عندما أطلق مقاتلو هجوم 7 أكتوبر عدداً من المدنيين، ضمنهم مجموعة من النساء، بعد عودتهم خارج سور حصار غزة، تحدثت أكثر من امرأة ممن اطلقن عن المعاملة الإنسانية للفلسطينيين والحرص على سلامتهن وتوفير كل ما يضمن لهن راحة ممكنة، ضمنها الادوية التي احتجن لها.هذه كانت افادتهن مباشرة بعد إطلاق سراحهن، فأثارت غضب السلطات الصهيونية التي يترأسها نتن ياهو، إلى حد أن مسؤول المخابرات الإسرائيلية وصف ما تحدثن به بـ "الكارثة" التي تلمع الفلسطينيين، واخذ على القنوات التلفزيونية أنها نشرت تصريحاتهن بدون حذف أو تعديل أي شيء.وجاء موقف المسؤولين المتطرفين هذا ضمن المخطط المتواصل الرامي إلى تصدير صورة "المقاتل الفلسطيني المتوحش الذي لا يرحم طفلاً أو امرأة أو رجلاً عجوزاً"، وكل التوصيفات الشنيعة التي دأب الإعلام الصهيوني على دمغ مقاتلي حركة التحرير الفلسطيني بها.وعملياً فأن استمرار الإعلام الصهيوني بـ "افتعال" صور الوحشية الفلسطينية، التي يصنعونها في استوديوهات خاصة، كانت مستمرة منذ عام 1948، لكن الوقائع، سواء تصريحات من أطلق سراحهم، أو قضية المرأة الحامل ناتغاري يو ملكان التي أسرها المهاجمون وما حيك حولها من تضخيم، حد أن زوجة نتن ياهو كتبت إلى زوجة بايدن تناشدها التدخل لتحرير الحامل الأسيرة لدى الفلسطينيين الهمج.وضمن منهجية مدروسة في الإعلام المضلل للعنصريين النازيين الصهاينة لم يشر جميع المتحدثون الإسرائيليون إلى اسم المرأة، لكن تسرب صورتها ونشرها في وسائل الإعلام الإسرائيلية، كان موضع اهتمام "إنساني" كبير داخل إسرائيل وبقية العالم، فقامت مؤسسة إعلامية مستقلة بتحقيق استقصائي عنها، فتبين أنها غير متزوجة وليست حامل، لأنها مكتفية بطفليها.وأثارت قضية كذبة ولادة المرأة ومعاناتها تساؤلات واسعة عن مصير أكثر من 4000 طفل قتلوا في هجمة نتن ياهو على غزة، وأكثر من 7000 فلسطيني اخرين قتلتهم طائرات وصواريخ إسرائيل أميركية الصنع.إن الصهاينة المتباكين على محرقة النازية لليهود، مارسوا كل أساليب غوبلز في تشويه صورة الشعب الفلسطيني وتلميع إنسانية إسرائيل، لكن الوقائع في كل هجمات القوات الصهيونية منذ عام 1948 تسجل وحشية متناهية بقصد ترهيب الفلسطينيين واجبارهم على النزوح عن وطنهم.وبالطبع فأن الحركة الصهيونية المتحالفة مع قوى ما بعد الإمبريالية العالمية، بالأخص واشنطن، تتشارك جميعاً في وحشية التعامل مع الشعوب، وتسطير الأكاذيب لتشويه حركة التحرر العربي وبقية حركات التحرر في العالم. ذلك أن الصهاينة وقوى ما بعد الإمبريالية تريد إعادة صياغة العالم بشكل تتحكم ليس فقط بموارده، إنما في احتلال ارضه وتحويل من يتبقى من المواطنين إلى عبيد وليس اجراء. ولعل ما قيل عن أسلحة الدمار الشامل في العراق هي بعض من الكذبة الرامية إلى تدمير البنى التحتية لبلد ناهض، ومنع قوى المعارضة من ترتيب نفسها وإسقاط النظام الشمولي قبل الاحتلال، كونها ليست معنية بالأصل بإسقاط الشمولية، إنما مسك مفاصل البلاد وإشاعة عدم الاستقرار فيه وبقية المنطقة، بالأخص سوريا ومصر بعد العراق.إن الصهاينة والإدارات الأميركية وبقية الإمبرياليين يكذبون ويكذبون ولديهم اقوى وسائل دعاية وإعلام لترتيب "أكبر الأكاذيب" لتكون مقبولة...فهم كما قال غوبلز "اعطني إعلاماً بلا ضمير اعطيك شعباً بلا وعي"...لكن الحقائق وبعض الاحرار ما زالوا يتصدون استقصائيا، والمقاومة المسلحة، لأكاذيب القطب الوحيد وحلفائه، بجانب تبين الحقائق التي تفضح اكاذيبهم ولو بعد تمريره لبعض الوقت.