الجمعة 2025/5/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
نيوز بار
من السياحة الطبيعية أهوارنا – نص مفتوح- الهور و محاولة لاستيعابه وإنقاذه
من السياحة الطبيعية أهوارنا – نص مفتوح- الهور و محاولة لاستيعابه وإنقاذه
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 تأليف خيرية عبود ياسين و عبد الحليم مهودر

   

حمدي العطار

المقدمة

تعد الأهوار في جنوب العراق مكانا يحمل بين طيات المياه (الحضارة القصبية) فانت بالأهوار لا ترى الا الماء و القصب، بيوت الناس من القصب،أثاثهم قصب، العابهم من القصب ،أدوات طبخهم وباقي المستلزمات هي من القصب! فهل الشحة في الموجودات تؤثر سلبيا على عناصر الخيال لدى أهالي هذه الاماكن؟ أطلاقا فأن الموروث الشعبي يحمل الكثير من  الأساطير الخيالية لهذه المسطحات المائية العجيبة، واذا اردت ان تتعمق بالبحث وتسأل اهالي الهور عن تلك الحكايات فلا تحمل معك تلك الأشياء (الكاميرا و الدفتر و القلم) فهؤلاء البشر يريدونك ان تصغي لهم لترى الصدق في عيونهم وليرون التعجب والاثارة في عيونك ، و تلك الاشياء تبعدك عنهم ! هم لا يعطونك معلومات بالأرقام عن الأهوار بل هم يضعونك في عمق المياه و أسرارها ، فحركة الاسماك في الماء تختلف عن حركة الافاعي ! كما ان (الآفة) التي نسمع عنها في حكايات الجدات ، هي شيء مفروغ منه وواقعيا في الاهوار، وهي عبارةعن ثعبان طوله 6 أمتار وفمه كبير يبتلع الانسان،وحينما يظهر في مياه الأهوار يعمل موجة كبيرة و أشارات تشبه موجات المذياع صعودا و نزولا وليس كحركات السمكة طولية ودائرية! وهناك كلام عن سفينة ضوئية ظهرت منذ الالأف السنين بالاهوار وعن سلسلة ذهبية طويلة ومترابطة ،وعن رؤية (طبع قدم) تحت الماء طوله 3 أمتار ،موروثات و قناعات تصل الى حد التقديس عند اهالي الهور أياك ان تسخر منها لأنك من بيئة اليابسة والمدنية و تدخل الى الهور وتعده رحلة نهرية تنتهي حدودها وتاثيرها وانت تغادر (الشختور) مبتعدا عن الاهوار!

*عرض المحتوى

كتاب أهوارنا كان مليء بروح المكان وعمق التجربة. الأهوار عالم خاص، وكانك تدخل حضارة مستقلة عن الزمن الحديث، حيث كل شيء  من القصب، ولكنه يحمل رمزية البساطة و الارتباط بالأرض والماء.

الكتاب ما اكتفى بالجانب البيئي، ومصادر وانواع الاهوار والأسماك المتنوعة والحيوانات والطيور المهاجرة وانواع النباتات، بل راح يغوص في التراث الشعبي و الأساطير، وكلها تجسد عمق الخيال الجمعي لسكان الأهوار، كأنها ميثولوجيا حية. اللافت أيضًا موقف أهل الهور تجاه الزوار؛ لا يقبلون من يأتي فقط ليأخذ معلومات، بل يريدون تفاعلًا صادقًا ونظرة تحمل الاحترام لا الأستغراب.

*الطرح التاريخي

عجبني كيف تم توظيف  التاريخ، و ذكر تأثير تيمورلنك، و أصل الجاموس، وأن الأهوار ثالث مسطح مائي للطيور المهاجرة بعد الصين و جنوب أفريقيا! و أيضًا لم يغفل الحديث عن البنية الاجتماعية و العشائرية، و تأثير السياسات الحكومية المتعاقبة، لا سيما مأساة تجفيف الأهوار.

*معلومات تاريخية مهمة

في عام 1400 م بعد هجوم (تيمولنك) على بغداد انهارت السدود فاصبحت  المنطقة غارقة بالمياه"ص11

وهناك اشارة تأريخية "إلى أنه جيء بالجاموس من الهند لكن هذا الجاموس يتميز في صفاته و كبر حجمه وطريقة عيشه عن جواميس الهند و أنه موجود منذ (3500 قبل الميلاد) وأكثر .

*التركيبة السكانية للاهوار

إن ظاهرة التركيب القبلي أو العشائري للسكان واضحة اذ توجد تكتلات قبلية للسكان وقد اطلق عليهم العثمانيون (العشائر غير المحررة) ص21 و يؤكد الباحثان "ان تعامل الحكومات المتعاقبة مع مشكلة الاهوار (الانسان/ المكان) جعل من هذه المنطقة ، منطقة غير مستقرة فقد حرمت من التطور  و جوبه افرادها بقسوة فكان اندراجهم في التطور بطيئا او يكاد يكون معدوما.ان وصفهم بكلمتي (المعدان/ شروكي) بمثابة السب او هو الازدراء بعينه، وعندما جفف الاهوار وترك (أبن الهور) الذي تكيف مع محيطه لاكثر من خمسة الاف سنة واكثر من دون وسيلة للعيش."ص23

إن سكان الأهوار يتألفون من قبائل عربية ترجع في اصولها الى فرعي العرب (عدنان و قحطان)  ولا بد ان يمتزج معهم سكان اقدم من العرب على الرغم من ان (احمد سوسه) اشار إلى هجرة الساميين إلى العراق التي حصلت قبل مجيء السومرين .."هناك اشارات كثيرة في تاريخ العرب إلى قدم صلتهم بالعراق وصلة العراق بالجزيرة  حيث ترد (دلون) التي هي (البحرين) ومكان) و(عمان) واثار في( فيلكة) و(الامارات) و(شرق الجزيرة) وتيماء) وكلها مرابطة بحضارة وادي الرافدين، ولقد اشار التراث الاسلامي

ن (ابراهيم) "ع" ليس عربيا وان لسانه لم يكن عربيا ولكنه عندما عبر نهر الاردن إلى أرض كنعان حول الله لسانه إلى العربية (عبراني) وان اسماعيل "ع" تعلم العربية من قبيلة (جرهم)..وأن (اعرابي) زعيم المصري اصله من منطقة الاهوار (بلاس) نهر في منطقة (ام الشويج) يصب في الفرات وقد ذهب ابوه (عرابي) في حملة عسكرية إلى مصر.

 

*ديانات سكان الاهوار

يذكر الباحثان عن سكان الاهوار "من الناحية الدينية فهم  مسلمون  يعتقدون بالمذهب الاثني عشري(اصولية/ شيخية) والسادة من سلالة الرسول "ص" اذ انهم العنصر الاهم في تركيبة السكان ، الصابئة  المندائيون يتبعون يحيى المعمدان أو ماني، هناك من يعدهم بقايا الديانة المانوية أو بقايا الديانة السومرية التي كانت

موجودة قبل الاسلام. واصولهم ارامية وديانتهم متعلقة بالمياه، عدهم الطبري قبيلة في سواد العراق ليسوا بمجوس ولا يهود ولا نصارى!

*عادات وتقاليد سكان الاهوار

يذكر الباحثان بعض العادات الغريبة "في حالة القتل فأذا لم يؤخذ بالثأر  يتم تزويج امرأة الى اخ المقتول لاجل خلط الدم بين عائلتي القاتل والقتيل بدون مهر وتكون حرة بعد انجابها ولدا لعائلة القتيل، عندما يسقط الطعام من يد احدهم يطلبون منه تركه لكونه حصة الملائكة، وكذلك البصق في الفم للشفاء، اذ بصق الاله في الطين عند صنع الانسان، تقاليد الضيافة  العربية تتجسد في ابهى صورها اذ يستقبلك المضيف في اي وقت (ليل/ نهار) وديوإن المضايف بلا أبواب و شكلها يطابق بناءها عند السومرين اذ صمد هذا  اكثر من ستة الاف سنة وتوجد اختام تحمل صورا تطابق صورة المضيف، اما الزواج فان زواج الاقارب هو الشائع و إن بنت العم حق لأبن العم وله حق النهي ( النهوة) عليها في حال جرى خطبتها من شخص حارج العائلة، وتوجد عادة (رش الماء خلف المسافر) ، ويمشي الرجل امام المرأة اثناء المسير !

سرقة المواشي  البقر – الجاموس- يعد من سمات الشجاعة (مشاي الليل) ولكن اذا انكشفت السرقة فالجاموسة يكون فصلها اربع جواميس ، يميل ابن الهور الى خوالهم وليس إلى عمامهم! ، ويحب ابن الهور امتلاك السلاح ويفضله على الكثير من متطلبات حياته، فمن الصعب ان تجد بيتا يخلو من السلاح واكثر شيء يتفاخر به بندقيه أو مسدس، يرتدي الرجال الملابس العربية (الدشداشة- الغترة- العقال- العباءة- النعال، وقد يلبسون صاية- ودكلة) اما النساء فيلبسن (عصابة يلفن بها الرأس – شيلة- ثوب طويل- عباءة) ويلبسن العمامة، وقد يلبسن (الهاشمي) وهو عبارة عن ثوب خفيف يلبس فوق الثوب الطويل. ويعلقن الخزامات في انوفهم و يوشمن إجسادهن بوشم يحمل نفس الاشكال على(المهاف والبسط) ويعرف نوع الوشم (دك الصيمري) ، وعندما تدخل سلحفاة (ركة) بيت توضع فوق ترسها قليل من الطحين ، يعتقدون انها جاءت تطلب شيء"ص6

الديانات والعادات في الأهوار تستحق لوحدها دراسة؛ الشيعة، الصابئة، المندائيون، وحتى تقاليد الضيافة والزواج والنهوة، أو حتى الطقوس المرتبطة بالطبيعة كرش الماء خلف المسافر... كل هذا يرسم صورة مجتمع متماسك، رغم العزلة والصعوبات.

كتاب ( اهوارنا) - نص مفتوح- كتاب ممتع و يستحق القراءة والاهتمام.

المشـاهدات 81   تاريخ الإضافـة 12/04/2025   رقم المحتوى 61504
أضف تقييـم