
![]() |
الفخر في الشعر العربي |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : سامي ندا جاسم الدوري الفخر فن من فنون الشعر الغنائي يتغنى فيه الشاعر بنفسه أو بقومه انطلاقا من حب الذات كنزعة إنسانية طبيعية . ولم يكن الفخر هدفا بحد ذاته ، لكنه كان وسيلة لرسم صورة عن النفس ليخافها الأعداء فتجعلهم يترددون طويلا قبل التعرض للشاعر أو لقبيلته .قال زهير بن أبي سلمى في الفخر / ومن لم يذُد عن حوضه بسلاحه يُهدّم ومن لا يظلم الناس يُظلم يعد الفخر غرض من أغراض الشعر الجاهلي إذ يعتز من خلاله الشاعر بشجاعته وقوته وكذلك بشرف النسب والكرم والجود ومرتبته الاجتماعية إضافة إلى معاقرة الخمرة ، قال طرفة بن العبد / وما زال تشرابي الخمور ولذتي وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي والفخر هو الاعتزار بالفضائل الحميدة التي يتحلى بها الشاعر أو تتحلى بها قبيلته، والصفات التي يفتخر بها الشعراء هي الشجاعة والكرم والنجدة ومساعدة المحتاج، والفخر يشمل جميع الفضائل. أما الحماسة فهي الافتخار بخوض المعارك والانتصارات في الحروب، فالحماسة تدخل في الفخر ولكن ليس كل فخر حماسة ، قال السموأل بن عاديا في الفخر بالكرم / وما أخمدت نار لنا دون طارق ولا ذمنا في النازلين نزيل وهنلك الفخر بالوفاء قال السموأل / وفيتُ بأدرع الكندي ، إني إذا ما خان أقوام وفيتُ وهنالك الفخر بالقوة ، قال عنترة بن شداد / إني أنا ليث العرين ومن له قلب الجبان محير مدهوش إني لأعجب كيف ينظر صورتي يوم القتال مبارز ، ويعيش الفخر هو أحد ضروب الشعر العربي، من العصر الجاهلي ويبدع الشعراء في الفخر، حيث يختاروا أصدق الكلمات والمعاني التي تعبر عن حالتهم، فالفخر مثلا يكون بالأنساب والقبائل والفخر بالنفس ، قال عنترة / خُلقتُ من الجبالِ أشدَّ قلبا وقد تفنى الجبالُ ولستُ أفنى أنا الحصنُ المشيدُ لآلِ عبسٍ إذا ما شادتِ الأبطالُ حصنا شبيهُ اللّيلِ لوني غيرَ أَنّي بفعلي منْ بياض الصُّبح أَسنى جوادي نسبتي وأبي وأمي حُسامي والسنانُ إذا انْتسبْنا لقد كان لكل قبيلة شاعرها الذي يبدع في الفخر بقبيلته ليرد بها على القبائل الأخرى، ويرتبط الفخر عادة بالشجاعة والكرم والوفاء والحلم، وظل الفخر في تطور على أن أصبح من أصدق ضروب الشعر وأقربها للنفس والذي برع فيه مجموعة من الشعراء الكبار منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث،ومن ذلك قصيدة لأبي فراس الحمداني / أراك عصي الدمع شيمتك الصبـر أما للهوى نهـي عليـك ولا أمـر بلى، أنا مشتـاق وعنـدي لوعـة ولكـن مثلـي لا يـذاع لـه سـر إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى وأذللت دمعا مـن خلائقـه الكبـر سيذكرنـي قومـي إذا جـد جدهـم وفي الليلة الظلمـاء يفتقـد البدر والفَخْرُ هو غَرَضٌ مِن أبْرَزِ أغْراضِ الشِّعْرِ في العَصْرِ الجاهِليِّ، يَنْطوي على الزَّهْوِ والاعْتِزازِ بالنَّفْسِ والقَبيلةِ، والتَّغنِّي بالأمْجادِ، ويكونُ عادةً بادِّعاءِ أشْياءَ للنَّفْسِ أوِ للقَبيلةِ ليستْ في مُتَناوَلِ الجَميعِ .وقدْ كانَ لطَبيعةِ المُجْتمَعِ القَبَليِّ دَوْرٌ بارِزٌ في إذكاءِ ذلِك الغَرَضِ الشِّعْريِّ وتَقْويتِه؛ إذ كانَ المُجْتمَعُ البَدَويُّ يُقَدِّرُ الحَميَّةَ والأنَفةَ ، قال الكميت الازدي في مدح بني هاشم / طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ ولاَ لَعِبَاً أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ ولم يَتَطَرَّبنِي بَنضانٌ مُخَضَّبُ وَلاَ أنَا مِمَّن يَزجرُ الطَّيرُ هَمُّهُ أصَاحَ غُرَابٌ أم تَعَرَّضَ ثَعلَبُ ولا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً أمَرَّ سَلِيمُ القَرنِ أم مَرَّ أَعضَبُ وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ ومع مرور الزمن أتى الإسلام واتجه الشعراء للمدح عبر إضافة اللمسة أو الطابع الإسلامي ، وقد اهتم الشعراء بشعر مدح القبائل التي توضح تلك الصفات قُوَّةَ الجَسديَّةَ والصَّبْرَ على المَكارِهِ، ويَتغنَّونَ بالشَّجاعةِ والتَّهوُّرِ والانْدِفاعِ؛ ولِهذا كانَ يَطْغى ذلِك الجانِبُ على جَميعِ الأغْراضِ الأخرى، كالمَدْحِ والغَزَلِ والرِّثاءِ وغيْرِها، بدَليلِ أنَّ المَجْموعاتِ الَّتي سُمِّيَتْ بالحَماسةِ إنَّما أخَذَتْ هذا الاسمَ لغَلَبةِ الحَماسةِ على سائِرِ الأغْراضِ والأبْوابِ، والحَماسةُ ما هي إلَّا لَونٌ مِن الفَخْرِ ، قال طَرَفةُ بنُ العَبْدِ / إِذَا القومُ قالوا مَن فَتًى؟ خِلتُ أنَّني عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلَّدِ ولَستُ بِحَلَّالِ التِّلَاعِ مَخافةً ولكنْ متى يَسترْفِدِ القومُ أرْفِدِ فإن تَبْغِني في حَلْقةِ القَوْمِ تَلقَني وإنْ تَقتَنِصْني في الحوانيتِ تَصْطَدِ متى تَأتِني أَصْبَحْكَ كَأَسًا رَوِيَّةً وإنْ كنتَ عنها ذا غِنًى فاغْنَ وازْدَدِ والفَخْرُ في الشِّعْرِ الجاهِليِّ نَوْعانِ:أحَدُهما: فَخْرٌ شَخْصيٌّ؛ حيثُ يَتغنَّى الشَّاعِرُ بأمْجادِه وأخْلاقِه وبُطولاتِه ومَآثِرِه ومَحامِدِه، ومِن أبْرَزِ شُعَراءِ هذا اللَّوْنِ مِن الشِّعْرِ قول عَنْتَرةُ بنُ شَدَّادٍ / هَلَّا سَأَلْتِ الخَيْلَ يا ابنةَ مالِكٍ إنْ كُنْتِ جاهِلةً بِما لمْ تَعْلَمي لا تَسْأليني واسألي بي صُحْبَتي يَمْلأْ يَدَيْكِ تَعَفُّفي وتكَرُّمي يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقيعةَ أنَّنِي أَغْشى الوَغى وأَعِفُّ عنْدَ المَغنَمِ إذْ لا أزالُ على رِحالةِ سابِحٍ نَهْدٍ، تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ
|
المشـاهدات 692 تاريخ الإضافـة 24/12/2023 رقم المحتوى 36113 |