لم تعد أندية المحافظات مجرد ضيوف شرف في دوري النخبة العراقي، بل أصبحت اليوم عنوانًا للفخر والإنجاز، ورمزًا للتحدي والإصرار. فهذه الأندية، التي وُلدت من رحم المعاناة وواجهت صعوبات البنية التحتية وضيق الإمكانيات، نجحت في أن تفرض حضورها القوي في ساحة الكبار، لتثبت أن العزيمة والروح الجماعية يمكن أن تهزم المال والنجومية.

من الجنوب إلى الشمال، ومن الفرات الأوسط إلى الغرب، قدّمت فرق المحافظات نموذجًا يُحتذى به في الالتزام والانتماء. فكل انتصار لها لا يُسجَّل فقط في سجلات الدوري، بل في وجدان جماهيرها التي تقف خلفها بقلوبها قبل أصواتها. هذه الجماهير التي لم تتخلَّ عن أنديتها حتى في أصعب الظروف، كانت الوقود الحقيقي لمسيرة النجاح.

اليوم، نشاهد أندية مثل نفط ميسان وزاخو الغراف وديالى والقاسم ودهوك وغيرها، تنافس بشرف وتقدم كرة قدم جميلة، قائمة على التخطيط والاستقرار والثقة بالمواهب المحلية. لقد نجحت هذه الفرق في صناعة هوية خاصة بها، هوية توازن بين الطموح الواقعي والحلم الكبير.

رهان اتحاد الكرة والجماهير على أندية المحافظات كان رهانًا ناجحًا بحق، لأنها أعادت للدوري توازنه الجغرافي والجماهيري، وكسرت احتكار العاصمة للأضواء. ومع استمرار الدعم والتطوير، يمكن لهذه الأندية أن تكون نواة مشروع كروي متكامل، ينهض بالكرة العراقية من القاعدة إلى القمة.

إن أندية المحافظات اليوم لا تطلب المستحيل، بل تطلب فقط الإنصاف والدعم المستحق، لتواصل طريقها في صناعة الفرح والهوية. إنها أندية تعبّر عن العراق الحقيقي... عراق الكدّ والعرق والإصرار، عراق المدن التي لا تعرف الاستسلام.