
![]() |
غزة بين فراغ الأحشاء ونزيف الولائم: صرخة في وجه الضمير النائم |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : بين فتات الحياة ونزيف الولائم في كل زقاق، طفل يمد يده المرتجفة بحثًا عن فتات الحياة، بينما في عواصم عربية أخرى تُهدر أطباق كاملة على موائد لم تعرف يومًا معنى الحرمان. هناك، أمّ تقسم كسرة يابسة بين أطفالها كأنها آخر ما تبقى من الكرامة، وهنا، تُقام ليالي الذهب والحرير التي تبتلع ملايين الدولارات في ساعات من لهو وغناء. أليست هذه أبشع صور المفارقة؟ أن يُهدر على حفلة واحدة ما يكفي لإنقاذ حيّ كامل من الموت الصامت! صرخة الطفل التي تضيع وسط الأضواء طفل في غزة يصرخ: "أبقوني على قيد الحياة يومًا آخر." لكن صرخته تضيع في صخب الموسيقى الصاخبة. في حين يذوب أطفال غزة بين ذراعي أمهاتهم، يلهو أطفال آخرون بين ألعاب نارية تكلف آلاف الدولارات. أيّ عار أشد من أن تتحول طفولة شعب إلى وقودٍ لمشهدٍ لا يسمع صداه أحد؟ حكّام يتقنون لعبة الكلمات الحكّام العرب لم يعودوا سندًا ولا درعًا. امتهنوا صناعة الكلمات الفارغة: بيانات، مؤتمرات، شعارات... لكنها كلها أوراق تذروها الرياح. يرفعون راية "القضية الأولى"، بينما يتركونها تختنق داخل قفص الحصار. يملكون الثروات التي تصنع المعجزات، لكنهم يتركون شعوبهم تنزف الإنسانية. غزة مرآة تكشف العورات غزة ليست مجرد مدينة محاصرة؛ إنها مرآة تعكس وجوهنا جميعًا. تكشف أن العرب غارقون في بحر المال المهدور، بينما يتجاهلون صرخات إخوتهم. تكشف أن العروبة لم تعد جسدًا واحدًا، وأن الإسلام لم يعد تكافلًا، وأن الإنسانية ذاتها ماتت تحت أقدام اللامبالاة. هل مات الضمير؟ كيف نقبل أن تتحول صرخات البطون الممزقة إلى مجرد خبر في نشرات الأخبار؟ كيف نرضى أن يُترك شعب بأكمله يتضور ألمًا بينما أطنان الطعام تُرمى يوميًا في مكبات النفايات؟ كيف ينام الحكام على وسائد الحرير بينما طفل يذوب في حضن أمّه بلا دواء ولا لقيمات تبقيه حيًا؟ غزة ليست وحدها غزة لا تنادي الفلسطيني وحده، بل كل إنسان يمتلك ذرة ضمير. ترك غزة تموت هو قبول بفكرة أن سحق الكرامة أمر طبيعي.يا أيها الحكام، يا أصحاب القصور المذهبة والولائم المترفة، التاريخ يسجّل: إمّا أن تمتد أيديكم إلى غزة بصدق، وإما أن تبقوا شهود زور على جريمة القرن.غزة ستبقى، لأنها أرض الصمود، لكن الخزي سيبقى مع الذين رأوا ولم يتحركوا، سمعوا ولم يجيبوا، ملكوا المال ولم يمدوا يد العون. إنها ليست غزة وحدها التي تختنق، بل إنسانيتنا جميعًا. غزّة… عروسٌ مُلطّخةٌ بالرماد، تغزلُ من دمها أقمصةً لأطفالها، وتعلّقُ على جدران الليل أسماءَ شهدائها كأنها نجومٌ تأبى أن تنطفئ. غزّة سماءٌ مشروخة، أرضٌ تُنبتُ أنينًا بدل الزهر، وشرفاتٌ تفتّحت على ريحٍ لا تحمل سوى الغياب. غزّة وجهُ طفلٍ يلوّن بالطبشور قمرًا على الحائط لأن القمر الحقيقي محجوب خلف الحصار. غزّة مئذنةٌ تصرخ، وكتابٌ مفتوح على سورة الصبر، وحلمٌ صغير يركض خلف طائرةٍ ورقية بينما الطائرات الأخرى تمزّق الهواء نارًا وحديدًا.
|
المشـاهدات 41 تاريخ الإضافـة 31/08/2025 رقم المحتوى 66206 |