
![]() |
الأنساق الجمالية للفظ والمعنى في دعاء مكارم الاخلاق لــزين العابدين ع |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : مؤيد عليوي تناول العرب القدماء عن زماننا هذا قضية اللفظ والمعنى في القرن الثاني الهجري بدأت مع الخليل بن احمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه وحتى وصلت الى نقطة خلاف بين البلاغيين والمتكلمين بأفضلية اللفظ على المعنى او بأفضلية الاخير على الاول، حتى كانت اللقاء بين الجاحظ وعبد القاهر الجرجاني حيث عند الجاحظ(أن المعاني ملقاة على قوارع الطريق، يعرفها العجمي والعربي،والقروي والبدوي، وإنما الشأن في أقامة الوزن وتخيّر الالفاظ) وهي حقيقة أن معاني الحب والعشق وحب الأوطان في نفس كل أنسان عاشق لكن مَن يُعبر عنها بفن وجمالية دقيقة وأختيار اللفظ مع الوزن المناسب والقافية المعبرة وهذا لا يتخلف عمّا جاء به عبد القاهر الجرجاني عن الأبداع في النظم وليس سواه بحسب نظرية النظم عنده، وما النظم في جزء منه إلا أختيار لفظ وسبك معنى مع الوزن المناسب في الشعر، فالمعاني عنده تنبع من النفس حيث تريد، لتنتظم في نحو معين- وفي هذه النقطة من جغرافية نظرية النظم- يكون أختيار الالفاظ المعبرة عن المعاني، لتساق في نظمها مع الوزن في الشعر. هذا في الشعر الذي كان ديوان العرب قبل الاسلام وصار بديلا عنه القرآن الكريم والحديث الشريف وخطب رسول والامام علي والهما ص، وفيما كان الشعر سهلا على العربي بفطرته وعاطفته وتفاعل نفسه مع ايقاع الطبيعة التي يعيشها فالشعر من البدائية قبل النثر عند جميع الامم والشعوب ، والنثر قولا او كتابة خطوة اكثر تقدما على الشعر حيث حيز الفكر والعقل يشغل مساحة اكبر من العاطفة..، وقد كان ومازال النثر يصعب حفظه مثل الشعر، إلا اذا كان متصل من وجهة اللفظ والمعنى في نظم واحد لم ينقطع الناثر العربي عنه لبرهة في نظمة وهذا ما نجده دعاء كميل المشهور للامام علي أمير المؤمنين ع ومثله في أدعية الصحفية السجادية للامام علي بن الحسين زين العابدين بن رسول الله ص، مما يسهل حفظ هذه الادعية على القارئ والسامع لها، وكذلك لقربها من النفس البشرية بفطرتها القرب من الله بالدعاء بها إذ الرغبة النفسية بالدعاء تجعل حفظها اسهل حتى من حفظ الشعر. كما ان الرغبة النفسية لحفظ النثر ايضا رغبة بما فيه كلام يسهل امر حفظه لكن ليس كأدعية اهل بيت النبوة ع لأنهم اعلام الهدى وسادة البلاغة والافصاح وملكوك الكلام . قال رسول الله (ص) : ( أنما بعثتُ لأتمم مكارم الاخلاق ) صدق رسول الله ص من هذا الحديث الشريف اخترنا دعاء "مكارم الاخلاق" من الصحيفة السجادية لبحث الانساق جمالية للفظ والمعنى فيه . حيث جاء النسق الاول منذ السطر الاول في طلب تحسين العلاقة بين العبد وربه كما في ((أَللَّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَبَلِّغْ بِإيْمَانِي أكْمَلَ الاِيْمَانِ، وَاجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ، وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إلَى أَحْسَنِ النِّيَّـاتِ، وَبِعَمَلِي إلى أَحْسَنِ الاعْمَالِ..)) وينتهي هذا النسق ((وَلاَ اُكْـرُومَـةً فِيَّ نَاقِصَةً إلاّ أَتْمَمْتَهَا)) في الفاظ ومعان معبرة سهلة الحفظ والتأثير في النفس الانسانية . أما النسق الثاني يبدأ من ((أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَئانِ الْمَحَبَّةَ وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ، وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ الثِّقَةَ، وَمِنْ عَدَاوَةِ الاَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ، وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي الاَرْحَامِ الْمَبَرَّةَ، ومِنْ خِـذْلانِ الاَقْرَبِينَ النُّصْـرَةَ،...)) معبرا عن طلب التعويض من الله في علاقة الانسان بأخيه الانسان والمجتمع حيث ينتهي هذا النسق ((وَوَفِّقْنِي لِطَاعَةِ مَنْ سَدَّدَنِي وَمُتَابَعَةِ مَنْ أَرْشَدَنِي)). النسق الثالث في طلب وتوسل من الله تبارك وتعالى باصلاح حال داخل النفس وضبطها بما يرضي الله سبحانه (( أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَسَدِّدْنِي لاَنْ أعَـارِضَ مَنْ غَشَّنِي بِالنُّصْـحِ، وَأَجْـزِيَ مَنْ هَجَرَنِي بِالْبِرِّ وَاُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ وَاُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي بِالصِّلَةِ واُخَـالِفَ مَنِ اغْتَابَنِي إلَى حُسْنِ الذِّكْرِ، وَأَنْ أَشْكرَ الْحَسَنَةَ وَاُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَـةِ. أللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّـد وَآلِـهِ وَحَلِّنِي بِحِلْيَـةِ الصَّالِحِينَ، وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ المُتَّقِينَ فِيْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَإطْفَاءِ النَّائِرَةِ وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ، وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ ..)) وينتهي هذا النسق ب((نُطْقاً بِالْحَمْدِ لَكَ وَإغْرَاقاً فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ، وَذَهَاباً فِي تَمْجيدِكَ وَشُكْراً لِنِعْمَتِكَ وَاعْتِرَافاً بِإحْسَانِكَ وَإحْصَاءً لِمِنَنِكَ. )) النسق الرابع والاخير ويبدأ (( أللّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ وَلاَ اُظْلَمَنَّ وَأَنْتَ مُطِيقٌ لِلدَّفْعِ عَنِّي، وَلا أَظْلِمَنَّ وَأَنْتَ القَادِرُ عَلَى الْقَبْضِ مِنِّي، وَلاَ أَضِلَّنَّ وَقَدْ أَمْكَنَتْكَ هِدَايَتِي، وَلاَ أَفْتَقِرَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُسْعِي، وَلا أَطْغَيَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُجْدِي. أللَّهُمَّ إلَى مَغْفِرَتِكَ وَفَدْتُ، وَإلَى عَفْوِكَ قَصَـدْتُ، وَإلَى تَجَـاوُزِكَ اشْتَقْتُ، وَبِفَضْلِكَ وَثِقْتُ..)) وفيه تتجلى المعاني التي جاءت في الانساق الثلاثة لكن بالفاظ مختلفة وبمعاني اكثر عمقا مما يعلم الادب في التوجه الى الله بالدعاء وكيفية التوسل بالله بالفظ والمعنى الذي يريده الامام علي بن الحسين زين العابدين ع. وينتهي هذا النسق الرابع في نهاية دعاء "مكارم الاخلاق " ((وَانْهَجْ لِي إلى مَحَبَّتِكَ سَبيلاً سَهْلَةً أكْمِلْ لِي بِهَا خَيْرَ الدُّنْيَا وَالاخِـرَةِ. أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَأَفْضَلِ مَـا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ قَبْلَهُ، وَأَنْتَ مُصَلٍّ عَلَى أَحَد بَعْدَهُ، وَآتِنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ النَّار)) . |
المشـاهدات 509 تاريخ الإضافـة 08/10/2023 رقم المحتوى 30651 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |