| النـص :
لندن ـ متابعة ـ رحيم الشمري
قدمت الباحثة الدكتورة شكرية السراج على قاعات لندن العلمية خفايا أزمة المخدرات في العراق ، وتوجت مسيرتها بعضوية اللجنة العلمية لمؤتمر دولي رصين في المملكة المتحدة بريطانيا لتسمع صوت العراق ، وتخترق دائرة الضوء العالمي وتكشف مستويات تأثير أزمة المخدرات على شباب الجامعات ، من قلب الأزمة العراقية إلى قمة العلم العالمي ببحث المستوى الحقيقي لتأثير المخدرات على مستقبل الشباب الجامعي ، في خطوة تعكس تميز البحث العلمي العراقي ، وتتشح الأستاذة السراج برداء العضوية في اللجنة العلمية للمؤتمر الدولي الثاني للعلوم الاجتماعية والإنسانية للمرة الثانية ، حاملةً بين طيات أبحاثها هموم المجتمع العراقي وآماله .واحتضنت قاعات جامعة وستمنستر البريطانية خلال الفترة من الثامن إلى العاشر من تشرين الثاني الحالي ، هذه المشاركة العلمية المتميزة التي تجمع بين الشرف الأكاديمي والمسؤولية الوطنية ، حيث شارك في المؤتمر أكثر من ستين بحثا عربيا واجنبيا ، وتأت الدعوة العلمية تتويجاً لمسيرة حافلة بالعطاء الأكاديمي ، حيث اختارت اللجنة المنظمة الدكتورة شكرية لتكون ضمن أعضائها تقديرا لسيرتها الذاتية المشرقة واسهاماتها البحثية الرصينة في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية ، كما جاء القرار الجامعي الصادر عن رئاسة جامعة بغداد ليؤكد الثقة الكبيرة بهذه الكفاءة العلمية ، مفتتحا باب المشاركة الدولية الواسعة أمام الخبرة العراقية الأصيلة .وتناولت السراج ببحثها العلمي المحكم"مستويات تأثير تغطية الصحافة الإلكترونية العراقية لأزمة انتشار المخدرات على الشباب الجامعي"، الذي يمثل مرجعاً مهما في تشخيص واحدة من أخطر القضايا الاجتماعية التي تواجه المجتمع العراقي في مرحلته الراهنة ، حيث تطلعت الدراسة بأبعادها التحليلية العميقة إلى رصد الظاهرة بمنهجية علمية دقيقة، مستندة إلى عينة بحثية شملت "400" من النخب الأكاديمية والإعلامية والأمنية والدينية ، في محاولة جادة لفهم تداعيات هذه الآفة الخطيرة .وكشفت نتائج الدراسة عن حقائق بالغة الأهمية ، حيث أظهرت أن تأثير التغطية الإعلامية للمخدرات في الوسط الجامعي لا يزال في حدود المتوسط ، فيما برزت القنوات الفضائية كوسيلة إعلامية مفضلة لدى الجمهور لمتابعة هذه القضية ، كما أشارت النتائج إلى هيمنة العوامل الاجتماعية والأسرية على قائمة الأسباب المؤدية إلى انتشار هذه الظاهرة، في إشارة واضحة إلى عمق الجذور المجتمعية للمشكلة .وأكدت الدراسة على الدور السلبي لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في تفاقم أزمة المخدرات ، مسلطة الضوء على الحاجة الملحة إلى مراجعة التشريعات القانونية وتطوير آليات المكافحة ، وقد مثلت هذه النتائج خريطة طريق حقيقية للباحثين وصناع القرار ، تفتح افاقا جديدة للتعامل مع هذه القضية الشائكة .وشددت أن معالجة أزمة المخدرات تتطلب مقاربة شاملة تجمع بين التعامل الأمني والعلاج الاجتماعي ، مع ضرورة تعزيز الوازع الديني والقيمي ، وخلق فرص عمل حقيقية للشباب تستوعب طاقاتهم وتصون آمالهم ، كما دعت إلى تضافر الجهود الإعلامية والمؤسساتية لمواجهة هذه التحديات .وتمثل هذه المشاركة العلمية الدولية علامة مضيئة في مسيرة البحث العلمي العراقي ، حيث تنجح باحثة عراقية في الجمع بين الشرف الأكاديمي ممثلا بعضوية اللجنة العلمية ، والمسؤولية الوطنية مجسدة في اختيارها لقضية مجتمعية ملحة ، لتطرح رسالة ثقة بالعقل العراقي وقدرته على المساهمة الفاعلة في الحوار العلمي الدولي ، مع الحفاظ على ارتباطه بقضايا وطنه ومجتمعه ، وإن هذا الإنجاز العلمي ليس مجرد مشاركة في مؤتمر دولي ، بل هو تأكيد على قدرة المرأة العراقية والعالمة العربية على اقتحام المجالات العلمية الرصينة ، وحضورها اللافت في المحافل الدولية ، حاملةً معها تراثا ثقافيا غنيا ورؤى علمية مبتكرة ، إنه بحق دليل ساطع على أن العطاء العلمي العراقي ، رغم كل التحديات، لا يزال قادراً على إثبات وجوده وإبراز تميزه ، وبينت اروقة العلم في لندن ، تنسج الدكتورة شكرية بأبحاثها خيوط الأمل ، معلنة أن المعرفة أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن العلم رسالة سامية تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافات المختلفة ، لتبقى المعرفة نورا يضيء دروب التقدم والتنمية .
|