الشكلانيّون الروس و الأدب الفيكتوري
في كتاب "نظرية الأدب"![]() |
| الشكلانيّون الروس و الأدب الفيكتوري في كتاب "نظرية الأدب" |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص : مؤيد عليوي كتب تيري ايغلتون في كتابه " نظرية الأدب " ،أن الشكلانيين الروس كانوا قد تقدموا على أوربا في إيجاد تعريف للأدب قبل تأريخ الثورة البلشفية ١٩١٧ -١- ، لننقاس ما خلف هذه الكلمات مع ملاحظة كلمة ايدلوجيا عند تيري ايغلتون تعني الفكرة .. نبدأ جميعا هنا المناقشة : هل ثمة علاقة بين ظروف الإجتماعية والاقتصادية والسياسية المتخلفة في روسيا القيصرية وما أنتجه الشكلانيين الروس ؟ وهل ثمة علاقة بين ما تأخر عنه نقاد أوربا وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا عن تقديمهم تعريف للأدب كما الشكلانيين في روسيا ، في ظل التطور الصناعي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والصحي في بريطانيا إبان العهد الفيكتوري ( ١٨٣٩ – ١٩٠١) الذي تناوله بالتفصيل تيري ايغلتون؟ بين هذين التاريخين في مكانيين مُختلفين وأوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية متباينة، إذ نجد المؤلف يبتعد عن التحليل لهذه الظاهرة المتخلفة في إنتاج تعريف للأدب، فهو لم يحلل أو يذكر الظروف الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية المتخلفة مع سيطرة الكنسية في روسيا القيصرية قبل ١٩١٧ ،تخلفها عن أوربا في ذات الحقبة أو مقاربة جدا لها ،عندما نبغ الشكلانيين الروس ونجحوا في إيجاد تعريف علمي وعملي للأدب فيما كانت الكنيسة نشطة جدا وكان نسبة الفلاحين 75% والعمال 15%، 10% إداريين وعسكر ؟! أ ليست مفارقة لتيري ايغلتون بحسب منظومة تفكيره الماركسية أو اليسارية؟! إذ ذهب مباشرة الى ١٩١٧ وما احرزه الكشلانيين من تقدم في مدة العشرينيات إبان الاتحاد السوفيتي وهو يقصد مدة لينين ، وما تعرضوا له من اسكات صوتهم الأدبي في مدة ستالين مبررا فعل ستالين ؟!- ٢ – بينما يرى المؤلف أن الكنيسة في لندن أخفقت في ايصال فكرتها عبر نصها الديني، ونجح الأدب الفيكتوري في ايصال المشاعر الرومانسية في الشعر دون فكرة الالتصاق بواقع المجتمع العمالي الذي يمثل اغلبية مجتمعه الانكليزي ، الذي يعده تيري ايغلتون لم يجد تعريفا للأدب بينما في الحقيقة كان مفهوم الأدب يتطور بهدوء وببطء فالبنية الفوقية للمفاهيم الأدبية في مجتمع ما بعد تطوره الصناعي والاستقرار الاقتصادي ، هو الشيء الأخير الذي يتقدم في تطوره الأدبي نتيجة لذلك التطور الاقتصادي اذ تعمل منظومة الافكار الجديدة بعد الثورة الصناعية الاولى للعالم في العهد الفيكتوري ،عملها في إنتاج مباني ثقافية جديدة في أذهان الأدباء الذين عاشوا في معمة تطور المرحلة لتنتج تعريفا للأدب، فكان طبيعيا أن يكون الشعر الرومانسي والرواية الواقعية ،وتعريفه بالشعر والأدب دون فكرة تتصل بواقع العمال واحتياجاتهم كان امرا طبيعيا، وليس كما يطالبُ ايغلتون من الشاعر ارنولد أن يكتب شعره عن العمال وعن اضطهاد النساء في المجتمع الفيكتوري وقتها - ٣ – ، وهنا أود أن اذكر ما نقله تيري ايغلتون عن د.كارل ماركس قوله ( ولطالما اقلق كارل ماركس السؤال عمّا يجعل الفن الاغريقي محتفظا ب " سحر أبدي على الرغم من أن الشروط الاجتماعية التي انتجته قد زالت منذ أمد بعيد )- ٤- ، طبعا يقصد ماركس بالفن الأدب والفن الاغريقي كما شرح ذلك المؤلف- ٥- حيث يؤكد هذا من جهة أن الظروف الاقتصادية والإجتماعية والدينية اقصد سيطرة الكنسية أو نوع اللاهوت ليس بالضرورة أن يكون مؤثرا في إنتاج الأدب وتعريفه – النقد الأدبي - ضمن ظروفه المكانية بمعزل عن العالم الإنساني بدليل ما انجزه الشكلانيين الروس من تعريفهم للأدب قبل أوربا المتطورة ، فالشكلانيين كانوا على تواصل ومعرفة بالتقدم الصناعي في بريطانيا وليسوا قابعين تحت تأثير ذلك التطور، بمعنى أنهم كانوا يرون حالة التطور فيما كانت بلادهم متخلفة اقتصاديا وكانوا على علم بتجربة الشعر الرومانسي والرواية الواقعية في العهد الفيكتوري فمثلا في سنة ١٨٨٠ كانوا على اطلاع واسع بالأدب الإنجليزي في العهد الفيكتوري ،وكان الشكلانيين الروس مهتمين بدراسة الأدب الإنجليزي وتحليل بنيته اللغوية، وهذا ما ساعدهم على تكوين فكرة أو مجموعة أفكار عن إيجاد تعريف للأدب العالمي بعيدا مكانيا عن التجربة الإنكليزية المتطورة صناعيا والبطيئة التطور في حقل الإنتاج الأدبي مقارنة بإنتاج الشكلانيين الروس للأدب، نقرب الحالة بمثال بسيط : تصوّر أنك جالس تشاهد فلما سينمائي ترى افكار الفلم وتطورها وتحدد ملامح التجربة للأشخاص في الفلم وتتجاوز اخطائهم وانت طبعا متفرج للفلم ، بمعنى ان المباني الفوقية للشكلانيين الروس قبل ١٩١٧ كانت تتجاوز التخلف الاقتصادي في عملهم لبلادهم وتتصل بالتقدم الصناعي البريطاني فتحرروا من قيود المحلية الروسية الى البعد العالمي الانساني بسبب الاطلاع الواسع تجربة الأدب الاوربي والبريطاني ،وغير خاضعين لعملية التطور البطيء التي يعيشها الادب الانكليزي ، وقد تجاوز تيري ايغلتون هذا ولم يذكره بالتفصيل كما فصل في الادب الفيكتوري، اقصد لم يذكر ان التطور الأدبي وتعريف الادب تعريفا علميا وعلميا عند الشكلانيين بشيء من التفصيل قبل ١٩١٧ لم يذكر تاريخا لسنة واحدة تختص بالشكلانيين الروس قبل ١٩١٧ وقراءتهم للفلسفة العالمية نتيجة اتصالهم بالغرب المتطور عنهم ،بل ذكر انتعاش النقد الأدبي في العشرينيات من القرن الماضي إلى أن تدخل ستالين بقوة ومنع الشكلانيين الروس من الكتابة والتنظير في النقدي الأدبي خارج منظومته الشيوعية ؟! اما مقولة ماركس وقلقه في ( ولطالما اقلق كارل ماركس السؤال عمّا يجعل الفن الاغريقي محتفظا ب " سحر أبدي على الرغم من أن الشروط الاجتماعية التي انتجته قد زالت منذ أمد بعيد ) فأن ماركس نفسه لم يتصور أن الأدب ينتجه الانسان الذي فيه المادي والروحي معا، فيه الإحساس والعقل، وأنه ليس عاملا في مصنع ، يخضع لسلطة صاحب المصنع في احساسه وعقله نتيجة حاجته للمال من اجل لمواصلة حياته واسرته ، فقلقه جاء من اعتقاده أن المرحلة الاقتصادية -الاجتماعية ، هي التي تفرض شروطها على الاديب والفنان لكن هذا غير صحيح فالأديب والفنان بعقله وإحساسه المرهف وإبداعه - كما يسميها ماركس حساسية الإدراك اتجاه الوجود – يستطيع الإفلات من قيود تلك المرحلة وسطوتها مهما كانت قوة المرحلة الاقتصادية -الاجتماعية، اذا كان مبدعا حقا لذا نجد أن الكثير من الفن والأدب لعصور ما قبل الميلاد تتنفس الحياة اليوم بعد انتهاء مرحلتها وشروطها الاجتماعية ، قد يكون الأديب والفنان يتأثر بتلك الشروط والأحكام الاجتماعية في تلك المدة لكنه يمتلك الإبداع والابتكار الذي تحتاجه سلطة انتاج الظروف الاقتصادية -الاجتماعية ، ويظل المبدع الأدبي هو من يمسك بدفة الأمور الخاصة به قد تكون عملية تطوره بطيئة مثلما حدث في العهد الفيكتوري فالمراحل الزمانية للحضارات لا تقاس بالسطور، إذ كما وقع د.كارل ماركس في تصوره وصار قلقاً اتجاه السؤال اعلاه، وقع المؤلف تيري ايغلتون تحت تأثير فكرته الماركسية عندما تجاوز هذه الحقائق وصاغ عبارته بطريقة واسلوب تعبوي لفكرة واحدة دون النظر بعلمية لتاريخ الأدب العالمي وحركته المتصلة بين الشكلانيين الروس والأدب الفيكتوري جاعلا جل عملهم ما بعد ١٩١٧ . ثمة شيء مهم هنا لابد من ذكره الذي جعل الادب العالمي يتطور في كل العالم كوحدة واحدة غير منفصلة على الرغم من التجارب المختلفة بين شعوب الأرض ، أنها عملية البحث والفهم والاطلاع على التجارب الادبية العالمية على أنها وحدة انسانية مهما كانت الفكرة في النص الأدبي، مع عوامل مهمة مساعدة من مثل التقدم الصناعي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي الديمقراطي والحرية ..
الهامش : 1- نظرية الأدب ، تيري ايغلتون، طبعة المدى ، ٢٠١٦ ، بغداد، تر : ثائر الديب ، ص ٥ 2- المصدر نفسه : ص ١٠ – ١١ 3- المصدر نفسه : ص ٤٤ – ٤٩ 4- المصدر نفسه : ص ٢٥ 5- المصدر نفسه : ص ٢٥ – ٢٧ |
| المشـاهدات 47 تاريخ الإضافـة 22/11/2025 رقم المحتوى 68471 |
أخبار مشـابهة![]() |
الشارقة للكتاب يحتضن نقشاً أثرياً يعود لألفي سنة قبل الميلاد
|
![]() |
تخصيص 4.5 ملايين درهم لشراء أحدث إصدارات دور النشر المشاركة بمعرض الشارقة للكتاب |
![]() |
يصدر طبعة خاصة من كتاب ((يوسف شاهين نظرة الطفل.. وقبضة المتمرد)) للناقد إبراهيم العريس
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يحتفي بـ((يوسف شاهين حدوتة مصرية)) |
![]() |
السفيران الإيراني والروسي يجتمعان ببغداد بشأن الانتخابات
الخارجية: تصريحات متحدث الخارجية الإيرانية تدخل مرفوض بالشأن العراقي |
![]() |
نادي السرد في اتحاد الأدباء والكتّاب يحتفي بـ ( توائم الرجل المسيّب) |
توقيـت بغداد









