الإثنين 2025/9/1 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 26.95 مئويـة
نيوز بار
تقاسيم على الهامش
تقاسيم على الهامش
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد السادة البصري
النـص :

 

(( حين يسكنك هاجس المغامرة والترحال ..!! ))

 

( بالرغم من كلّ ذلك لم يقتنع بما كنتُ أتحدّث بهِ إلاّ قلّة من زملائي الصحفيين ،لن تثني عزيمتي بعض التعليقات المحبِطة من قِبَل بعضهم ،بل زادتني إصراراً على أن أحسب لكلِّ خطوةٍ ألف حسابٍ كما يقال ــ ص 16 )

بهذه الكلمات وغيرها أكّد إصراره على المغامرة رغم مالها وما عليها، فالترحال والتغرّب والبحث في المجاهيل مغامرة، كما أن تسلّق الجبال ونزول الوديان في أرضٍ لم ترها سابقاً مغامرة كبيرة أيضاً، ولكلّ مغامرة سلبياتها وايجابياتها قد تفشل أو تنجح طبعاً !!

هذا ما يعمل عليه الرحّالة الصحفي البصري ( عبد المنعم موسى الديراوي )بعد أن خَبِرَ البحر وصارع الأمواج والعواصف وصافح موانئ كثيرة منذ نعومة أظافره حيث كان يعمل بحّاراً سكنه عشقُ الترحال، وسِبْرُ أغوار الأماكن البعيدة، وطَرْقُ أبواب المجاهيل لمعرفة ما تخبّئه من حيواتٍ وحكايات وعوالم غريبة وعجيبة، فبعد أن زار، بل أقام شهوراً وسنوات في مدنٍ أفريقيةٍ حتى وصل الى رأس الرجاء الصالح ليعيش مع سكّانها يتعلّم منهم ما ليس يعرفه من عوالمهم، آثر أن يولّي وجهه صوب الهند وجنوب شرق آسيا، جاءنا بكتابين من أدب الرحلات جميلين يضمّان بعض ما شاهده وعايشه من عجائب وغرائب في مدن الهند المليئة بالسحر والعبادات المختلفة والغموض والدهشة، وليبحر صوب جزر آندمان التي لم تطأها قدم عربيِّ قبله ناقلاً لنا ما وقع عليه بصره من أقوام ما تزال تعيش الحياة البدائية جداً، ومصوّراً كيف كان يعيش ثوّارٌ منفيون ومحكومون بالإعدام في زنازين ذلك السجن الرهيب الذي تحوّل الى متحف يذكّر الناس بظلم الإنسان لأخيه الإنسان !!

 وكان قبل رحلاته الى الهند وجزر آندمان قد غامر برحلة تحدٍ وإصرار ليقف في نهايتها على أعلى قمة جبل في العالم باعثاً برسالة سلام ومحبّة الى أخوته العراقيين، داعياً إيّاهم الى نبذ العنف والخلافات والطائفية والاحتراب والعيش بسلام ومحبّة لبناء أنفسهم ووطنهم العراق !!

( أيّها الأخوة والأخوات في بلادي، بلاد الرافدين :ــ في هذا اليوم الموافق 12 أيلول من عام 2009 والذي سيسجَّل في تأريخ العراق والعراقيين، قد وصل ابنكم  الى جبل ايفيرست الذي يُعد أعلى جبل في العالم، في هذا اليوم أيّها الأحبّة قد سجّل ابنكم، ابن العراق العظيم بعد أن وطأت قدماه قمّة جبل ايفيرست سابقةً كأول صحفيٍّ عربي وأول عراقيٍّ يصل الى هذا الجبل ــ ص151 )

( لقد أتيت الى هنا أيها الأهل والأحبّة من العراق وتحمّلتُ عناء السفر بما فيه من مخاطر السير على الأقدام عابراً سلسلة من أعلى جبال الهملايا والعالم لأيامٍ عدّة لكي أقف على هذا المنبر المرتفع وأناشد الجميع بأن نطلق حمامات السلام في بلد السلام ولنجعلها تزيّن سماءها الملبّدة بغيوم الانفجاريات ونبدأ جميعاً بإعادة بناء بلدنا ونسعد الأيتام والأرامل والشيوخ والعجائز ونترحّم على أرواح شهدائنا الذين رووا بدمائهم الزكية أرض الوطن، كما أناشد كلّ من هو في سدّة الحكم أن يكون الولاء أولاً وأخيراً للعراق، عراق المسلمين والمسيحيين والصابئة والايزيديين والأقليات الأخرى، عراق العرب والكورد وأن ننبذ كلّ أشكال الطائفية لنتوجّه ونبدأ ببناء بلدنا قبل كل شيء ــص152 )

بهذه الكلمات النابعة من ضمير عراقي أصيل وقف الديراوي على أعلى قمة جبل في العالم وبارتفاع 6985 متر عن سطح البحر عام 2009 ، بعد أن حمل حقيبته وكاميراته وعشقه للعراق والترحال مسافراً من مطار البصرة الى دبي ومنها الى الهند ثم كاتمندو ــ عاصمة النيبال ــ ومنها الى قرية ( لوكلا ) التي تضمّ أحد أخطر المطارات في العالم من حيث موقعه بين الجبال في وادٍ سحيق مخيف وضيّق، ليتوجّه صاعداً مشياً على الأقدام مع دليله النيبالي عابراً قرى وأماكن وغابات وسفوحاً ووديان لم تطأها عجلات أي عربة ما ولا حتى حيوانات الركوب، فقط الحمّالون أبناء هذه القرى الناقلين على أقدامهم كل ما يحتاجه الناس هناك والماشين ليالٍ ونهارات صعوداً ونزولاً بين صخور الجبال وسفوحها شديدة الانحدار الى وديان سحيقة متحمّلاً التعب المضنيّ والقلق والخوف من المجهول تحت الأمطار الغزيرة وماشياً فوق صخور ذات حافات مسننة ومساحات ثلجية قد تنخسف بين آونة وأخرى في أماكن مَنْ يصيبه مرضٌ ما أو يعيقه حيوان مفترس أو أي شيء آخر يتعفّن ويموت دون أي مساعدة تذكر إلاّ ما ندر، ليقف شامخاً على قمة جبل ايفيرست ناشراً وملوّحاً بالعلم العراقي وباعثاً رسالته التي حملها بين جنبيه الى ناسه وأهله وكل العراقيين وداعيهم إلى المحبّة والسلام !!

الرحّالة والصحفي عبد المنعم الديراوي وبكل رحلاته وتسلّقه جبال هملايا وصولاً الى ايفيرست كان يصرف من جيبه الخاص وعلى نفقته دون دعم أو مساعدة أو تشجيع من مسؤول ما للأسف !!

هذه الرحلة دوّنها في كتابه الثالث (  الطريق الى ايفيرست)  وهاهو اليوم يضع بين أيدينا مغامرة كانت من أجل العيش في زمن الحصار الجائر على الشعب العراقي، وكيف صارع الموج والعواصف في مياه الخليج مناوراً بباخرته المحمّلة بالنفط وزائغاً من عيون قوّات التحالف التي تمنع أي شيء يصدر من العراق في حينها، مغامرة جلّ ما نقول عنها انها صرخة انسان عراقي في وجه الطبيعة والظلم البشري مهما كانت النتائج، قرأتها فوجدت أنها تستحق أن يقرأها الآخرون في كتاب ليكون الرابع ضمن سلسلة اصدارات الديراوي ورحلاته هنا وهناك !!

ولأجل أن يظلَّ أدب الرحلات قائماً وباعثا على المحبّة والسلام بين الشعوب لتتلاقح معرفياً وثقافياً واجتماعياً علينا أن ندعم هكذا عمل إعلاميا ومعنوياً لنرسم صورة مثلى لحبنا وانتمائنا للناس والوطن في كل زمان .

المشـاهدات 27   تاريخ الإضافـة 31/08/2025   رقم المحتوى 66216
أضف تقييـم