نصير الزيدي

مرة أخرى، تتحول قرعة دوري النخبة العراقي من مناسبة يفترض أن تكون احتفالية ومثار شغف جماهيري، إلى مادة دسمة للجدل والاعتراضات. فبدل أن ينصبّ الحديث على التحديات المقبلة والمواجهات المثيرة، انشغلت الأوساط الكروية بالاتهامات والتأويلات، وكأننا أمام مسلسل يتكرر كل موسم دون حلول.

القرعة في المفهوم الرياضي البسيط ليست سوى إجراء تنظيمي يرسم خارطة الطريق للبطولة، لكن عندنا تتحول إلى ساحة لتبادل الشكوك، فبعض الإدارات ترى أن الحظ لم يكن منصفًا، وأخرى تشكك في آلية السحب ذاتها، فيما يذهب الجمهور إلى أبعد من ذلك حين يربط النتائج بخلفيات غير رياضية. هذه النظرة السلبية تعكس بوضوح حجم أزمة الثقة بين الأندية واتحاد الكرة، وهو ما يفسد أجواء المنافسة قبل أن تبدأ.

المفارقة أن مثل هذه الاعتراضات لا تغيّر شيئًا من الواقع، لأن النظام معروف، والنتائج مُعلنة على الهواء، والبطولة تُحسم في الميدان لا على الورق. لكننا نصرّ على الدوران في حلقة مفرغة من الجدل العقيم، فنمنح القرعة حجمًا أكبر من حقيقتها، بينما الأصل أن تكون مجرد محطة سريعة تفتح الباب للمنافسة الشريفة.

الملاعب هي الفيصل، والتاريخ لا يذكر من كان محظوظًا في القرعة، بل يسجل من رفع الكأس ومن اجتهد وتفوق. أما انشغال بعض الإدارات بالتصريحات والاعتراضات فلن يغير شيئًا، بل يشتت التركيز عن العمل الحقيقي الذي يبدأ من التخطيط الفني والإعداد الجيد.

إن أرادت أنديتنا الارتقاء بمستواها، فعليها أن تتجاوز عقلية "القرعة غير منصفة" إلى عقلية "كيف نستعد للبطولة". لأن قوة الفريق لا تقاس بالجدول الذي يواجهه، بل بقدرته على الصمود أمام جميع الخصوم في أي توقيت. وما دام الطموح هو اللقب، فلا فرق بين أن تبدأ بمواجهة الكبار أو تنتظرهم في الأدوار الأخيرة.

باختصار، كل هذا الجدل حول القرعة ليس إلا ضوضاءً بلا جدوى، يستهلك طاقة ويغذي الشكوك، فيما الحقيقة واضحة: المستطيل الأخضر وحده من يمنح العدالة الحقيقية، والعرق وحده هو الذي يصنع الأبطال.