الأربعاء 2025/9/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 30.95 مئويـة
نيوز بار
العراق.. قصصه بين عصا موسى ...والحداثة
العراق.. قصصه بين عصا موسى ...والحداثة
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

                                                                                                                                                           علي حداد

 

الكلمة

حين تبعد غير المبدعين عن ساحة الوهم التي يعيشون

فيها الى الواقع الذي يفتقر الى وجودهم ، فقد اسهمت

في حماية قصص الامة و تراثها .

 

الى علي جواد الطاهر و غائب طعمة فرمان والفنان علي الدبو وعزيز علي الذين اضفوا على الحياة  الحماسة والحب والمسرات

 على إفتراض خطير ، ان فن القصة القصيرة سينقرض ، أقول ان إنقراض هذا اللون الجميل من الفنون الصعبة والمؤثرة في ثقافة الانسان وتكوينه الفكري .. سيؤدي الى كارثة تفجع الادب برمته ، وعليه يمكن للواحد منا ان يغوص ولو لمرة واحدة في اعماق نفسه ويتساءل عن السبب الذي دفعني الى قبول هذا الافتراض المعقول ، اقول بأمانة انه لو استمر هذا الضخ الهائل وهذا الكم المحزن والمخزي  لمزيد من القصص التافهة المنتشرة مثل الذباب على صفحات المجاميع القصصية او على وجوه صحفنا اليومية .. والذي ساهم فيه الكثير من الطارئين والدخلاء وكثير من اعمدة ورموز كتاب القصة في العراق انهم ظواهر صوتية ليس الا وقد ذكرتهم بالاسماء في مقال نشر في جريدة الصياح وبالأسماء الصريحة وبعنوان< قصاصون وروائيون بالفياكرا> ....دخلاء على هذا الفن الرفيع وهم من اضفى عليه حلتهم الخالية من الفكرة والموضوع  والجمال الذي يشكل العمود الفقري لمقومات القصة الناجحة ، وذلك لخلو روحهم وقلوبهم وفكرهم من الموهبة التي من الله سبحانه وتعالى على بعض من خلقه .. هؤلاء الذين ابدعوا في مجالات الحياة ورفدوها بكل الوان الفنون الرائعة وصنعوا منها شيء جميل وجديرة بأن تعاش حتى القاع .

ان هذا الجهد الانساني المبدع  مثل بقية الاداب والفنون الاخرى كالرسم والنحت والموسيقى  التي ابتليت ايضا بالطارئين والاميين فالكثير  من اللوحات التي شاهدها المثقفين وانصاف المثقفين جعلهم يقفون حائرين.. انها حقا تستند الى نظرية الالوان وتمازجها وانسجامها لكن المشكلة ان لاحياة فيها ولا روح وهذا يذكرنا بمايكل  انجلو  حين انتهى من تمثال موسى ضربه بقوة وهو يصيح به :

- انطق !

      ان التكامل والكمال في الاعمال الادبية والفنية  مرهون بالموهبة فقط ..وحتى الشعر لم يسلم من هؤلاء فقد خرج الكثير ممن درس واتقن الصنعة وشروطها كالتفعيلة والوزن     والقافية ولكنه لم يخرج علينا بشعر بل اصبح  ناظما له لانه كان خاليا من الشاعرية والصورة والخيال ، مجرد نظم ملتزم بشروط الشعر .. وقد نكون ملزمين ان    نقول ان الكثير من الاعمال الشعرية والقصصية      والفنية  تفتقر الى الموهبة التي تقوده .. وهذه الاخيرة تصنع من الكلمة ما يسعدنا ويفيدنا ويمتعنا في آن معا،

   انها تكشف عن  ذواتنا وتيقظ الطفل الراقد فينا وترينا انفسنا وذواتنا ووجداننا ، وفي القصة نكتشف الموجود ..انها مثل ضوء رائع يرينا الوجود على حقيقته التي نعرف جزء منه  وهو ذاته الذي يفضح  ما فعله هؤلاء الطارئون الذين كتبوا ومازالوا يكتبون قصصا خالية من الثيمة او الموضوع  انك في كل الاحوال  لاترى الموهبة ابدا فهناك كتاب كتبوا روايات كثيرة ممتعة مع انهالاتحمل في طياتها موضوع مهم مثل حارس في حقل الشوفان لسالنجر انها تجربة لطفل فشل في دراسته وخشي من الذهاب الى أهله خوفا من العقاب هذا هو كل مافي الامر ، لكن الموهبة هي التي جعلتك تجري فوق الصفحات بسعادة ونشوة ولاتريد لهذا   الجري ان يتوقف أبدا وثمة الكثير من الاعمال يكمن جمالها  في السرد الشاعري والحوار القوي المتماسك والملىء بالمفارقات . ان الدخلاء البسوا هذا الفن لباسهم الغارق في الرمزوالعتمة ولأنهم يجهلون كيف يمسكون بالموضوع ويقودون بالفكرة وهم لايعرفون كيفية  توظيفها بطريقة فنية ليوصلونا الى شاطىء المعرفة والمتعة .. وبدلا من ذلك اوقعونا في بثر لاقرارة لها  فعانى القراء من ظلمة  قاعه .. ثم ذهبت جماعة مثلهم  من النقاد تساندهم ليخرجوهم من ازمتهم فأطلقوا  المزيد من التسميات الاكاديمية العرجاء .. مرة بحجة الرمزية واخرى بالفنتازيا والحداثة  ...الخ ..الخ وهكذا نجد ان المعالجة  الخاطئة خلقت اشكالية جديدة وابقت على المشكلة بل وحافظت عليها حتى  كبرت وسمنت بل وترهلت واستفحلت وصارت تشكل تهديدا واضحا للابداع.. والمبدعين . وهي مازالت  تؤشر الى طريق مبهم  لايفضي  بنا الى شىء لانه ضاع بين اللغة المستوردة والمصطلحات الاكاديمية التي تخلو من المعنى والمعرفة مثل  طبيب  تاه عنه المرض فراح يتشبث بقشة المصطلح الفاسد ليضيع علينا اميته  وعدم مقدرته....

   وبهذا ظل بيت الفرس بعيدا  آمنا مطمئنا إذ لم يقترب منه أحد . ولهذا ايضا رحنا نسمع ولسنين طويلة جدا ذرائعهم وحججهم  .. كلمات منمقة ومدروسة لأغتيال الادب الجميل وهي كلمات تصب في الدفاع عن عدم قدرتهم على إنجاب طفل ينبض  بالحياة والعافية. كلماتهم  فخمة تطلق في غير مكانها ، وقد دوخت القراء وأصابت رؤوسهم بدوار، وكان استمرارهم  بهذا  الفعل وديمومته هو إستنادهم الى أمية القراء وسذاجة المسؤولين عن الصفحات الثقافية ،

   أذكر حدثا  جديرا  بأن يذكر فقد اراد رجل ان يهديه احدهم ويختار بين السياسة والادب فأختار مجلة    الردريزدايجست وأرسل  لها قصة وحين إطلعوا عليها نصحوه ان يمتهن غير الكتابة مهنة له  هذا ماذكره الرئيس الامريكي هاري  ترومان وهو يشكر المجلة على نصيحتها التي جعلت منه رئيسا. 

   وإذا اردنا جانب الصواب فأنه لم تصدمنا قصة  ..ولم تهزنا من أكتافنا قصة .. ولم توقفنا للتساؤ ل أو تدعونا الى التفكير لحظة لأنها تغيب عن بالنا لحظة الانتهاء منها  ، وتتبع هذا أ لمشوار يبشر بأنقراض مخيف .. مثلما حدث للدينصورات، انه إنقراض  لشىء حي ، هو قتل لكائن حي  ..ولهذا مرة أخرى ننتفض جميعا ونقول كلمتنا  لأنها بقت مخنوقة لزمن طويل

، ننتفض لأن ملاذ المشكلة ترك آمنا بلاحل.. وقد صرفوا النظر عن عصا موسى لأنهم  لايعرفون ما تعني ضربة الريشة ولايعرفون شيئا عن تلك العصا التي تركوها على الرف لانهم لايعرفون السير بها وكيفية إستخدامها لتفعل فعلها في الناس وتؤثر فيهم .. تهزهم وتهزمهم حتى يتراجعوا أو يتقدموا ..

   انها  المعجزة التي يجب ان  يحملها كل عمل ادبي أوفني ، المعجزة التي تهز الوجدان ..وتهز كيان المرء بصورها ومعانيها ولغتها ونغمتها وتؤثر في سلوكه العام وكل هذه الفنون هي بالتالي تراث عليه ان يحمل معه معجزته والقصة القصيرة او الرواية  وهذا موضوعنا .. حين تفتقر الى المعجزة .. الى ضربة الريشة القوية ، فأنها ستبقى قصة لعينة تافهة لاتقودها موهبة أو دراية أو إبداع أو خلق

 أنها فقط تحمل معها جواز سفر ،جواز مرور يؤكد أنها تسير حسب النظام  ..مدخل +معظلة + حل +خاتمة  موفقة .. ومن حق الجميع أن يتساءل هل ان إنتشار الخطأ يفند الصحيح وهل يمكننا القول ان الكاتب الدخيل يمكنه الوصول ا لى الصدارة بسبب معرفته بالمسؤولين او بسبب  موقعه الوظيفي ، ويتميز هؤلاء بأنهم لايستحون أبدا من نتاجهم  .. لهذا نسعى الى المسؤولين عن الاقسام الثقافية ونناشدهم بأسم التراث الجيد

      ان يتوقفوا عن نشر الأعمال التي لاتمتلك في يدها عصا موسى ولاتحمل بين اسطرها المعجزة وأعتقد ان القراء يعرفون ذلك جيدا لذلك نشأت هوة كبيرة بين النقاد من الدخلاء وبين القراء ،

وكان للأسماء المعروفة شأن  كبير في صناعة هذا  الواقع الثقافي  المزري  والمؤلم  لأنهم باركوه وزفوه الى الناس بطبول وهلاهل ..

    ويبقى المسؤول الثقافي في الصحف ،والخبراء في الدوائر الثقافية الاخرى  هم الذين يمنحون لهذه الجثة الهامدة صفة الحياة والحيوية .. وبعضهم كان له باع طويل في تحطيم مقولة الادب الرفيع ..الحقيقة انني أحس أن هذا الهم أتعبني  ويزيده أنني لاأرى بارقة أمل في نهايته  لان الاعمال الرديئة مازالت منتشرة وخوفي ان تصبح هي التراث حينها أشعر اننا نساهم في حفر القبر الذي سيضم رفات فاسدة وغير معقولة .. وفي النهاية أجد أنه ومن باب أولى أن نؤكد ان عصا موسى تحولت لدى المبدع الى ضربة الريشة الاخيرة  وإذا خلت يد الفنان من هذه العصا فأن كل ألوان العالم وألواحها وريشها تعجز أن ترسم لنا غير الخرابيش ..        والصورة.. والخطوط التي تخلو من الحياة .. من البهجة ..من نبض الحياة الجميل  الرائع ، من نبض الحياة المقدس المذهل ، وبأعتقادي أن من لايمتلك هذه العصا فعليه أن لايورط نفسه في مجد زائف  وخلود وهمي لايمنحه سوى كأس من شراب في مشرب اتحاد الادباء .. وعليه ان يتذكر قبل ان يخلد  الى نومه ان لعنة الفن الرديء سترافقه حتى قبره .. ذلك انه لم يضف لنا شيئا وأخرى وهي الاهم

 .. انه  قتل الفن الصادق عن سابق عمد وترصد فعلينا إذن واجب ملحمي  بان نبعد غير المبدعين عن ساحة  الوهم التي بعيشون فيها الى الواقع الذي يفتقر الى وجودهم وحين نفعل ذلك نكون قد أسهمنا في حماية  قصص ألامة  وتراثها .. وأخيرا نأمل أن نكون بذلك قد أزعجنا الفرس  ..  لأننا كنا قد إقتربنا من بيتها .

المشـاهدات 20   تاريخ الإضافـة 10/09/2025   رقم المحتوى 66516
أضف تقييـم