عقلنا كعقول أبناء الدنيا , والعيب في أنظمة الحكم التي تقولبه كما تشاء مناهجها التدميرية للبلاد والعباد , فالقول أن العلة في عقلنا نوع من الهروبية ووسيلة لإستلطاف الوجيع , وعدم النظر للواقع بعين الوضوح.وفيه تعبير عن المخاوف من السلطة , وعدم الجرأة على قول الحقيقة , والشعور بالضعف والتدحرج في متاهات الرمزية والغموض والتضليل والتوهم بالمعرفة , وأن المشكلة في الناس وليس في سُراتهم الموكلين لخدمة مصالح الآخرين. لكل أمة قدوة , وعندما تكون القدوات سيئة فماذا يُرتجى من المقتدين بها؟ الشعوب لا تحقق إنجازات وتعبّر عن طموحاتها وتنبثق طاقاتها من دون قيادة مستوعبة لتطلعاتها , ودارية بتأريخها وطبائع سلوكها ومدارات تفاعلها وقدراتها الكامنة. الصين تألقت بقادتها , وسنغافورا وماليزيا والعديد من دول العالم , فالشعوب بلا قيادة واعية ومثقفة وعارفة بتأريخها , وما فيها من البذور الحضارية والإمكانات الإبداعية , تتحرك بعشوائية ويصيبها الإضطراب وتسحقها التفاعلات السلبية , لأنها بلا مسار واضح , وتمضي في تخبطها كالأعمى المتوجس الخطوات في أروقة المجهول والإبهام. الشعوب المسلوبة الإرادة بلا قيادة , وتنقصها السيادة , وقدرات تقرير المصير , فتبقى تطارد خيوط دخان الأماني وتمتطي سرابات الركض وراء المجهول. فما الذي ينقصنا؟ لدينا أنواع الثروات , وربان سفينة وجودنا من المغفلين المستهينين بقدراتنا والتابعين لغيرنا , والحريصين على مصالح الآخرين على حساب مصالحنا , فهل سنرزق بأعلامٍ بحجمنا لنكون أمة ذات مقام محمود؟!!

عقولُ الناسِ من وجلٍ تخابتْ

وما نطقتْ بما فيها فخابتْ

لديْها كلّ واعدةٍ بخيرٍ

وتنهرُها أهاويلٌ تبارتْ

فلا تعجبْ إذا انطلقتْ رؤاها

لأنّ وجودَها شمسٌ أضاءتْ