في خضم الجدل الدائر حول مستقبل الدوري العراقي، ومع اقتراب الاستحقاقات المصيرية للمنتخب الوطني وفي مقدمتها مشوار التأهل إلى كأس العالم، تبرز مقترحات اتحاد الكرة بوصفها حلولًا اضطرارية أكثر من كونها خيارات مثالية. قد لا تحظى هذه المقترحات برضا الجميع، لكنها في النهاية تمثل واقعًا يجب التعامل معه بعقلانية بعيدًا عن لغة الرفض المطلق.

المقترح الأول: ضغط المباريات وتوسيع قوائم الفرق

يقوم هذا المقترح على مبدأ تسريع روزنامة الدوري من خلال ضغط المباريات، مع السماح للأندية بإضافة عدد أكبر من اللاعبين إلى قوائمها.

من حيث المبدأ، يبدو القرار صعبًا على الأندية، خصوصًا من ناحية الجهد البدني والإصابات، لكنه في المقابل يوفّر حلًا عمليًا لمعضلة الوقت. فالمنتخب الوطني بحاجة إلى فترات إعداد كافية، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون تقليص المساحات الزمنية التي تستهلكها المسابقة المحلية.

توسيع قوائم الفرق هنا ليس ترفًا تنظيميًا، بل ضرورة فنية، إذ يمنح المدربين خيارات أوسع للمداورة، ويخفف من تأثير الإرهاق، كما يفتح الباب أمام لاعبين شبّان لإثبات حضورهم في ظروف استثنائية.

المقترح الثاني: تقسيم الفرق بعد نهاية المرحلة الأولى

أما المقترح الثاني، فيقضي بتقسيم الفرق إلى مجموعتين بعد نهاية المرحلة الأولى من الدوري، وفقًا للترتيب. مجموعة تنافس على اللقب والمراكز المتقدمة، وأخرى تصارع من أجل البقاء.

هذا النظام، وإن كان غير مألوف كليًا في الكرة العراقية، إلا أنه مطبّق في العديد من الدوريات التي واجهت ظروفًا مشابهة. ميزته الأساسية تكمن في تقليص عدد المباريات، ورفع مستوى التنافس في الجولات الحاسمة، بدل استمرار مباريات بلا دافع حقيقي.

الأهم من ذلك، أن هذا النظام يساعد الاتحاد على ضبط مواعيد نهاية الموسم بما يتلاءم مع أجندة المنتخب، دون اللجوء إلى إيقاف طويل قد يضر باللاعبين والأندية معًا.

كأس العالم أولًا

لا يمكن عزل هذه المقترحات عن الهدف الأكبر: المنتخب الوطني. التأهل إلى كأس العالم ليس حلمًا عابرًا، بل مشروع وطن، يتطلب تنازلات من الجميع؛ اتحاد، أندية، لاعبين، وجماهير.

التمسك بشكل دوري مثالي في توقيت غير مثالي قد يكلّفنا فرصة تاريخية، بينما القبول بحلول مؤقتة ومدروسة قد يكون الثمن الأقل لتحقيق الهدف الأسمى.

وفي النهاية

مقترحات اتحاد الكرة ليست منزلة من السماء، وهي بالتأكيد قابلة للنقاش والتعديل، لكنها في جوهرها محاولة لموازنة معادلة صعبة بين مصلحة الدوري وطموح المنتخب. الواقعية تفرض علينا أن نتقبل التغيير، حتى وإن كان مؤلمًا، لأن الثابت الوحيد في كرة القدم الحديثة هو أن من لا يتكيّف… يتأخر.