
![]() |
قطر والأمن المفقود في الشرق الأوسط |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : لم يكن متوقعاً ان تقوم إسرائيل بضرب قطر ، وهي الحليف الاقوى والاهم في الشرق الاوسط، كما انها البوابة الاولى التي فتحت على مصراعيها لدخول اسرائيل لمنطقة الخليج ، ولولا قطر لما تهافت دول المنظومة الخليجية على تل ابيب .
كما ان الدوحة هي حليف ستراتيجي للولايات المتحدة ، وخاصة اكبر قاعدتين امركيتين في المنطقة هما " السيلية والعديد" .
ولا ننسى ان قطر روضت وحيَّدت الكثير من القيادات الفلسطينية مثل عزمي بشارة وخالد مشعل ، وغيرهم .
لذا كان من المستبعد تقوم إسرائيل بمهاجمة قطر .
لكن التصريح الأخير من مندوب الكيان في الامم المتحدة داني دانون أمام وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطري وبكل وقاحة والذي اتهم دولة قطر بانها تحمي الارهاب وتحتضن الارهابيين وتشجعهم وتمولهم ، هو بمثابة إعلان حرب.
لقد أثار مندوب إسرائيل لدي داني دانون، تفاعلا بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ممن تداولوا جملة قالها خلال جلسة لمجلس الأمن بأعقاب الضربة الاسرائيلية لقطر والتي وجهها مباشرة إلى وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن قائلا إن على قطر الاختيار: "إما أن تُدين حماس وتطردها وتقدمها للعدالة أو ستفعل إسرائيل ذلك".
واكد سفير "إسرائيل" فى واشنطن "يحيئيل لايتر" ، الذى قال لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية ، أنه "إذا كنا لم نقض على قيادة حماس هذه المرة فسنصل إليهم فى المرة القادمة"
هذا التهديد المباشر لقطر قلب المعادلة وارسل رسالة اسرائيلية واضحة، ان لا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط، ما دام هناك نظام عنصري غادر كما وصفه وزير الخارجية حيث القطري ، رداً على كلمة المندوب داني دانون ، فقد قال الشيخ محمد بن عبدالرحمن في كلمته إن الهجوم الإسرائيلي "الغادر" قامت به "قيادة متطرفة بعيدة كل البعد عن سلوك الدول المتحضرة المؤمنة بالسلام"، ويضع النظام الدولي برمته أمام اختبار حقيقي"، مضيفا: لقد تجاوزت إسرائيل، بقيادة المتطرفين المتعطشين للدماء، جميع الحدود التي تفرضها الأعراف والقوانين الدولية، بل حتى أبسط الأصول الأخلاقية في التعامل ليس مع الدول، بل حتى بين البشر، ولم يعد ممكنا التنبؤ بما يمكن أن تفعله".
الجملة الأخيرة للوزير القطري سلطت الضوء على الامن المفقود في ظل قيادة اسرائيلية مدعومة من الغطرسة الأمريكية .
وان تنصلت واشنطن عن فعلة تل ابيب لكن ما هو واضح ان امريكا قد دعمت ورحبت بما قامت وتقوم به إسرائيل في المنطقة .
ان حجم المخفى أكبر بكثير مما هو معلن عن عملية قصف الدوحة ، يكفى أن تعلم ـ مثلا ـ ما فعله الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" مع تنفيذ الضربة "الإسرائيلية" ، ذهب ضمع نائبه والوزراء الكبار إلى احتفال بمطعم فى واشنطن ، ولم يعكر صفو الاحتفال سوى عدد من النشطاء الأمريكيين المؤيدين للقضية الفلسطينية ، اقتحموا المطعم ورفعوا أعلام فلسطين ، وراحوا يهتفون ويصرخون "الحرية لفلسطين" و"ترامب هتلر عصرنا"
أن العملية التى نسقها ترامب مع نتنياهو ، ظن انها سوف تنتهى إلى اغتيال كل أعضاء وفد "حماس" المفاوض ، وعلى رأسهم "خليل الحية" رئيس المكتب السياسى للحركة .
وهو ما أوحت به تصريحات "نتنياهو" المتفاخرة الأولى عقب العملية ، وقد حفلت بإشارات متعجرفة عن مدى الدقة البالغة لسلاح الجو "الإسرائيلى" .
لقد زعم "ترامب" أن هذه العملية لن تتكرر ، وتطميناته الفارغة لقيادة قطر ، لم تعد صادقة ، ويثبت ذلك ان قواعد أمريكا الجوية في قطر ، لم تطلق صاروخ اعتراضى واحد ردا على الغارات "الإسرائيلية" ، كما حدث ـ مثلا ـ وقت الضربة الصاروخية الإيرانية الشهيرة ، بينما إدعت إدارة "ترامب" بأثر رجعى ، أنها لم تكن تعلم بنية ولا وقت تنفيذ الضربة "الإسرائيلية" ، وأنها علمت فقط عند التنفيذ ، وطلب "ترامب" من مبعوثه "ستيف ويتكوف" إبلاغ القطريين للتحذير ، وهو ما نفاه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى "الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى" ، وقال بوضوح ، أن الدوحة لم تتبلغ بالتنبيه الأمريكى إلا بعد عشر دقائق من حدوث انفجارات المبانى السكنية المستهدفة ، وبعد أن كان الخبر انتشر فى الدنيا كلها ، وأى مبتدئ فى الجغرافيا ، يعرف أن الدوحة تبعد عن أقرب قاعدة جوية "إسرائيلية" بما يزيد على 2200 كيلومترا ، وأن قطر تفصلها عن كيان الاحتلال أربع دول عربية ، طارت فوقها القاذفات "الإسرائيلية" وتزودت بالوقود جوا ، وإذا سلمنا جدلا بأن "رادارات" جيوش هذه الدول لم تلتقط ولا رصدت ، فماذا عن نحو ستين قاعدة ومنشأة عسكرية أمريكية فى المنطقة الفاصلة ، وفى داخل فلسطين المحتلة ذاتها ؟ !! .
ان الخداع والبلطة الذي تمارسه الادارة الامريكية سوف يودي بالاستقرار العالمي ، فللمرة الثانية يدعو ترامب إلى الحوار مع الخصوم ويقوم بتحريك ذراعه العسكري الغاشم بتنفيذ عملية عسكرية ضدهم ، كما حدث في الحوار الإيراني الأمريكي ، فقبل يوم من الحوار بين واشنطن وطهران برعاية عمانية قامت الطائرات الاسرائيلية بضرب ايران ، وهو ماحدث تماماً مع قيادة حماس ، بينما هم يستعدون للحوار مع امريكا بناءً على العهود التي قطعها ترامب يوقف إطلاق النار قامت إسرائيل بالهجوم على الدوحة .
هذه الخطوات من شأنها ان تنزع الثقة بالإدارة الأمريكية ، وتزعزع الامن والاستقرار في عموم العالم ، فلم يعد هناك حلقاء وأصدقاء لواشنطن ما دام السلوك الأمريكي ينطوي على الخديعة والكذب .
لقد اثبت الهجوم الاسرائيلي على قطر بما لا يدع مجالاً للشك ان حلفاء امريكا في الخليج ، الذين قدموا له منحا واستثمارات بتريليونات الدولارات ، وقدم هو ـ بالمقابل ـ وعودا فارغة بالحماية ، تبين أنها محض سراب ، خصوصا حين يتعلق الأمر بالكيان "الإسرائيلى" ، الذى من حقه ـ حسب "ترامب" ـ أن يصول ويجول فى المنطقة كلها ، وأن يفرض سيادته على الجميع أعداء وأصدقاء ، وقد كانت الطائرات "الإسرائيلية" تضرب فى "غزة" ولبنان وسوريا وتونس واليمن فى نفس يوم العدوان على قطر ، وهو بعض ما دفع "الشيخ محمد بن عبد الرحمن" إلى وصف "نتنياهو" بأنه "لاعب مارق" ، لايريد ـ فقط ـ إعادة تشكيل ما يسميه "الشرق الأوسط الجديد" ، بل يريد "إعادة تشكيل منطقة الخليج" أيضا .
وما جرى فى قطر ، يمكن ان يتكرر على أراضى الدول العربية الأخرى ، وحتى فى عواصم الخليج الأوثق صلة بواشنطن ، وقد لا تعنى بيانات الاستنكار والإدانة والتضامن شيئا كثيرا ، اللهم إلا إذا توافرت إرادة سياسية غير منظورة ، تراجع أوضاع النظم كلها ، وتستعيد الحقائق الأصلية الظاهرة لكل ذى عينين ، فالكيان "الإسرائيلى" لايرى سيادة لدول ولا حرمة لحدود عربية ، وقناعته الراهنة ، أن مبدأ السيادة محجوز فى المنطقة للكيان وحده ، وأن السلام الموهوم مع الكيان لا يحمى أحدا من عقابه ، وأن يد "إسرائيل" هى ذاتها يد أمريكا ، وأن "المتغطى بالأمريكان عريان" ، وهذه هى الحقيقة الكبرى الباقية قبل ضرب "قطر" وبعده ، فاتفاقات السلام والتطبيع القائمة ليست سوى صكوك " وهم" ، لا توفر أمانا لأحد ، والكل سواء على حبل المقصلة "الإسرائيلية" الأمريكية .
وفى وهج انفجارات النار التى تجتاح المنطقة ، لا يصح إلا ما كان ويبقى صحيحا فى مطلق الأحوال ، وأوله أن المقاومة وحدها هى الفرقة "الناجية" من نار الدنيا وعذاب الآخرة ، وقد تُضرب المقاومة هنا أو هناك ، لكنها تبقى الأمل الوحيد فى يقظة الأمة ، وسلاح الردع الذي يقلق الكيان ويهدد استقراره . |
المشـاهدات 38 تاريخ الإضافـة 14/09/2025 رقم المحتوى 66673 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |