النـص :
في هوس ديني عجيب ، وتخبط عقائدي ليس له مثيل ، أصبح كل طرف اليوم ينظر إلى التاريخ من الزاوية المناسبة له ..فنجد أكثر كتب التاريخ والدين التي بين أيدينا ليس لها محتوى سوى العمل على إعلاء شأن شخص على آخر، وتفضيل فلان على فلان ...وإن فلان كان أحق من فلان .. لا لشئ من ذلك إلاّ لإيغار الصدور ..وتحميل الأنفس مالاتطيق ...وبث الكراهية تجاه الآخر... بما يجعل العلاقة والتعايش بين أبناء هذا الجيل أمراً صعباً ومستحيلاً ..اليوم كتب التاريخ والروايات والأحاديث تجعل من الموتى هم الأحياء ونحن الأموات ..تجعلهم هم الآمرون ..ونحن المأمورون ....فهم يحركون من قبورهم الفتنة والأقتتال والصراع بيننا كما كانوا هم يتقاتلون بينهم ..ونحن الأحياء نتقاتل اليوم لأجل أن تتم المعركة حتى نهايتها ...نتقاتل لنأخذ لهم ثاراتهم ، ونرد لهم حقوقهم ، ونقتص من بعضنا البعض نحن في القرن الواحد والعشرين لأجل أنتقامهم وأقتصاصهم هم في صدر الإسلام ومابعده .الكراهية والحقد والبغض بين المسلمين وطوائفهم ومذاهبهم اليوم ليس لها علاقة بمشاكل الحياة العصرية والتنافس السياسي الشريف والتقدم العلمي المنشود ..بل هي مرهونة بمشاكل التاريخ ووقائعه وحوادثه الغابرة التي ليس لنا مسؤولية عنها ولاعلاقة لنا بماشجر بينهم من خلافلات وصراع ..!!إننا شعب ماهر بأستجلاب مصائب التاريخ وخلافاته ونواقضه وأسقاطه على واقعنا وحياتنا ، ثم إعادة أنتاجه بشكل يثير الصراع ويجعل العيش بين الناس مستحيلاً ..!فنحن بالواقع عبيد لمراحل تاريخية عفى عليها الزمن وطويت صفحاتها الغابرة ..ولكن كلما دثرّها الزمن عدنا لننبش فيها من جديد ، ونريد اليوم إعادتها ومحاسبة من يعيش معنا على أخطاء الماضين ..فأصبح أولئك الموتى هم من يتحكمون بحياتنا ويقررون مصائرنا ومستقبلنا ، وهم من يقررون (من قبورهم) كيف نعيش ... وكيف نموت ..!
|