كثيرة هي قصص الخيانات والغدر ، سواء كان الغدر من الافراد اوالجماعات ، وعلى الرغم من نبذ الشرائع والديانات السماوية والمبادئ والاخلاق ومقومات الانسانية والحق والعدل والايمان لتلك الصفة الذميمة ، الا انها تحولت من حالات فردية الى خيانات جماعية وتطورت الى خيانات دينية وقومية وعقائدية واممية ودولية؟!

يهوذا من الاسماء الشائعة بين الديانات السماوية القديمة سيما في الديانتين اليهودية والمسيحية ، وعُرفت هذه الشخصية بفضل المسلسل ذائع الصيت (يوسف الصديق) حيث كان من بين اخوانه الذين غدروه اخ اسمه يهوذا وكان من بين المترددين لما اتفق عليه الاخوان في رمي اخيهم في (غيابةِ الجب) او بئر الماء والقصة الباقية معروفة.

لكن من القصص غير المنتشرة لدى عامة الناس قصة يهوذا الاسخريوطي التلميذ الخائن الذي اوقع بالنبي عيسى (ع) ووشا به عند اليهود مقابل حفنة من الفضة ، كان واحدا من الحواريين الاثني عشر.. وكان قد احتل مركزاً مرموقاً, وقد وكلت اليه امانة الصندوق المشترك.

يقول المفكر عزيز السيد جاسم في مقال له نشرته جريدة العراق في حزيران 1984 عن هذه الخيانة : تمت اقذر عملية خيانة ضد نبي ومعلم وانسان من تلميذ واخ, وكان يهوذا قد اعطاهم علامة: "الذي اقبله هو هو فأمسكوه وقودوه في احتياط" ودنا يهوذا الى يسوع وقبله, قائلا: "سلام! يا معلم" فصاح به يسوع: "لماذا اتيت؟ ابقبلة تسلم ابن البشر؟" ثم اردف قائلا: "هي الان ساعتكم! وهذا سلطان الظلمة!"  واصبحت كلمة (يهوذا) كبيرة بحجم الخيانة في العالم ، واصبحت مدخلا ورمزا ومعنى واشارة في كل تنبيه عن قذارات تحاك في الليل, وفي الغرف السرية.

وليس هناك سجل مليء بالحوادث والاخبار كسجل الخيانة, الذي ابتدأ منذ مقتل هابيل على يد اخيه قابيل, واتسع مداه يمينا وشمالا واماماً ووراءً حتى اوشك ان يملأ ما اعتطته مصانع الورق من صحائف لعشرات السنين.

وعلى شدة اللعنات السماوية والارضية ضد الخيانات بانواعها, استمرت الخيانة مريعة, محيرة, مدمرة, معذبة, وفي الوقت ذاته شائعة, معتادة, لكثرة انواعها, ودرجاتها.

ويضيف السيد جاسم : (فعندما خان "فرانسيس بيكون" ولي نعمته "الايرل اي سكس" ودفع به الى المقصلة بوشاية قذرة, مسعورة ليس لديه اصغر تبرير, سوى ما املته نفسه الطماعة, المشبعة بنهم قاتل للسلطة والمال.