
![]() |
ماذا صنعتم؟ |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : يسألني: ماذا صنعتم؟ قلت: ماذا تقصد؟ قال: ماذا قدمتم للدنيا المعاصرة؟ وأردف: لا تحدثني عن ما ضيكم الذي إكتشفناه , وأنتم عنه غافلين!! قلت: قدمنا أسواقا لمنتجاتكم!! حدّق بوجهي متحيرا , وقال: أنتم عالة علينا , تستعملون ما ننتجه وتتبجحون , وكأنكم البالونات المنفوخة بدخان النفظ الأسود!! وأضاف: أنتم تتطفلون على الآخرين , وبسبب النفط تحولتم إلى موجودات لا تعمل ولا تنتج , ولا تستطيع إطعام نفسها , ولا توفير حاجاتها اللازمة لأمنها الحياتي!! أخرسني فيما قاله , فما عندي ما أحاججه به , وقد أسكتني عندما أركن الماضي في مكانه , وطلب مني أن أبرهن له بمفردات الحاضر المعاصر , الذي وجدته خاويا , وخاليا من أي إبداع مادي يشير إلينا بتميز ووضوح. عدت أفكر بكلامه , وأحاول أن أجد ما يساعدني على الرد الموضوعي السديد , فأصابتني الخيبة وتملكني الإحباط. فمجتمعاتنا عقيمة بإبداعاتها المادية , وأكثر ما تتفاخر به الكلام الذي تسميه إبداعا , وهو من وحي الآخرين , وإستنساخ لما عندهم من صور ومشاهدات دوّنوها بمداد الحياة , وكأننا الصدى المشوش المضطرب الإيقاع. واقعنا لا يقدم دليلا على أننا صنعنا شيئا مهما يفيد البشرية , وندّعي ما ندّعيه من الكبرياء والغرور , ورؤوسنا غاطسة في أوحال التبعيات والخنوع لإرادات الأقوياء إبداعيا , والمتفوقين علينا صناعيا وزراعيا. فنحن متميزون بإعدام النخيل وتجريف بساتينه , وبمعاداة أنهارنا , وطيورنا , ولا نهتم بالثروة الحيوانية , وبعض دولنا دمرت البنية التحتية لمسيرتها الصناعية التي بدأت في النصف الثاني من القرن العشرين. والعديد من مجتمعاتنا تحارب المتميزين والناجحين وتنغص عليهم أيامهم وتدفعهم للهجرة إلى بلاد الدنيا , التي تشتثمر مواهبهم وتستفيد من طاقاتهم , والحديث ذو شجون وأكثر. فهل كان صاحبي محقا فيما قاله؟!! |
المشـاهدات 851 تاريخ الإضافـة 27/11/2023 رقم المحتوى 34167 |