مازال القمر مضيئا
![]() |
| مازال القمر مضيئا |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص :
قصة: سعد كريم الاحمر- هولندا كانت الشمس قد مالت نحو المغيب فوق الروابي الممتدة على الحدود، مخلفة مشهدا ساحرا من الالوان الدافئة، ومعلنة عن نهاية نهار صاخب وبداية ليل يزحف بهدوء. وسط هذه الاجواء، كان هيثم ، ذلك الجندي العراقي الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، يقف خلف ساتر ترابي ، مأخوذا بذلك المشهد الآسر. لم يكن يعرف الكثير عن دهاليز السياسة أو عن الأسباب التي ادت الى اندلاع الحرب، كان يعرف فقط أن أمّه تنتظره، وأن اصوات الانفجارات صارت جزءًا من يومياته. في ذلك المساء، أُبلغ هيثم بأنه سيكون ضمن قوة مهمتها نصب كمين في الأرض الحرام الفاصلة بين الجيشين العراقي والإيراني مكونة من تسعة جنود، ومخابر، وضابط صف… مهمتهم رصد أي تحركات معادية قد تنذر بهجوم وشيك، ليمنحوا قطعات الجيش العراقي فرصة الاستعداد لصده. تحركت القوة تحت ضوء قمرٍ بدا وكأنه مصباح عملاق معلق في السماء لينير لهم الطريق. كان الصمت ثقيلاً… صمت يشبه هدنة غير معلنة. وبينما كان الجنود يتبادلون همسات خافتة لكسر وحشة الليل في المكان الذي اختبأوا فيه، كانت عين هيثم ترصد حركة غامضة بين شجيرات متناثرة على مسافة ليست بعيدة، فأسرع الى تنبيه رفاقه. لكن ضابط الصف قال له ساخرًا: لكن قلبه لم يطمئن بعد ان لاحظ حركة اخرى في نفس المكان، مما دفعه ذلك الى طلب السماح له بالذهاب الى تلك الشجيرات ليستكشف حقيقة ما يجري، فوافق ضابط الصف على مضض، رغم قناعته بأن لا شيء هناك يستحق الاهتمام. تسلل هيثم بحذر بين الشجيرات، قابضاً على بندقيته بقوة وانفاسه تتلاحق. وما إن وصل الى هناك، حتى لمح جنديا ايرانيا يبحث عن شيء ما في الارض. وبدون تردد، وجّه فوهة سلاحه خلف الرأس المنحني، وصاح بحزم :
تجمّد الجندي الايراني، ورفع يديه المرتعشتين نحو الاعلى، وقال بلغة عربية تكسرها لكنة أعجمية:
تسمّر هيثم، وسأله بحدة:
أجاب الجندي الإيراني، وعيناه تلمعان بالدموع:
ثم مد يده إلى جيبه، وأخرج منه قلماً وورقة صغيرة، وقال بهمس:
كتب آزاد اسم اخيه ورقم هاتف بيته بيد مرتجفة، ثم صافح هيثم بامتنانٍ تخطّى حدود اللغة والحرب.
فرد عليه هيثم، وهو يلتفت خلفه خوفاً من رفاقه:
وهكذا اختفى آزاد بين الأشجار كطيف عابر، وبقي صدى كلماته يرنّ في أذن هيثم، الذي عاد إلى موقع الكمين، ليسأله ضابط الصف ساخرًا: ابتسم هيثم وهو يتحسس الورقة في جيبه، وقال بهدوء: ثم رفع بصره نحو القمر الذي غمر الأرض الحرام بضوئه، فشعر بوعي جديد ينبت في داخله: |
| المشـاهدات 59 تاريخ الإضافـة 23/12/2025 رقم المحتوى 69261 |
توقيـت بغداد









