
![]() |
تقاسيم على الهامش |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
(( أسواقٌ ومقاهٍ سكنت الذاكرة ...!! ))
كلّ مساءٍ يرتدى الرجل الخمسينيُّ بدلته ( القاط ) السموكن الزرقاء ويشدّ ربطة عنقه ويلبس حذاءه ( القبغلي ) ثم يركب درّاجته الهوائية الصفراء متوجّها إلى سوق خمسين حوش الكائن في منتصف المعقل بين حي الشهداء وحي الميناء ليقضي سويعات يلعب الدومينو في المقهى التي تتوسط ذلك السوق المبنيّ على شكل مربع ناقص ضلع !! كنت أشاهده كل يوم وأنا جالساً على الدكّة أمام بيتي مستذكراً أيام الفاو ومينائها آنذاك حينما كان العمّال يسيرون على الشارع ببدلاتهم التي أخذت من السماء لونها الأزرق راكبين درّاجاتهم ذات اللون الأصفر ، كنّا نميّز العمّال حينها من لون درّاجاتهم الهوائية الصفراء ، أما المهندسين والموظفين فدراجاتهم ذات لونٍ أسود أو بالعكس والعتب على الذاكرة،توزّع عليهم من قبل الموانئ عند التعيين مع البدلات والتي تكون ملائمة لكل فصل ( الشتوية ، والصيفية ) !! كانت قوافل العمّال حين تخرج من ميناء الفاو بعد انتهاء الدوام آنذاك كأسراب الحمام والنوارس ، حيث البحّارة كانوا يرتدون ملابس بيضاء اللون !! أعود إلى سوق خمسين حوش لأستذكر دكاكينه وفرنَي الصمّون والخيّاط وبائع القماش والحلّاق والمقهى ومكتبة بيت صحين ، إذ كان يعجّ بالناس عصراً وفي المساء تسمع طقطقة ألواح الدومينو مع انفعالات اللاعبين وهم يرتشفون الشاي الممزوج برائحة الشواء التي تهبّ من المطعم المجاور ، تغيّر المكان ورحل مَنْ رحل وجاء مَنْ جاء لتركن المقهى في زاوية الذاكرة صورة تداعب خيالات أبناء المعقل كلّما هبّت عليهم نسائم الحنين قادمةً من جهة الشطّ محمّلة برائحة الماء والغرين والديزل ودخان الزوارق والبواخر التي تمخر البحر قادمة إلى ميناء المعقل لتفرغ حمولتها عند رصيف نمرة أربعة معلنةً عن بضاعتها مع كل دقّة من دقّات ساعة المعقل التي يصل صداها إلى مشارف الكزيزة !! أحياء المعقل وحطّين والأبلّة كانت تضمّ بين أفيائها أسواقاً عصرية كسوق خمسين حوش والكندي وحطّين والسوق الأصفر يتبضّع منها ساكنو المناطق نفسها بعيداً عن زحمة الأسواق ومصاريف النقل وتعب التنقّل من مكان إلى آخر ، إضافة إلى الأحاديث الجميلة عند كل لقاء !! ولكون الموانئ تمرّ الآن بأكبر حركة في العمل والعمران والبناء الحديث في شتى المجالات الإنشائية والخدمية ، ما الضير لو بنيت أحياء سكنية كما الأحياء التي ذكرنا مخففة العبء عن أزمة السكن وفاتحة مناطق سكنية مينائية جديدة ، ليطلّ علينا كلّ صباح ومساء أسراب حمائم ونوارس تبعث في شوارعنا الزهو والبهجة والانتشاء بروح العمل الخلّاق ونسمع صوت الفرح من مذياع المقهى في سوق خمسين حوش مردّدين معه ( يمينائي يمينائي ،،بالقلب تبقى النبض يمينائي ) حينما يسجّل لاعبو نادي الميناء هدفاً في مرمى الخصم . |
المشـاهدات 32 تاريخ الإضافـة 18/08/2025 رقم المحتوى 65764 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |