الإثنين 2025/10/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
نيوز بار
المنشية..استعادة للتاريخ وحضور للواقع
المنشية..استعادة للتاريخ وحضور للواقع
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

بثينة حمدان

 

مسرحية "المنشية" التي تتناول التاريخ منذ ما قبل النكبة وحتى حرب الإبادة تنتقل بالحكاية الفلسطينية في جولة من العروض، من العاصمة القدس إلى رام الله ومحافظات الضفة وصولًا إلى يافا وأم الفحم والناصرة بل وإلى الشتات وأوروبا، وذلك رغم صعوبة الإنتاج الثقافي في ظل الحرب، حيث قال عامر خليل، مدير المسرح الحكواتي والمنتج للمسرحية: "في البداية عندما اطلعنا على النص والذي تزامن مع بدايات الإبادة كان مؤثرًا ومؤلمًا خاصة أن أحد الشهداء هو من غزة، وحينها خفنا أن يكون أثر المسرحية مضاعفة ألم الناس".كان الجمهور الحاضر للمسرحية يخرج مستشعرًا حالة طويلة من الألم، مؤكدًا ضرورة استحضار التاريخ وربطه بالحاضر، ومن بين التعليقات: "لا يجب أن ننسى أين وكيف بدأ الصراع؟". وقال خليل إن المسرحية تعيدنا إلى جذورنا في حي المنشية وتربط أحداثًا في ثورة 1936 وصولًا إلى حرب الإبادة في غزة، وفي المشهد الأخير يستيقظ الأموات وبينهم آخر شهيد وهو قادم من حي المنشية إلى غزة.المسرحية، وهي من سيناريو الكاتب سامر الصابر - ابن حي المنشية بيافا- وإخراج مشترك بينه ومارينا جونسون، تستحضر تاريخ الصراع الفلسطيني مع العصابات الصهيونية وتنقل قصص القتل والنزوح وفقدان البيت والموطن من "المنشية" أحد أشهر أحياء يافا، حيث تعيش عائلتان متجاورتان تتصدران المشاهد وهما عائلة أبو صبحي التاجر والإنسان الطيب، وعائلة عيشة المعيلة لعائلتها والتي تعثرت في زيجاتها، يرافق هذا صوت الراوي المتمثل بالفنان حسام أبو عيشة والذي يحكي قصة المكان وتاريخه والحضارات التي مرت عليه.يعتمد أسلوب المسرحية بشكل رئيسي على الرواية وأداء الممثلين وتقمصهم العميق للشخصيات، فالأولوية ليست لجمالية المسرح بل لقوة حضور مسرح الذاكرة والمضطهدين، وكان الأداء القوي، مثلًا، لشخصية أبو صبحي وهو يغلق باب الدكان للمرة الأخيرة قبل النزوح من دون أن يرى الجمهور الباب، بل يشعرون بقوة صوته وصعوبة الوداع بشكل أبلغ بكثير مما لو وُجدت بعض الأدوات المادية، فاستحضار المشهد كان كاملًا بدون الحاجة إلى ديكور.ومن أحياء المنشية والعجمي ومسجد حسن بيك تبدأ الأحداث وتكون ابنة أبو صبحي سنية هي الأساس المحرك والطفلة التي تكبر على محبة العلم وتعيش أثر كتابة قصيدة "موطني" في الثلاثينيات للشاعر إبراهيم طوقان، وتجسد شخصية سنية الفنانة ياسمين شلالدة والتي تحدثت عن أقسى المشاهد بالنسبة إليها فقالت: "المشهد الذي تأثرت به هو واقع كتابة قصيدة ’موطني’ قديمًا وأثرها اليوم الذي يبدو وكأنه أقل وطأة، وكأننا اعتدنا المأساة". وأضافت: "هناك مشهد آخر هو حين تستعيد سنية بعد تهجيرها الزمن وتزور المنشية في مخيلتها فتشعر بالسعادة والألم الذي أصبح جمعيًا وينتهي ببكائها على ما هو بات مفقودًا".أما الفنان فراس فرّاح فيقوم بدور أبو صبحي التاجر الذي يضطر لترك أملاكه من أجل حماية عائلته والسفر عبر البحر إلى بيروت، ويغلق متجره بعد أن سجل احتياجاته، ووعد ابن الجيران بمساعدته في اقتناء عربة أخرى بعد أن تهدمت الأولى إثر القصف. وفي هذا الرحيل القسري المؤقت بالنسبة لسكان الحي آنذاك، حيث حملوا مفاتيح بيوتهم وخططوا لعودتهم أثناء الرحيل، يرى الفنان فرّاح بأنه مشهد متكرر فقال: "نرى اليوم تجارًا وأغنياء من غزة ألقوا ببطاقاتهم الائتمانية التي لم تعد لها قيمة بعد أن فقدوا كل شيء تحت الإبادة". واعتبر أن مواصلة الفنان إنتاجه الإبداعي هي جزء من "حالة الشيزوفرينيا" التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، فالفرح يستمر وسط الألم ورغم أقسى اللحظات، وهو جزء من معركة الفلسطيني في البحث عن بصيص أمل والإيمان بأن الحياة مستمرة والوجع سينتهي.أحمد ابن عيشة والذي جسّد دوره الفنان محمد الباشا، وهو زوج سنية في المسرحية الذي يستشهد في غزة، قال: "إن الفنان الفلسطيني هو جزء من هذا المجتمع الذي تعرض للصدمة من الإبادة، مما أدى إلى شلل الحالة الثقافية، لكن تبقى رسالة الفنان أن يكون محركًا لا يتوقف عن تسليط الضوء على معاناة شعبه المستمرة. أحيانًا نشعر بالذنب لمجرد أننا نعيش حياة طبيعية ونشعر بالخذلان، لكن يجب أن تستمر الحكاية".إن الفنان هو جزء من هذا النسيج الاجتماعي الذي يتألم ويشعر بالخذلان، ورغم ذلك يعمل ويحاول أن يستمر برسالته الوطنية عبر فنه... وبرأيي، عليه دومًا أن يكون باعثًا للأمل رغم قسوة الوجع وطول المأساة... وأن يحمل دومًا، كغيره من المبدعين الفلسطينيين، عبئًا مضاعفًا.

المشـاهدات 630   تاريخ الإضافـة 06/10/2025   رقم المحتوى 67098
أضف تقييـم