
![]() |
المعلم في الشعر العربي |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : سامي ندا جاسم الدوري العلم أساس بناء الحضارات، به تُبنى البلاد وعليه فإنّ التعليم مجال أساسي، يجب أن تُوليه الدولة اهتمامها وتُنفق عليه الأموال، فالمعلّم أساس العملية التربويّة وقائدها، فهو الذي يُديرها ويُنظّمها، ويجعلها فعالةً بعطائه الدائم ومعرفته الواسعة وخبرته المتنامية، فالمعرفة أمان ونجاة، والجهل خوف وطريق نحو الانحدار . لا يقتصر دور المعلم فقط على التعلم، بل هو المربي الاول ذو الدور الفعال في المدرسة، فهو القدوة الحسنة التي يجب أن يحتذى به الطلاب والطالبات . قال الشاعر / أشعلت روحك في الآفاق مصباحا ورحت تزرع في الأوطان أرواحـا ورحت توقد في الأبـدان مفتخـرا عزيمة تغمـر الأكـوان إصباحـا ورحت تبني منارات العلا شهبـا وتوقـد الحلـم آمـالا وأفراحـا حملتَ همّ بنـاء الجيـل متّخـذا من درب أحمدَ للأمجـاد مفتاحـا وقفت نفسك في ذات الإلـه ومـا طلبتَ شكـرا وتقديـرا وأمداحـا المعلم بحقّ صانع الأجيال وأكثر مؤثرٍ فيها، فلولا وجوده لما كان للعلم مكانةً ولظلّ الناس غارقين في جهلهم لا يلحقون بركب العلم والعلماء، ولا يملكون المعرفة ولا الخبرة، فهو صاحب الفضل الأكبر في تقدّم الأمم وبلوغها قمة العلم في الاكتشافات والاختراعات؛ لهذا يحتلّ صاحب هذه المهنة العظيمة مكانةً كبيرةً منذ الأزل، وينال المحبة والتقدير والاحترام . المعلم هو باني العقول وهو أكبر مؤثر فيها، وهو الذي يُربي النشء على أن يكونوا جنود المستقبل، وهو البحر الذي يزخر بكلّ ما هو لازم للتربية والتعليم، وكلما كان الطلبة منضبطين حريصين على أن يستفيدوا من المعلم كلما كانوا أكثر علمًا ومعرفةً، ومربي الأجيال هو أكبر مؤثر في المجتمع؛ لأنّه يسدّ الفجوة بين العالم والجاهل . قال الإمام الشافعيّ عن المعلم / اِصبِر عَلى مُرِّ الجَفا مِن مُعَلِّمٍ فَإِنَّ رُسوبَ العِلمِ في نَفَراتِهِ وَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَةً تَذَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِهِ وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعًا لِوَفاتِهِ نعم ان مهمة المعلم تكون في جعل الطلبة أصحاب خلقٍ رفيع يُؤدّون الأمانة، ولا يخونون ولا يكذبون ولا يعرفون الغش ولا الخداع، كما يحرص المعلم على أن يكون قدوةً لطلابه، فيتصرف أمامهم بالطريقة المثالية الخالية من التصنع، وأن يكون مثلًا أعلى لطلابه في كلّ شيء؛ كي يأخذوا عنه العلم والمعرفة والثقافة بكلّ ثقة، خاصةً أنّ الطلبة يتأثّرون بشخصية المعلم بدرجة كبيرة. كل يوم هو فرصة لقول كلمة حق في المعلم وتقديم الشكر له ولو قليلًا، والتعبير عن الحب الكبير له والامتنان لكلّ ما يفعله مع طلبته، خاصةً أنّ مهنة التعليم يعتبرها البعض بأنّها مهنة عامة ليس لها القبول الاجتماعي، رغم أنّ مهنة التعليم هي الأساس لظهور جميع المهن وهي الأساس في أن يكون للدولة كيانٌ واستقرار ونمو في مجال العلم والمعرفة والثقافة وحتى التربية. المعلم نبراسٌ للأخلاق والعلم والدين والثقافة والمعرفة، وقال الشاعر محمد رشاد الشريف في وصف المعلم / يا شَمْعَةُ فِي زَوايا الصَفُّ تَأْتَلِقُ تُنِيرُ دَرْبَ المَعالِي وَهِيَ تَحْتَرِقُ لا أَطْفَأُ اللهُ نُوراً أَنْتَ مَصْدَرُهُ يا صادِقَ الفَجْرِ أَنْتَ الصُبْحُ وَالفِلْقَ أَيّا مُعَلِّمٌ يا رَمْزَ الوَفا سَلَّمْتَ يَمِينُ أَهْلِ الوَفا يا خَيْرُ مِنْ صَدْقُوا لا فَضَّ فَوكَ فَمِنْهُ الدُرُّ مُنْتَثِرَ وَلا حُرِمْتُ فَمِنْكَ الخَيْرُ مُنْدَفِقٌ ومهما مرّ على المعلم من أعدادٍ كبيرة من الطلبة يظلّ عالقًا في ذهنه طلبته المتميزين، وكذلك الطلبة لا ينسون من درسهم أبدًا؛ لأنّ رسالة التعليم تُوسّع الآفاق، وتمنح الهيبة والوقار لمن يمتهنها، فيشعر أنّه مطالبٌ بأن يكون مثالًا يُحتذى بين الجميع طوال الوقت قال الإمام الشافعي / تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالمًا وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِمًا كَبيرٌ إذَا رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ وقد ميَز الله تعالى الإنسان عن سائر مخلوقاته بمنحه عقلاً يتدبر به، مولياً العلماء منهم المراتب الرفيعة، وقد أشار القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته إلى فضل العلماء ورفعتهم، وكما نجد في الأحاديث النبوية إشارةً واضحةً إلى أهمية المعلم وفضله على سائر الناس، فالمعلم ربان سفينة التعقل والتفكر والتدبر الذي يقود راكبيها إلى بر الوعي والثقافة، فهو ينير درب طلابه ويزيح عنهم عتمات الجهل، ويقودهم إلى دروب الأمل والمستقبل، قال صلى الله عليه وسلم: (صاحبُ العلمِ يستغفر له كل شيءٍ حتى الحوت في البحر. ) وقال ايضا ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) . ولعل أهم الشعراء الذين أشاروا إلى ذلك أمير الشعراء أحمد شوقي داعياً في طيات كلماته إلى وجوب تقدير المعلم واحترامه لما له من فضلٍ على الناس أجمعين .قال / قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا منذر منذر عبدالحر أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا يكتسب المعلم أهميته الحقَة من دوره الأساسي الفعال في بناء المجتمع، إذ أن عملية التعليم انتقالية تنشر الثقافة والقيم الأخلاقية، فهو الحاصد الأول لثمار التعلم، والذي بدوره ينقلها إلى أبناء المجتمع فيتذوقون حلاوتها شاعرين بلذتها منطلقين نحو زراعة بذورها في المجتمع داعيين إليها، ولا يمكن أن نغفل دور المعلم الكبير في الإلهام، فكم من معلمٍ ملهمٍ غيَر رؤى فردٍ من المجتمع، وأزاح عن ناظريه الخوف من التعلم، منيراً له دروب السعي والحلم بمستقبلٍ رغيد.إنً المعلم يسهم بشكل أو بآخر إلى إنسانية المجتمع، والدعوة إلى تبني قيم الخير ونبذ الشر، فالمعلم له الدور الأكبر في المجتمع فهو جذره الذي يتفرَع منه جميع أبناء المجتمع حاملين رسالة المعلم الأخلاقيةوالتعليمية . وكان للأدب العربي، ولا سيّما الشعر منه إهتمام كبير بالمعلّم. هذا الإنسان، والعنصر الاجتماعيّ الّذي لا يجوز إهماله، وإهمالُ دوره الحَيويّ في البناء، بناء الإنسان، والمجتمع بأية حالة من الأحوال. ولم يغفَل الأدب العربيّ الحديث عن هذا الموضوع الهامّ، والحسّاس، لا سيّما أن بعضاً من الشعراء كانوا معلّمين. فهم نقلوا معاناةَ المعلّم نقلاً صادراً عن تَجربة، وإحساس واقعيّ، ومعاناة حقيقيّة. قال ألإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه / ما الفخر إلّا لأهل العلمِ إنَّهمُ على الهدى لمن استهدَى أدلَّاءُ وقدرُ كلُّ امرئٍ ما كان يحسنُه والجاهلون لأهلِ العـلمِ أعداءُ ففُز بعلمٍ تعشْ حيًّا به أبدًا الناسُ موتى وأهلُ العلم أحياءُ للمعلم فضائل عظيمة ورسالة سامية وهو الذي يجتذب الناس من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة والعلم .يعطي المعلم كل ما لديه من معلومات لطلابه لبناء مستقبلهم ، ولا قيمة للعلم إذا لم يكن هناك من يتواصل مع الناس ويفهمها لهم. لأن المعرفة بلا عمل عديمة الجدوى وواجب المعلم إعطاء المعرفة للطلاب حتى يتمكنوا من العمل بها ، لأنه هو الذي يدرب وينتج الطبيب والمهندس والمحامي والمدير والجيش. . . إلخ. فلن تجد أي شخص في أي مهن أو أي مجال من مجالات العلوم المختلفة وألا للمعلم فضل عليه فهو عام وشامل وجامع لجميع المهن والعلوم . قال الشاعر ابن الوردي / اطلب العِلمَ ولا تكسَلْ فمـا أبعـدَ الخيرَ على أهـلِ الكَسَلْ واحتفـلْ للفقهِ في الدِّين ولا تـشتغلْ عنـهُ بـمالٍ وخَـوَلْ واهـجرِ النَّومَ وحصِّلهُ فمنْ يعرفِ المطلوبَ يـحقرْ ما بَذَلْ لا تـقلْ قـد ذهبتْ أربابُهُ كلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى وجمالُ العلمِ إصـلاحُ العمـلْ |
المشـاهدات 279 تاريخ الإضافـة 02/03/2024 رقم المحتوى 40890 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |