أكاديمي وكاتب عراقي

بوصفها نشاطاً اتصالياً مخططاً ومنظماً وقابلاً للمتابعة والتقويم، تنفذه مؤسسات أو مجموعات أو أفراد لمدة محددة، لتحقيق أهداف معينة باستعمال وسائل الاتصال المختلفة لتوجيه سلسلة من الرسائل الاتصالية باعتماد أساليب الاستمالة المؤثرة بشأن موضوع محدد يستهدف جمهوراً كبيراً نسبياً. فالحملة الإعلامية تشتمل على الجهود المكثفة والمستمرة لمدة زمنية للنشر المتواصل باعتماد أساليب الاتصال ووسائله لطرح موضوع معين ومناقشته لتحقيق هدف ما، وغالباً ما تكون الحملة مع شيء أو ضد شيء، من طريق الترويج لأفكار سياسية أو التثقيف لبث أفكار تؤثر في الرأي العام ومعتقداته، وأحياناً لإشراكه في قضية ما عبر توجيه الرسائل الاتصالية وثم تلقّي الآراء والمقترحات باعتماد عملية الاتصال المزدوج بوسائله المتاحة. وقد تتخذ تدابير هذه الحملات واستعداداتها اشكال عدة، كالحملات السياسية والانتخابية والعَلاقات العامة والإعلان وتوظيف وسائل الاتصال الجماهيري، لتتضمن فعالية اجتماعية وثقافية وسياسية تستهدف تخطيط عمليات التأثير وإدارتها في تصورات واتجاهات وأنماط تفكير وسلوك جمهور، أو فئة ما نحو موضوعة محددة أو شاملة ذات قيمة اجتماعية سائدة أو تنمية أفكار ومواقف ايديولوجية جديدة. وأتضح لي من التجربة المهنية المتواضعة والدراسة الأكاديمية في الإعلام وفنون الاتصال الجماهيري أن الحملات الإعلامية تقترب من الحملات السياسية، من طريق دراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والسياسي للمجتمع، في أثناء الإعداد لخطة الحملة بهدف تحليل خلفية المجتمع بشكل عام، فضلاً عن تهيئة الأرضية الصالحة لتنفيذ الحملة والاستعمال المخطط لوسائل الاتصال وصولاً إلى إحداث التأثير المطلوب في الجمهور، ومما يسهم في إنجاح الحملات هو انتشار التعليم وثقافة الجمهور وحرية الصحافة والإعلام، إذ يعد وجود السلطة السياسية بيد الجمهور أمراً ضرورياً بهدف إرضائه وكسب تأييده. وتتباين الحملات الإعلامية فيما بينها على وفق التخطيط لها ومحتواها ونطاقها الجغرافي والزمني، إذ تصنف تلك الحملات لاعتماد عنصر التخطيط فيها على (الحملة المخططة- الحملة المفاجئة)، وحول ما يدور محتواها (الحملة الإعلانية- الحملة السياسية- حملة التنمية)، وحسب نطاقها الجغرافي (الحملة المحلية- الحملة الوطنية- الحملة الإقليمية- الحملة العالمية)، وكذلك نطاقها الزمني (الحملة الطويلة الأمد- الحملة المتوسطة الأمد- الحملة القصيرة الأمد). إذ تدخل الحملات في عمل وسائل الإعلام دوراً كبيراً في الصراعات الدولية والإقليمية مثل حملات الإعلام الغربي، في محاولة لمحاصرة الفرد والمجتمع عبر شبكة واسعة من قنوات الإعلام على مستوى الرأي العام الدولي بهدف نشر المفاهيم والنظريات الليبرالية وتكريسها، وقد تم توظيف الحملات المثيرة التي يمكن أن تعتمد على الفضائح السياسية والمالية والأخلاقية.