
![]() |
سلامات .. ريشان |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
رجاء الجابري كان مشهوداً لي بمهارتي في صيد الحيوانات البرية المفترسة ، أصدقائي بقريتي يفخرون بي ، فخرهم هذا كان محط أنظار الآخرين . *** في يوم ربيعي من آذار كنتُ جالساً في بيتي فطرق الباب صديقي . ترجاني ان أرافقه مع وفد لسواح اجانب جاؤوا للنزهة والصيد .. لا اعلم كيف اقتنعت بالذهاب معهم ، فأنا تركتُ هواية الصيد منذ فتره طويلة ، إذ كبرتُ وحالتي الصحية ليست على ما يرام ؛ مارس صديقي علي أنواعاً عديدة من الترجي والترغيب ، فاستجبتُ له ؛ اقتنعتُ بلحظة ضعف او لحظة يأس أو نحس او طمع او غباء او عدم دراية بالأمور ؛ تلك لحظة الموافقة أوصلتني الى انكسار نفسي مريب يخيب ثقتي بالناس الغرباء .. فقد كنت احس بأن شهرتي ومهارتي ستكشفان زيف الادعاء بهما ، إذ كثيرا ما تحدث صديقي عنهما للسواح الأجانب ، كونه المترجم الوحيد في القرية.. انا اليوم رجل معرفة وحكمة وسداد رأي ، لا صياد براري .. لكنني بموافقتي على رفقة الصيد عرضت نفسي وكلبي "ريشان" لخطر كبير ، لقد كاد الظرف ان يؤدي بحياتي لولا بطولة كلبي "ريشان" . *** كان صديقي يعمل في دائرة المصايف والسياحة حين اقنعني بالذهاب الى الأهوار لصيد الخنازير برفقة مجموعة من السواح الاجانب ، وعندما وصلنا المكان المقصود ترجل الجميع من السيارة.. حملتُ بندقيتي الأثيرة لدي ؛ ذات الجشوة الواحدة ، برفقة كلبي "ريشان" .. وبينما نحن نتجه الى داخل اكمة من شجيرات الهور ألقينا نظرة على المكان ، وإذا بخنازير عديدة مختفية بين الشجيرات الكثيفة في المياه الضحلة ؛ يغطيهن القصب والبردي . اتجهتُ صوب أقرب واحد من جهتي في ضفة الخنازير .. وما ان رٱني متجهاً صوبه حتى هجم عليَّ مسرعاً بحيث لم يعطني فرصة ان اطلق عليه النار ، ووسط ارتباكي الشديد أطلقت طلقتي الوحيدة مسدداً إياها الى رأسه ، لكنه زاغ عنها بسرعة عجيبة فاصيب بخدش ، هاج وهجم ولم يسقط بل ركض نحوي . صار أمامي وجهاً لوجه ، عندها سقطت البندقيه من يدي من هول الصدمة وسقطت مغشياً عليَّ ؛ بعد لحظة قصيرة استعدتُ وعيي فرأيتُ ريشان مشتبكاً مع الخنزير بمعركة دامية ، بينما راح صديقي والسواح يجرون هاربين مسرعين نحو السيارة ليحتموا بها ، وتركوني جالساً على كومة من قش قديم ؛ حائراً خائفاً .. بعد وقت قليل ـ لا يمكن تخمينه ـ صحوتُ من غيبوبتي تماماً على أثر صراخ صديقي ووفد السواح .. حينما شاهدوني أحمل البندقية ثانية نادوا علي بصوت عال : اضربه في خاصرته لا في رأسه ؛ عندها تذكرتُ ان الضربة المميتة يجب ان توجه نحو القلب ، لا الى الرأس ولا الى الخاصرة . لم املأ البندقية ثانية فلربما سأصيب ريشان لا الخنزير. ابتعدت قليلاً والكلب ملتحم معه بمعركة شرسة.. وبرغم الدماء النازفة من رأس الخنزير لم يسقط على الأرض ، بل ظل يعض الكلب من كل مكان ؛ كاد يمزقه لو لم أتشجع من جديد وأملأ البندقية بحشوة جديدة . سددت عليه من جهة القلب ، عندها سقط يتخبط بدمائه. *** التفت لكلبي ريشان الذي أثخنته الجراح هو الآخر .. مسدتُ جسده كله ، وبمنديلي ضمدتُ رقبته وبجوربيَّ حففتُ فخذيه.. صديقي "ريشان" انقذ حياتي!. تركت الوفد والمترجم وعدتُ مع كلبي ريشان الى البيت!. داعبت أذنيه قائلاً له : سلامتك عزيزي... سلامات ريشان!!
|
المشـاهدات 149 تاريخ الإضافـة 11/06/2025 رقم المحتوى 63743 |