قصة قصيرة الورقة الأخيرة |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
فوز حمزة
فتحتُ الباب ، وألقيتُ بنفسي داخل سيارة الأجرة. لم تصدر مني غير كلمة واحدة وجهتها للسائق : إلى البحر. الجو الخانق ، وضجيج السيارات ، ووجوه الناس القلقة المتعبة ، كل ذلك دعوني لأبحث عن متنفس آخر. لم أجد أفضل منه ، وهاهو أمامي، كبيرًا عظيمًا . أيّ راحة تهبط عليَّ عندما أكون قربه ، نسماتٌ عذبة تداعب خصلات شعري كأنها تهمس في أذني ، وصوت أمواجه تحملني لعالم رائع !. بينما أنا هكذا فإذا بقدمي ترتطم بحزمة أوراق موضوعة داخل ملف أخضر. تلفتُ حولي لعليّ أجد أحدًا ، لا أحد !. الفضول دعاني لأفتح الحزمة وأبدأ بقراءة الأوراق. الورقة الأولى : اليوم قررتُ أخباره بأني راحلة ، نعم اليوم ، لم أعدْ أطيق صبرًا. مضتْ خمس سنوات، لا لم تمضِ ، بل سُرقت مني ، الوضع لم يعد يحتمل ، لا يتطلب الأمر مني سوى كلمة واحدة وتنتهي عذاباتي ، نعم اليوم سأخبره. الورقة الثانية : لم أستطع مصارحته ، الكلمات ماتت على لساني قبل رؤيتها النور، بقربه أُمسي كالعبد الأسير في حضرة سيده . الخوف يكبلني !. اليوم قررت ، كلمتين فقط : أنا راحلة ، اليوم وليس غدًا. الورقة الثالثة : اليوم وصل متاخرًا. الساعة تجاوزتْ منتصف الليل. الوقت غير مناسب لهكذا حديث . سأخبره غدًا وليس اليوم . الورقة الرابعة : عندما أقدم له الشاي ، سأخبره كل شيء ، سأقول له : لم أعد أطيقك ، لم أشعر بالسعادة يومًا معكَ ، أنت رجل أناني ، لا تحسن الاهتمام بغير نفسك ، لا تعرف معنى الحب ، إنسان متحجر القلب والمشاعر!. أين هو؟ لا أجده في البيت. لا بأس ، سأخبره غدًا وليس اليوم. الورقة الخامسة : أشعر بالمرض ، لا قدرة ليّ على فعل أيُّ شيء ، لن أكلمه اليوم ، بل غدًا. الورقة السادسة والستون : لدينا ضيوف اليوم ، الوقت غير مناسب للحديث ، ليس اليوم ، غدًا ساكلمه. الورقة التاسعة بعد المائة : ذهب اليوم في رحلة صيد مع أصدقائه ، حسنًا ، ساكلمه غدًا ربما وليس اليوم. مضتْ ساعة ونصف وأنا أقرأ في الأوراق. بحثتُ عن الورقة الأخيرة .. فلم أجدها !. |
المشـاهدات 110 تاريخ الإضافـة 17/11/2024 رقم المحتوى 55891 |