ العائدين هي امرأة تتنقلُ بين منازل قيسٍ وأبراج ليلى فأيتها الأقحوانةُ تخطو على فُرُشٍ نُسِجتْ من ضلوع وإذ تبتدي في الحكايا تذوبُ المسافةُ بين الجراح وبين الدموع تقول النبوءةُ: خيلُكِ تهوى البراري وعيناكِ تهوى دماءَ القلوب وفرسانُ عُذْرةَ منهم طريد ومنهم شريد ومنهم على عتبات الموانئ يعزف أغنية المستحيل وأنتِ على شرفات القصيدةِ مرآةٌ كلِّ الفصول وأغنيةٌ لنساءِ البنفسجِ طيَّبْنَ أصواتَهنَّ بماءِ الحياةِ فعادتْ حياةٌ لكهلٍ عليل. |
المشـاهدات 140 تاريخ الإضافـة 26/07/2025 رقم المحتوى 65144 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |